11 مايو 2023

المعايشة الإيمانية لأسماء الله الحسنى (القادر القدير المقتدر)

 


الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله القادر على كل شيء فقال تعالى } أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍعَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81){ [يس] .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. رب السماوات والأرض ، ورب المشارق والمغارب قادر على كل شيء فقال تعالى }فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ(41) { [المعارج].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ)...حدثنا عن قدرة الله تعالى فقال مبلغا عن الله تعالى ، قال النبي  (ﷺ) قال الله عز وجل: }يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ مسألتَه ما نقصَ ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيَط إذا أُدخِل البحر{ ] رواه مسلم[.
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلي يوم الدين ....
أما بعد .. فيا أيها المؤمنون
إن العلمَ بالله أحَدُ أركانِ الإيمان، بل هو أصلُها وما بعدَها تبَعٌ لها، ومعرِفَةُ أسماء الله وصفاتِه أفضلُ وأوجَب ما اكتسبَته القلوب وحصَّلته النفوسُ وأدركته العقول.
قال ابن القيّم رحمه الله: أطيَبُ ما في الدنيا معرفتُه سبحانه ومحبَّته.
لذا أمرنا الله تعالى أن ندعوه بأسمائه الحسنى فقال تعالى } وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ (180){ ] الأعراف[
وأمرنا بحفظها ومعايشتها ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي (ﷺ) قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ » ]رواه البخاري ومسلم[
قال أهل العلم: أحصاها يعني: علمها وآمن بها وعمل بمدلولها.
وأسماء الله سبحانَه أحسَنُ الأسماء، وصفاته أكمَلُ الصفاتِ، قال تعالي}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11) {[الشورى]. 
 وحقيقٌ بكلِّ مسلمٍ معرفتُها وفهم معانيها، والعمل بها ، والدعاء بها.

إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لهي من أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه بالله تبارك وتعالى.

فمن أسماء الله الحسني اسم الله "القادر القدير المقتدر" فإن تعرفتَ على هذه الأسماء وعايشتها معايشة حقيقية ،ستحب الله تعالى حباًّ كثيراً ، وتطمئن لوجوده بجوارك ،لذلك كان موضوعنا }المعايشة الإيمانية لأسماء الله تعالى القادر القدير المقتدر{ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ....

1ـ القادر ـ القدير ـ المقتدر في القرآن الكريم .

2ـ حقيقة القادر ـ القدير ـ المقتدر .

3ـ مظاهر قدرة الله تعالى .

4ـ المعايشة الإيمانية للقادر ـ القدير ـ المقتدر.

===================

العنصر الأول : "القادر ـ القدير ـ المقتدر" في القرآن الكريم :

لقد وردت هذه الأسماءُ مع مشتقاتها في كتاب الله ما يقرب من 130 مرة، منها 45 مرة كلمة "قدير"، و12 مرة كلمة "قادر"، وأربع مرات كلمة "مقتدر"، ويدور معناها كلها على قدرة الله المطلقة الفاعلة في الكون فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء . قال تعالى }وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا{ ] فاطر[

العنصر الثاني : حقيقة القادر ـ القدير ـ المقتدر:

سمّى الله ذاته العلية بالقادر في القرآن الكريم قال تعالى :} فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23){ [المرسلات] .

وقد ورد الاسم معرفاً مطلقاً على وجه المدح والكمال والتعظيم في قوله تعالى : }قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ  أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون (65){ [الأنعام] .

وقال تعالى }وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ(95){ [المؤمنون] .

وقدرته تعالى مطلقة ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، فأخبرنا رسولُ الله (ﷺ) }بقصة الرجل الذي كان يسرفُ على نفسه، فلما حضره الموتُ ، قال لبنيه: إذا أنا متُّ، فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح؛ فوالله لئن قدَرَ عليَّ ربي ليعذبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا، فلما مات، فُعل به ذلك، فأمر اللهُ الأرضَ، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلتْ، فإذا هو قائمٌ؛ فقال: ما حمَلَكَ على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتُك؛ فغفر له{؛ ]متفق عليه[

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قيل: يا رسول الله ! كيف يُحشر أهل النار على وجوههم ؟ قال : }إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم { [رواه أحمد] .

فالله تعالى قادر على فعل كل شيء فقدرته مطلقة ، ومشيئته فاعلة، أي شيء أراده الله وقع ، وهو سبحانه وتعالى : } فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107){ [هود] .

والقادر بمعنى التقدير : قال تعالى :} وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38){ [الأحزاب] .

والقادر: هو الذي يقدر المقادير في علمه ، فالله عز وجل قدّر كل شيء قبل صنعه ،وهو الذي نظم أمور الخلق ، قبل إيجادهم وإمدادهم.

وقال سبحانه :}إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3){[الطلاق] أي من التقدير ، ومن ثم إن " القادر " هو الذي يقدر المقادير قبل الخلق والتصوير .

وقال تعالى } وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ (21){ ]الحجر[

وقال تعالى :}وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39){ [يس] .

وقال تعالى:} إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49){ [القمر] .

والقدير : كامل القدرة، بقدرته أوجد الموجوداتِ، وبقدرته دبَّرَها، وبقدرته سوَّاها وأحكمَها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعثُ العبادَ للجزاء، ويجازي المحسنَ بإحسانه ، والمسيءَ بإساءته ، وبقدرته يقَلِّب القلوبَ ويصرفُها على ما يشاء ويريد ، الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون ".

قال تعالى: }أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير(106){ [البقرة]،

والقدير: يفعل كل شيء بعلمه وبحكمته ، فيقول الله سبحانه :} لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثٗا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ (49) أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ (50){ ] الشورى. رب عليم بحال البشر من ينفع له الاناث ومن ينفع له الذكور ومن ينفع له العقم. قدرته سبحانه هنا تتجلّى لأن العلم يقف ذليل أمام موضوع الخلق !

لا يستطيع العلم أن يبث الروح في هذه النطفة المزروعة لأن الله هو القادر وحده.

والمقتدر : من صيغ المبالغة. من الاقتدار معناه أنه المقتدر على جميع الممكنات بإحاطة تامة وقوة ، وهو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء .

قال الحليمي: "المقتدر: هو المظهرُ قدرتَه بفعلِ ما يقدرُ عليه".

وقال الزجاج: "المقتدرُ: مبالغةً في الوصف بالقدرة، والأصلُ في العربية أن زيادةَ اللفظ زيادة في المعنى".

ورد اسم المقتدر أربع مرات  في القرآن الكريم..

قال تعالى }وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا (45){ ]  الكهف[

وقال تعالى : } أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ (42){ ] الزخرف[

وقال تعالى: }كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ(42){[القمر].

وقال تعالى :} إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَهَرٖ (54) فِي مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِيكٖ مُّقۡتَدِرِۭ (55){ ] القمر[

العنصر الثالث : مظاهر القدرة الإلهية:

تتجلّى قدرة الله تعالى في خلق الكون بمظاهر ودلائل كثيرة منها ..

1ـ من مظاهر قدرة الله تعالى خلق السماء:

إنّ من أعظم مظاهر قدرة الله تعالى هو خلق السماء، فالمُتمعِّن في خلق السماوات يُدرك عظمة إعجاز الله تعالى في رَفعِها بغير أعمدة، وقد أعلاها في الهواء

بارتفاعٍ هائل يصعب الوصول إليها، وجعلها مستويةً لا ميلَ فيها ولا اعوجاج، وميّزها بإضاءتها في وضح النهار من ضوء الشمس، وظلمتها وعتمتها في الليل، قال تعالى } ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا (27) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (28) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا (29){[النازعات]

ومن بديع صنع الله تعالى أن سوّاها سبع سماوات؛ أي سبع طبقات بعضها فوق بعض، مستقيمة لا تباين فيها ولا تباعد، مستوية تدلّ على وجود الله تعالى واستحالة كونها من صنع البشر، قال تعالى } ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ{(3){  ] الملك[

2ـ من مظاهر قدرة الله تعالى أيضاً خلق الأرض:

فقد خلق الله تعالى الأرض وبَسَطها لتسهيل الحياة فيها، والانتقال فيها من مكانٍ إلى آخر، ولضمان معيشةٍ سويّة أخرج سبحانه وتعالى منها ينابيع الماء وأنبت فيها الزرع حتى يقتات عليها مخلوقات الأرض، قال تعالى }وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا(31){ [النازعات]

وقد وضع الله تعالى الأرض للأنام ؛ أي أخفضها وجعلها تحت أقدامهم، لتيسير انتفاعهم بها وبما فيها من الفواكه والحبوب والنخيل فتكون قوتاً لهم، والأزهار ذات الرائحة الجميلة، قال تعالى}وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ (10) فِيهَا فَٰكِهَةٞ وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ (11) وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ (12) {.[الرحمن].

3ـ من مظاهر قدرة الله تعالى الجبال:

تضمّن القرآن الكريم الكثير من الآيات الدّالة على عظمة الله تعالى وقدرته في خلق الجبال، حيث جعل الجبال للأرض كالوَتَد للخيمة في تثبيتها، قال تعالى: }وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا(7){ [النبأ] .

وقد جعل الله عز وجل  لهذه الجبال منافع عديدة غير تثبيت الأرض، ومن ذلك نبع الماء من داخلها للانتفاع به، فقد قال عز وجل }وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ (74){ [البقرة].

وأخبر الله عز وجل عن وجود عدّة ألوان مختلفة للجبال، قال تعالى }وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٞ (27){ ،[فاطر]

وكلُّ هذا يدلّ على عظمة قدرته سبحانه وتعالى في خلق الجبال.

4ـ من مظاهر قدرة الله تعالى خلق الكواكب والنجوم :

تتجلّى قدرة الله تعالى في خلق النجوم والكواكب في قوله تعالى:}وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ(5){ [الملك].

وقوله تعالى:}أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6){ [ق].

فقد خلق الله سبحانه وتعالى النجوم والكواكب لتُزيّن السماء فهي كالمصابيح في الليل.

فما أبهى السماء وما أجملها وهي تتزيّن بالنجوم والكواكب، قال تعالى:}وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ(16){ [الحجر].

كما جعل الله تعالى من ثمرات خلق النجوم والكواكب الاستدلال بها على الاتجاهات والطّرق، قال تعالى }وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ(16){.[النحل]

5ـ من مظاهر عظمة قدرة الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر:

تتجلى قدرة الله تعالى في خلق الليل والنهار والشمس القمر، قال تعالى }أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(29){ [لقمان].

6ـ من مظاهر عظمة قدرة الله تعالى خلق أصناف الثمار والفواكه :

 تتجلى عظمة قدرة الله تعالى في خلق أصناف الثمار والفواكه، قال تعالى}وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُصِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(4){.[الرعد] .

7ـ من مظاهر قدرة الله تعالى إنزال المطر وإنبات الشجر :

تتجلى عظمة قدرة الله تعالى في إنزال المطر وإنبات الشجر، قال تعالى }وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ نَبَاتَ كُلِّ شَيۡءٖ فَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهُ خَضِرٗا نُّخۡرِجُ مِنۡهُ حَبّٗا مُّتَرَاكِبٗا وَمِنَ ٱلنَّخۡلِ مِن طَلۡعِهَا قِنۡوَانٞ دَانِيَةٞ وَجَنَّٰتٖ مِّنۡ أَعۡنَابٖ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشۡتَبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٍۗ ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَيَنۡعِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمۡ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ (99){.[الأنعام].

عظمة قدرة الله تعالى في خلق السّحاب وتسييره نحو الأراضي الميتة حتى ينزل عليها المطر، قال تعالى }وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون(57){ [الأعراف]

8ـ من مظاهر عظمة قدرة الله تعالى خلق الإنسان :

تتجلى عظمة قدرة الله تعالى في خلق الإنسان، قال تعالى }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَة مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُر لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5){.[الحج] .

ومن مظاهر قدرته سبحانه وتعالى يخلق آدم بدون أب وأم ، ويخلق حواء بدون أم ، ويخلق عيسى عليه السلام بدون أب ، لذلك لما تعجبت السيدة مريم عليه السلام عندما جاءها الملك يبشرها بالولد قال تعالى }قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا (19) قَالَتۡ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞ وَلَمۡ أَكُ بَغِيّٗا (20) قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا (21){ ] مريم[

قال الله } هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا (21){ ] مريم[

وأيضا تظهر قدرة الله تعالى عندما تنعدم الأسباب المادية فتتجلى لنا القدرة الإلهية ، كما حدث في قصة نبي الله زكريا عليه السلام عندما بلغ من الكبر عتياًّ وامرأته عاقر لا تلد فقال تعالى } يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا وَقَدۡ بَلَغۡتُ مِنَ ٱلۡكِبَرِعِتِيّٗا (8) قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡـٔٗا (9) ] مريم[.

والأمثلة كثيرة على ذلك ، وماذا يُشَكِّل هذا الإنسانُ في حجم هذا الكونِ، الذي تُشَكِّل فيه الأرضُ برمتها نقطةً لا تُرى وسط الكواكبِ والنجوم والمجرات الأخرى؟ قال رسول الله (ﷺ): }ما السماواتُ السبعُ في الكرسيِّ إلا كحلقة ملقاةٍ بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ{ ]أخرجه ابن أبي شيبة في ((العرش))واللفظ له، وابن حبان ، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء))

وتتجلى قدرة الله تعالى في بعث الإنسان بعد الموت، ولا شك أن الذي خلق الإنسانَ من لا شيء  قادرٌ على أن يعيدَ بعثَه ليوم الحساب؛ قال تعالى }وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ (78) قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ (79) { [يس].

9ـ من مظاهر عظمة قدرة الله تعالى خلق الدواب :

تتجلى عظمة قدرة الله تعالى في خلق الدّواب والحيوانات، قال تعالى } وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٖ مِّن مَّآءٖۖ فَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ بَطۡنِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ رِجۡلَيۡنِ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰٓ أَرۡبَعٖۚ يَخۡلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ (45){.[ النور] .

10ـ من مظاهر عظمة قدرة الله تعالى خلق الماء :

تتجلى عظمة قدرة الله  تعالى في خلق الماء وتسخيره للشرب، فبغيره تموت الخلائق، قال تعالى } أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلۡمَآءَ ٱلَّذِي تَشۡرَبُونَ (68) ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ (69) لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ (70){ ] الواقعة[

 وقال تعالى }وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ (30){ ]الأنبياء[

11ـ من مظاهر عظمة القدرة الإلهية إهلاك الطغاة والجبارين ونصر المؤمنين:

من عظمة قدرة الله تعالى هلاك الظالمين رغم قوتهم وكثرة عددهم وعتادهم انظر إلى عاد وثمود قال تعالى }فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ (15) فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ (16) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ (17){ ] فصلت[.

وقال تعالى:}وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ )41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ(42){ [القمر].

ولقد أعجز اللهُ تعالى هؤلاء بقوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُواذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(73){ [الحج]؛ ليبين لنا ربُّنا عز وجل حقيقةَ هذا الإنسانِ المغرور بمادياته ومخترعاته.

وقال تعالى } اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54){ [الروم].

وقال تعالى }ولَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20){ ]البقرة[

لتمضي قدرةُ الله التي لا يمنعُها مانعٌ، ولا يحجُزُها حاجزٌ.

تتجلى قدرة الله تعالى في تعامل الله تعالى مع الجبابرة والطواغيت، فمن كان يتخيل أن فرعون الذي كان يقول "انا ربكم الأعلى" سيغرق علی مرآى من الطفل الذي بکی يوما في قصره يريد أن يرضع!

وأن النمرود الذي كان يقول : "أنا أحيي وأميت" ستقتله بعد هذا التجبر بعوضة!

ومن كان يتخيل أن بلال بن رباح سيقتل سيده القديم أمية بن خلف الذي اشتراه بدراهم معدودة وباعه بدراهم معدودة وبينهما أذاقه أصناف العذاب!

وأن عبد الله بن مسعود النحيل الفقير سيعلو صدر أبي جهل مسدلاً ستار حياة

مليئة بالكفر والطغيان!

ومن مظاهر قدرة القدير سبحانه وتعالى : قدرته في نصر أوليائه رغم ضعفهم وقلة عدتهم وعددهم، قال عز وجل }أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(39){ ]الحج[، وكما حدث للمسلمين يوم بدر فقال تعالى } وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (123){ ] آل عمران[

العنصر الرابع : المعايشة الإيمانية للقادر القدير المقتدر:

1ـ اليقين في الله تعالى :

من يعش في ظلال هذه الأسماء الحسنى يمتلئ قلبه باليقين في أن الله قادر على أن يحل جميع المشكلات، ويفرج جميع الهموم ، وقادر على تيسير جميع الأمور، وشفاء المرضى ، وقادرٌ على كلّ شيء سبحانه وتعالى، فعش مع القادر القدير المقتدر ،وَشُدّ بها خُيوط المُنى .. وقُل :" أيّتها الهُموم كُوني كيفما شِئت ؛ فإنّ لـي ربّاً قادراً قَديـراً مُقتدرا"!علِّم قَلبك يَقين القدرة كحال نبي الله يعقوب عليه السلام وهو يقول ‏{ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (83)}] يوسف[ .

وعَلِّمْ قلبك  قدرة الله كحال زكريا عليه السلام عندما قال.. { وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا (5)}] مريم[ .

فالطرُق لا تُسَدّ على مَن أيقنَ أنَ عند الله المَخارج كما حدث مع الثلاثة الذين دخلوا المغارة وأغلقت عليهم، فإنْ استبدَّ اليأسُ بقلبك ؛ فأنتَ لا تعرف ربّك، فإنْ بُليت بكربٍ لا انكشافَ له ؛ فالله أعظمُ ما يدعى به الله  !

ادْعُ القَـادر القَـديـر المـُقتَـدر.

كمْ مرة حدث للعَبد مَضائقٌ يَظنها أنها لا تَنتهِي ؛ فيبدّلها اللهُ بالحَوقلة تَبديلاً .. فكأنّها لَم تكن ! اسـألْ القَدير: صَفوك إنْ تُعَكـّر ، وأمركُ إن تعسّر.

وقُل : يا ربّ هذي الأماني بين يديك ، يا ربّ هذا الصَعب ليس بَهين إلاعليك !

اسأله بقوله { وليَبدِّلنّهم من بعد خَوفهم أمْنا } ؛ فإنـَّه قـادر !

ثمّ رتِّـل { فأرسَلنا عليهم ريـحاً وجُنوداً لم تَروها }كما حدث يوم الأحزاب عندما اجتمع الأحزاب حول المدينة وحاصروها وكان حال أهل الإيمان } يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ (10) هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا (11){ ] الأحزاب[  ..

ولله در القائل ..

كن مع الله ترَ اللهَ معكْ    واترُكِ الكلَّ وحاذِرْ طمعَكْ

وإذا أعطاك من يمنعُه؟    ثم من يُعطي إذا ما منعَكْ؟

وتنفّس الفرَج على باب القَدير !
2ـ التسليم الكامل لقدرة الله تعالى :
 يجب التسليم لقدرة الله تعالى بأنه المدبرُ لكل شيء، القادرُ على كل شيء، كما علمنا النبي (ﷺ) في حديث الاستخارة ، فيقول صاحب الحاجة : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كان رسولُ الله (ﷺ) يُعَلِّمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، يَقُولُ: }إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ…"{ ]البخاري[
وفيه اطمئنان العبدِ إلى قدرة الله، مع إظهار الضعف والجهل وقلة الحيلةِ مع الله تعالى، والانكسار بين يديه تعالى بأنه فعَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: }رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ، وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ ]البخاري[.
ومن ذلك أيضا الإيمان بأنه لا يحدث شيء في هذا الكون صغيراً كان أم كبيراً خارجاً عن قدرته تعالى قال تعالى: }قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(26){[آل عمران].
3ـ الدعاء باسم الله القادر القدير المقتدر:
كُل الملاجئ دون الله كاذبة ، وكُل الأحزان ليسَ لها من دون القدير كاشِفة !
اترُك ما سوى الله ، وتحرّر من نفْسك ؛ تَتبعكَ الأسبـاب !
لماذا لا تُلحّ على القَدير وأنت فَقير ! ناجه وقل إنّني يا الله مَددتُ قلبي إليكَ ؛ فلا تردّه إلا مَجبورا.
الذي جعل النارَ على سيدنا إبراهيم بردًا وسلامًا، والذي فلَق البحرَ نصفين بضربةِ عصا موسى، والذي فجَّر من الحجر ينابيعَ المياه، والذي وهب لإبراهيم وزكريا أولادًا مع الكبر والعقم ، هو الذي يُغنيك إذا افتقرت، ويثبِّتك إذا اضطربت، ويَشفيك إذا مرِضت، إذا صدَق لُجْؤُك إليه، وصحَّ اعتمادُك عليه، وسَلِم افتقارُك إليه؛ } أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(62){[النمل].
ولله در القائل...
ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ    فبالِافتقار إليك فقري أدفعُ
ما لي سوى قرعي لبابك حيلةٌ    فإذا رُددتُ فأيُّ باب أقرعُ.
ضع كلّ كروبك عند القادر القدير المقتدر فإنّه وحده سبحانه من يخلّصك منها.
ومن الأدعية التي علَّمنا رسولُ الله (ﷺ) أن نقولَها دُبرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: }لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ{؛ ]البخاري[؛ أي: لا ينفع صاحبَ الحظِّ حظُّه، ولا صاحبَ الغنى غناه.
4ـ الفقر والذل والانكسار بين يديه:
تحقّق بأوصافك يمدّك بأوصافه ، وکن بأوصاف ربوبيته متعلقاً ، وبأوصاف
عبوديتك متحققاً ، أي تحقّق بِذُلِّك يمدّك بعزّته ، وتحقق بعجزك يمدّك بقدرته ، وتحقق بضعفك يمدك بحوله وقوّته، وتحقق بفقرك يمدك بغناه.
5ـ عزة القلب مع الله تعالى :
من يعش في ظلال هذه الأسماء الحسنى يمتلئ قلبه بالعزة، فلا يسأل غير الله تعالى ، ولا يستعين بغير الله ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كنتُ خَلْفَ رسول الله (ﷺ) يوماً ، فقال لي : يا غلام ، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك ، إذا سألت فاسأل الله وإِذا استعنت فاستَعِنْ بالله " [الترمذي].
كان أحد الخلفاء الأمويين في الحرم المكي ، فالتقى عالماً جليلاً ، قال له : سلني حاجتك ؟
قال : والله إني أستحي أن أسأل حاجتي في بيت الله لغير الله ، مستحيل أنا في بيت الله ، فسكت هذا الخليفة .
فلما خرجا خارج الحرم ، قال له : سلني حاجتك ؟
قال له : والله ما سألتها مِنْ مَنْ يملكها!!
أفأسألها مِنْ:  مَنْ لا يملكها ؟
قال له : سلني حاجتك ؟
قال : أنقذني من النار ، وأدخلني الجنة ، قال له : هذه لا أملكها ، قال له : إذاً ليس لي عندك حاجة .
6ـ خذ حظك من القادر القدير المقتدر " أن تكون قوياً ، لأن النبي (ﷺ) قال : }المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلّ خير احرِصْ على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجزْ، وإن أصابك شيء فلا تَقُل : لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا { [البخاري مسلم]
أن يكون المسلم قوياًّ في التعامل مع أوامر الله تعالى فقال تعالى } خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ (63){ [البقرة]
و إعداد القوة اللازمة لنصر الدين الإسلامي قال تعالى } وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (60){ [الأنفال]
7ـ إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ..
فالله تعالى قادر على ما يشاءُ، لا يُعجزُه شيء، ولا يفوتُه مطلوبٌ، وإذا توفر عند
أحدنا قدرة فلابد أن يعلم أن قدرتَه مستعارةٌ، وهي عنده وديعةٌ من الله تعالى، ويجوزُ عليه العجزُ في حال، والقدرةُ في أخرى".
ولذلك فمهما قوي الإنسانُ وتمكَّن، ومهما استطاع وقدَر، فإن الله تعالى أقوى منه، وأقدرُ منه؛ ففي صحيح مسلم أن أبا مسعودٍ البدري رضي الله عنه قال: كنت أضربُ غلامًا لي بالسوطِ، فسمعتُ صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود !"
 فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني، إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: }اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود!{، قال: فألقيتُ السوطَ من يدي، فقال: }اعلم أبا مسعود أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام{، قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا.

وأخيرا.. يبقى أن نستشعر معنى القادر القدير المقتدر في حياتنا حتى تستقيم حياتنا ولا نبالي بأي هموم مهما كانت فننعم في الدنيا والآخرة ،فاللهم بلِّغنا مما يُرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالَنا.

=====================================

رابط doc

https://top4top.io/downloadf-2687xelpz1-docx.html


رابط pdf

https://top4top.io/downloadf-268716mk42-pdf.html


ليست هناك تعليقات: