الأسبابٌ والدوافع في إصلاح القلب
هناك أصولٌ نفيسة وأسبابٌ دافعة في إصلاح
القلوب منها :ـ
1ـ القلب موضع نظر الله تعالى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر
إلى قلوبكم واعمالكم) رواه مسلم.
فالله تعالى يوم القيامة لا ينظر إلى
كم رصيدك أو ما هو منصبك ورتبتك، ولا ينظر إلى كم لديك من الأولاد والقصور والعقار،
ولكن الله ينظر إلى هذا القلب وما فيه من خيرٍ أو شر.
لذا ينبغي علينا أن نهتم بهذا العضو ونزيّنه بزينة
الإيمان والتوبة والإنابة،،،
الله تعالى انزل لباسين: لباسًا ظاهرًا
يواري العورة ويسترها ولباسًا باطنًا من التقوى يجمّل العبد ويستره، فإذا انكشف هذا
الغطاء انكشفت عورته الباطنة كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها من لباس..
2ـ صلاح الجوارح بصلاح القلب:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال (ألا و إن في
الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
فإذا كان القلب صالحًا فتبعًا لذلك تصلح الجوارح
فلا ترى العين إلا حلال ولا تسمع الأذن إلا الحلال ولا يقول اللسان إلا ما يرضي الله
تعالى، وإذا كان القلب فاسدًا فتبعًا لذلك تفسد الجوارح فترى العين تنظر إلى الحرام
والقنوات المحرمة والأذن يسمع الغناء والحرام وكذلك اللسان تجده يفري في أعراض الناس
صباح مساء .
يقول صلى الله عليه وسلم (لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم
قلبه حتى يستقيم لسانه).
3 ـ القلب كثيرُ التقلّب:
يقول صلى الله عليه وسلم (لقلب ابن آدم أشد انقلابًا من القدر إذا استجمعت
غليًا)
ويقول صلى الله عليه وسلم (إن هذا القلب
كريشةٍ بفلاةٍ من الأرض يُقيمها الريح ظهرًا لبطن) .
وفي هذا دليلٌ على أن القلب كانه ريشه
لخفته وسرعة تأثره بالفتن وهو كالثوب الأبيض يؤثر فيه أدنى أثر هو كذلك مثل المرآة
الصافية يؤثر فيها أدنى شيء.
4 ـ القلبُ عُرضةٌ للفتن:
يقول صلى الله عليه وسلم (تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا
فأيّ قلبٍ أُشربها نكتت فيه نكتةُ سوداء وأيّ قلبٍ انكرها نكتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى
تعود القلوب على قلبين: قلبٌ أسود مربادًّا كالكوز مجخيًّا، لا يعرف معروفًا ولا يُنكر
منكرًا إلا ما اُشرب من هواه، وقلبٌ أبيض فلا تضره فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض)؛
رواه مسلم.
فالقلب الأول يُصاب بمرضين
خطيرين هما:
1- لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا
وربما اشتبه عليه المعروف بالمنكر والمنكر بالمعروف وأصبحت السنة بدعة والبدعة سنة
والحق باطلًا والباطل حقًّا وهذا هو قلب المنافق وهو أشر قلوب الخلق.
2- تحكيمه هواه وانقياده
للهوى..
أما القلب الثاني فهو قلبٌ عرف الحق وقبله
وأحبه وآثره على غيره، قلبٌ قد أشرق فيه نور الإيمان ينكر فتن الشهوات والشبهات ولا
يقبلها البتة.
5ـ الأعمالُ تتفاضلُ بتفاضلِ ما في القلوب:
فقد تكون صورة العملين واحدة كالصلاة
مثلًا وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والسبب أن الأول مقبلٌ بقلبه على ربه
والقلب الثاني سارحٌ في هذه الدنيا بعيدًا غافلًا عن الله تعالى
يقول صلى الله عليه وسلم (ما من مسلمٍ يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيصلي
ركعتين مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة)؛ رواه مسلم.
إذًا العبرة بأعمال القلوب لا بأعمال
الجوارح؛ يقول الله تعالى: }الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ
أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2){ [الملك] .
وهنا قال الله: أحسن عملًا ولم يقل أكثر
عملًا، ولهذا كان الصالحون من هذه الأمة لا يهتمون بكثرة العمل.
وعلى هذا الأصل فإن "عبودية القلب
اعظم من عبودية الجوارح".
6ـ القلبُ هدفٌ للشيطان:
لمّا علم الشيطان عدو الله أن مدار النجاة على القلب أجلب عليه بالوساوس
والشهوات والشبهات وزيّن له الباطل ونصب له المصايد والحبائل حتى يُفسد هذا القلب ويجعله
بعيدًا عن ربه ومولاه غارقًا في بحر الفتن.
7ـ أمراض القلب خفيّة وإهمالها يؤدي إلى الهلاك:
مثل الرياء والعجب والكبر والشهرة وغيرها،
وهذه أمراض خفية قد لا يعرفها صاحب هذا القلب وهذا قد يؤدي به إلى الهلاك والعياذ بالله
تعالى، وهؤلاء اهتموا بالأعمال الظاهرة، وأهملوا أعمال القلوب ولم يراقبوا الله في
خلواتهم؛
فعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس
وهو من اهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة)
.
وخاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد
لا يطّلع عليها الناس؛ يقول الحسن البصري رحمه الله (النفاق اختلاف السر والعلانية والقول والعمل).
ويقول بلال بن سعد (لا تكن وليًّا لله
عز وجل في العلانية وعدوًّا له في السر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق