13 مارس 2017

مناقب أمنا عائشة رضي الله عنها

مناقب أمنا عائشة رضي الله عنها


الحمد لله رب العالمين ...يصفي من عباده من يشاء . اصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ..فقال تعالي (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير ) الحج .74.

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير ... اصطفي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم وطهره تطهيرا فقال تعالي ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا . الأحزاب . 34،33 .

 وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم .أمر بحب أصحابه وآل بيته ونهي عن سبهم فقال صلي الله عليه وسلم ( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) أي نصف المد ) رواه البخاري .

 فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين .

 أما بعــــــــــــــــد ... فيا أيها المؤمنون

 لقد قام بعض النكرات بالنيل من أصحاب رسول الله وبعض أزواجه كأمنا عائشة رضي الله عنهم وعن آل بيت رسول الله جميعا . فهم لا يضرهم هذا الهراء فلا يضر السحاب نبح الكلاب ولكن واجبنا أن نقف مع هؤلاء الكبار فهذا شرف أن نتحدث عنهم وهم ليسوا في حاجة أن ندافع لأن الله تعالي اختارهم لصحبة نبيه صلي الله عليه وسلم وبرأ أمنا عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات بقرآن يتلي إلي يوم القيامة ويتعبد بتلاوته في سورة النور. وحديثا في هذا الموضوع يتناول عدة نقاط :ـ

 1ـ فضل الصحابة جملة .
 2ـ تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم .
 3ـ من هم آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم . 
 4ـ فضل أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها . 
 5ـ واجبنا نحو الصحابة رضي الله عنهم جميعا . 

العنصر الأول : فضل الصحابة جملة :ـ

 لقد ثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29) "
 والصحابة أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه " . كما قاله ابن مسعود _رضي الله عنه . "فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة " وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين -عليهم الصلاة والسلام- فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ في قول الله عز وجل ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (النمل:59)
قال : أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
 وقال تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18) وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم .
 ومما جاء في السنة : ومما جاء في فضلهم -رضي الله عنهم- حديث ابن مسعود _رضي الله عنه_ عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) " وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، وعزروه ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم ، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام " .
 ومما جاء في فضلهم ما رواه أبو بردة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) " وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض "

العنصر الثاني:  تحريم سب الصحابة :ـ

تحريم سب الصحابة والوعيد الشديد فيمن آذى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مغفل المزني _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) قال المناوي _رحمه الله تعالى_ " ( الله الله في حق أصحابي ) أي اتقوا الله فيهم ، ولا تلمزوهم بسوء ، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم ، وكرره إيذانا بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص ( لا تتخذوهم غرضا ) هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام هو تشبيه بليغ ( بعدي ) أي بعد وفاتي " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( مَن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .
 لقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردوا على كل من أراد انتقاصهم _رضي الله عنهم_ قال ابن عمر _رضي الله عنهما_ " لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره ". وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز فقال " لتراب في منخري معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز ".

 وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي -رحمه الله- فقال : يا أبا زرعة أنا أبغض معاوية . قال : لِمَ ؟ قال : لأنه قاتَل عليا . فقال أبو زرعة : إن ربَّ معاوية ربٌّ رحيم وخصمَ معاوية خصمٌ كريم فما دخولك أنت بينهما _رضي الله عنهم_ أجمعين . وقال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- " إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوء فاتهمه على الإسلام " وقال –رحمه الله تعالى- " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع "
 وقال بشر بن الحارث _رحمه الله تعالى_ " مَن شتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين " . ولعل كثيرا من الكتاب ممن في قلوبهم مرض الذين ينتقصون أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم – في الصحف وغيرها يرون أن الوقت لم يحن بعد لانتقاص القرآن والسنة فرأوا أن تقليل شأن الصحابة الكرام عند الناس هو من أخصر الطرق لرد الكتاب والسنة كما قال أبو زرعة _رحمه الله تعالى_ " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة " ا.هـ.
 وقال السرخسي _رحمه الله تعالى " فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب " ا.هـ .
 وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك _رحمه الله تعالى_ لمن انتقص الصحابة " علمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى -عليه السلام- وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى -عليه السلام- فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ وقد علمتُ من أين أوتيتَ لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟ أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عبت الشهداء والصالحين ، أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف " ا.هـ
 وقال ابن الصلاح _رحمه الله تعالى_ " إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة , ومَن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع " ا.هـ. ذكر فضلهم في كتب العقائد رفعا لشأنهم وعلوا لمنزلتهم : قال الطحاوي في العقيدة الطحاوية :ـ_رحمه الله تعالى " ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا نُفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم ، وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " ا.هـ.
 وذكر الحميدي رحمه الله تعالى أن من السنة " الترحم على أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كلهم فإن الله عز وجل قال ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ ) (الحشر:10) فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم ، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحدا منهم فليس على السنة وليس له في الفيء حق ، أخبرنا غير واحد عن مالك بن أنس " ا.هـ

 فينبغي علي المسلم ألا يقول إلا كما قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )

 العنصر الثالث : من هم آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم:ـ ـ 

هناك أربعةُ أقوالٍ في آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : *القول الأول : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أزواجُه وذريَّته ، هؤلاء هم آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأخذوا ذلك منَ اللُّغةِ ، قالوا : آلُ الرَّجُلِ أهلُه ، وأصلُ آل أهل ، ولذلك نحن نقولُ فلان تأهَّل يعني تزوَّج . و قالَ الله عن موسى : " وَسَارَ بِأَهْلِهِ (29) " سورة القصص )، أي بزوجتهِ ، وقالَ : " .... رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ...(73) " سورة هود )، إبراهيم وزوجته ، فأهلُ الرَّجُلِ زوجتُه وذريَّته فقالوا : إذًا آلُ الرَّجُلِ هم زوجتُه وذريته ، هؤلاء هم آلُ الرَّجل ، إذاً هؤلاء هم آل بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . ولذلك لما سئلت أمنا عائشة رضيَ الله عنها عن طعام النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في البيت فقالتْ : " كانَ طعامُ آلِ محمَّد قوتاً " . ( يعني الشيء اليسير ، وسمَّت بيتَها بيتَ آلِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ) وكانَ النبيُّ إذا دخلَ بيتَه أحياناً يقولُ : السَّلام عليكم أهلَ البيتِ ، لزوجتهِ عائشة أو حفصة أو... يسلِّم عليهنَّ بلفظِ أهلِ البيتِ . فهذا إذًا القول الأول أنَّ الأهلَ هم الزَّوجة والذُّرية ، وكلُّنا يعلمُ قولَ الله تبارك وتعالى عن امرأةِ العزيز لما جاءَ زوجُها قالتْ : " .... مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا ....(25) " سورة يوسف ، تعني نفسَها أنها زوجة العزيز .

 *القول الثاني : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم بنو هاشم ، أقارب النبيِّ منْ هاشم ، نحن نعرفُ الآنَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم محمَّد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب بنِ هاشم ، فقالوا : كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .

 *- القول الثالث : أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم جميعُ المؤمنين . جميعُ المؤمنين آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لأنهم تابعوه وناصروه ووقفوا معه ، فهؤلاء هم آلُه ، كما قالَ الله تبارك وتعالى : { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ(46) } سورة غافر ،
و ليس المقصود بآلِ فرعون أقارب فرعون وإنما المقصود أتباع فرعون على دينه . فقالوا : إذا سمَّى أتباعه آلاً ، سمَّى أتباعه آلاً له إذاً آلُ الرَّجُلِ هم مَنْ يتبعُه على دينهِ . فقالوا : كلّ مَنْ تبعَ شيئاً صارَ منْ آلهِ كما قال عبد المطلب عندما جاء أبرهة لهدم الكعبة. وانصرْ على آل الصَّليبِ وعابديهِ اليومَ آلَكْ وقالَ عن أتباع الصَّليب آل الصَّليب إذاً هذه ثلاثةُ أقوالٍ . كما ترون أنَّ جميعَ الأقوالِ هذه لها وجهٌ منْ حيثُ اللُّغةِ ولها وجهٌ منْ حيثُ النُّصوص ، والأقربُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ الرَّجُلِ زوجتُه وذُرَّيته لا شكَّ في هذا ، لكنْ آل الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بذاتهِ هم بنو هاشم بالأصالة لأنهم أقاربُه الأقربون صلَّى الله عليه وسلَّم ، ويدخلُ أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالتبعيَّة لما تزوجهنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم .

هناك قولٌ رابعٌ ضعيفٌ جِدّاً وهو ما يتبنَّاه الشيعةُ في هذا الأمر ، وهو أنهم قالوا : إنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أصحابُ الكساءِ ، يعنون عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسين فقط ، يقولون إنَّ هؤلاء آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . قالوا : لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جلَّلهم بالكساءِ ، وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعى عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وغطَّاهم بالكساء ( العباءة ) غطَّاهم ثم قالَ : " اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي ، اللهمَّ أذهب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيراً " .

نقولُ : نعم هذا دليلٌ على أنَّ هؤلاء منْ آلهِ لأنَّ فاطمةَ ابنتُه وعلي منْ أولاد عبد المطلب والحسن والحسين أبناء عليّ وأبناء فاطمة ، فطبيعي جِدّاً أنهم منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ ليس في الحديثِ أنَّ هؤلاء فقط هم آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . فالحديثُ يدلُّ على أنَّ هؤلاء منْ آلِ النبيِّ ، ولا يعني أبداً أنَّ هؤلاء فقط هم آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فالرَّاجحُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أبناءُ هاشم وأزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أمَّا أبناءُ هاشم فهم الذين حُرِّمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ ، و أمَّا أزواجُه فباقترانهِ بهنَّ ، وإلا قبلَ زواجهِ بهنَّ لم يكنَّ منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .

العنصر الرابع : فضل أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها :ـــ 

 روى الإمام أحمد عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام" وسأله عمرو ابن العاص رضي الله عنه فقال : أي الناس أحب إليك؟ فقال "عائشة" فقال ومن الرجال؟ قال :"أبوها"ثم من قال عمر ابن الخطاب ) فكفي أن الرسول كان كثيرا ما يقول"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلومني فيما تملك ولا أملك"فكان الرسول شديد الحب لعائشة أكثر من نسائه الأخريات. الصِّدِّيقةُ بنت الصِّدِّيق, حبيبةُ الحبيب, وإلفُهُ القريب, الطَّيِّبةُ زوجُ , والطَّيِّباتُ للطَّيِّبينَ والطَّيِّبونَ للطَّيِّبات الطَّيِّب ،المُبَرَّأةُ مِن فوقِ سبع سماوات, لم يتزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بِكْراً غيرها, ولم ينزل عليه الوحيُ في لِحافِ امرأةٍ سواها, ولم يَكُنْ في أزواجِهِ مَن هي أحبُّ إليه منها.

 من أفضل نساء الإسلام ومن افقه نساء الإسلام بدين الإسلام بل هي افقهن على الإطلاق . هيا الله لها البيت الكريم وأنبتها نباتا حسنا في بيت الصديق ثم شرفها فجعلها إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات ودخلت بيت النبوة في باكورة شبابها فصنعت على يد النبي وصارت تلميذته النجيبة والمرأة المسلمة المثالية . كانت الأثيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل في شانها قران يتلى آناء الليل وأطراف النهار فيه براءتها وتشريفها وعرف الصحابة مكانتها فحلت في أنفسهم المحل الأسمى وكانت مرجعهم في معضلات العلم ودقائق المسائل وتكرر ذكرها وبكثرة على الستة علماء الأمة وفي دواوين الإسلام الكبرى عبر القرون الماضية ولا زال تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم وهيَ ابنَةُ سِتٍّ وقيلَ سَبعُ سنينَ، وبنى بها وهي ابنةُ تِسعِ سنِينَ، وتُوفّي عنها وهي ابنةُ ثمَانِ عَشْرةَ. تُوفّيَت في شهرِ رمَضانَ ليلة الثلاثاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضتْ منه وذلكَ في سَنةِ ثمانٍ وخمسينَ. وصلى عليها أبو هريرةَ نائبُ مَروانِ ابنِ الحكَم بالمدينة، ودُفِنت بالبقيع بعدَ الوِتر مِن لَيلَتِهَا.

 عن هِشامِ بنِ عُرْوةَ عن أبيهِ عن عائشةَ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:" أُرِيْتُكِ في المنَامِ مَرّتَين، أَرَى أنّ رَجُلا يَحمِلُكُ في سَرَقَةِ حَريرٍ فيَقُولُ هَذِه امرَأَتُكُ فَأكْشِفُ فَأَراكِ، فأَقُولُ إنْ كانَ هَذا مِن عِندِ اللهِ يُمْضِه" اتّفقَ الأئمّةُ على صِحّته، رواه البخاريُّ ومسلم. وقَولُه"سَرَقَة حَرير" بفتح الرّاء وهيَ الشّقَّةُ، ويُمْضِه يُتْمِمْهُ واللهُ أعلَمُ.

ومَنامُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمنزِلَةِ الوَحيِ. قالت أمّ سلَمَة تقولُ:كَلَّمَني صَواحِبي أن أُكَلّمَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكانت أمُّ سلَمة وأمُّ حَبِيبَة بنتُ أبي سفيانَ وزينبُ بنتُ خُزيمةَ وجُوَيرية بنتُ الحارث وميمونةُ بنتُ جَحش في الجانِب الشّاميّ، وكانت عائشةُ وصَفِيّةُ وسَودَةُ في الشِقّ الآخَر، فقالت أمُّ سلَمة كلَّمَني صَواحِبي فقلنَ كلِّمِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فإنَّ النّاسَ يُهدُونَ إليهِ في بَيتِ عَائشةَ ونحنُ نُحِبُّ ما تُحِبّ فيَصرفُونَ إليهَ هَدِيّتَهُم حيثُ كانَ، قالت أمُّ سلَمَة فلمّا دخَلَ عَليّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ يا رسولَ الله إنّ صَواحِبي قَد أَمَرنَني أن أُكلّمَك تَأمُر النّاسَ أن يُهدُوا إليكَ حيثُ كُنتَ، وقُلنَ إنّا نُحبّ ما تُحِبّ عائشة، قالت فلم يُجِبني، فسألنني فقلتُ لم يرُدَّ عليّ شيئًا، فلمّا كانَت الثالثةُ عُدْتُ إليه فقال: لا تُؤذِيني في عائشةَ، فإنّ الوَحيَ لم يَنزِل عَليّ في لحِافِ واحِدةٍ مِنكُنّ غَيرِ عَائشةَ .

عن جعفرِ بنِ محمد عن أَبيه قال:لمّا ثَقُلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَرضِه الذي تُوفّيَ فيهِ قال:"أَينَ أنَا غَدًا" قالوا عندَ فُلانةَ، قالَ: " أَينَ أنَا بعدَ غَدٍ" قالوا عندَ فلانةَ، قال فَعَرفَ أَزواجُه أنّه يُريدُ عائشةَ رضي الله عنها، فقُلنَ يا رسولَ اللهِ قَد وهَبْنَا أيّامَنَا لأختِنَا عائشةَ". فضائلها ومناقبها :ــ السيدة الزاهدة:- لقد ثبتت السيدة عائشة على صعوبة الحياة وقسوتها فلم تغير منها شيئا وقد وصفها أبي نعيم في الحلية (كانت للدنيا قالية,وعن سرورها لاهية,والى فقد أليفها باكية.

السيدة العابدة:ــ
 تأثرت السيدة كثيرا بعبادة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه فيهالانها كانت الصق الناس به وأكثرهم اطلاعا على عباداته. السيدة السخية:ــ لقد بلغت السيدة عائشة ابلغ درجات الجود والسخاء , فكل مال يصل إليها تتصدق به سواء كثيرا أوقليلا.

والقصص في ذلك كثيرة.

 السيدة العالمة:
 وهو من ابرز صفات السيدة عائشة فقد بلغ علمها ذروة الإحاطة في كل ما اتصل بالدين من قران وتفسير وفقه وحديث حتى ذهب الحاكم في مستدركه الى أن ربع أحكام الشريعة نقلت عنها . و قد قال الزهري عنها: لو جمع علم عائشة الى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . وعن مسروق قال :"نحلف بالله لقد رأينا كبار الصحابة يسألون عائشة عن الفرائض."
 -فهي التلميذة النبوية -معلمة العلماء ،-السيدة المفسرة ، -السيدة المحدثة -السيدة الفقيهة ،
-معرفتها بالطب ، -معرفتها بالأنساب ، -السيدة الأديبة الفصيحة . ) ومِن فضلها أنَّه لا تُعلَمُ امرأةٌ في الدُّنيا هي أعلمُ بشرعِ الله منها, حُبُّها قُربةٌ, وبُغْضُها ضلالٌ, وسَبُّها فُجورٌ, وقَذْفُها كُفْرٌ,

وقد أجمع العلماء على كفرِ مَن قَذَفَها بعد براءتها؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ للقرآن. مَن رَضِيَها أُمًّا له فهو مؤمن, ومَن لم يرضها فليس بمؤمن, وصَدَقَ الله إذ يقول: ( النَّبيُّ أَوْلَى بالمؤمنينَ مِن أَنفُسِهِمْ وأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)

*فواجبنا نحوهم يتمثل في محبتهم والإقتداء بهم والدفاع عنهم والغيرة عليهم.فهذه بعض الكلمات علي لسن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
 يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
 وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
 زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
 وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
 أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ
 وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
 أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
 مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
 والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
 نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ ثانِيهِ
في الغارِِ الذي سَدَّ الكُوَى *** بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ مَنْ حَبَّنِي
فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ َسَبَّنِي *** إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي
 وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ بِمُبْغِضِي *** فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ
 إنِّي لَطَيِّبَةٌ خُلِقْتُ لِطَيِّبٍ *** ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ
 إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ فَمَنْ أَبَى *** حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
 اللهُ حَبَّبَنِي لِقَلْبِ نَبِيِّهِ *** وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي
 واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي *** ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِي
 واللهَ أَسْأَلُهُ زِيَادَةَ فَضْلِهِ *** وحَمِدْتُهُ شُكْراً لِمَا أَوْلاَنِي
 يا مَنْ يَلُوذُ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ *** يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ
 صِلْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ولا تَحِدْ *** عَنَّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ
 إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَالِ كَرِيمَةٌ *** إي والذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ
 خُذْها إليكَ فإنَّمَا هيَ رَوْضَةٌ *** مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ
 صَلَّى الإلهُ على النَّبيِّ وآلِهِ *** فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ
 فاللهم ارض عن أصحاب نبيك وأزواجه أمهات المؤمنين واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات: