المقدمـــــــة
الحمد ﷲ رب العالمين.. ربط بين الأمن والإيمان فقال تعالي } ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ (82){ ] الأنعام[ .
وأشهد أن لا إله إلا ﷲ وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير.. أنعم علينا بنعمة الأمن فقال تعالي {فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ (3) ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ (4)}]قريش[.
وأشهد أن سيدنا محمد رسول ﷲ صلى الله عليه وسلم.. دعا إلى كل عمل يبعث الأمن والاطمئنان في نفوس المسلمين،
و نهى عن كل فعل يبث الخوف والرعب في نفوس
المسلمين ، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم ربه:} اللهُم اسْتُـرْ عَوَرِاِتي، وَآمِنْ رَوْعَاِتي{ [رواه الإمام أحمد].
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلي يوم الدين.
أما بعد : فلقد حَرَصَ الإسلام علي ضمان وأهمية الأمن بمختلف صوره للإنسان تؤهله للاستمتاع بتلك الحياة، التي كرم ﷲ الإنسان بها، بما يعينه على أداء الطاعات والبعد عن المنكرات، كما حدد الشرع الحنيف.
والأمن كلمة كريمة شريفة ما وضعها ﷲ في شيء إلا عظمة وشرفه ورفع قدره، إذا أردت دليلا فأعلم أن ﷲ تعالي خص البيت الحرام بنعمة الأمن وزاده تشريفا وتعظيما وإجلالا، قال تعالي: }وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَيۡتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنٗا (125){.]البقرة [
وقال تعالي:}وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ (97){ ]آل عمران [ .
وتلك نعمة امتن ﷲ بها علي عباده المسلمين عامة وعلي أهل مكة خاصة وذكرهم بها قائلا سبحانه وتعالي:}أَوَ لَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا (57){ ]القصص[ .
وسيدنا إبراهيم عليه السلام علم جيدا قدر هذه النعمة فها هو عندما وضع زوجته وابنه وحيدين في مكان لا طعام فيه ولاشراب ولامسكن ولا أحد دعا ﷲ فقال تعالى }وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ (35){ ] إبراهيم[ وهنا لماذا قال "آمنا" لم يقل "اجعله كثير الطعام والشراب"، ولقد أدرك سيدنا إبراهيم عليه السلام قدر نعمة الأمن وعظمتها.
ويظهر اهتمام الإسلام بالأمن حتى في وقت القتال، فلا يصح إرهاب أو قتال من لا يحارب كالنساء، والصبيان، وكبار السن، الذين لا مدخل لهم في القتال ضد المسلمين.
فقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء في الحرب ، وقال حين شاهد امرأة مقتولة في إحدى المغازي :{ما كانت هذه لتقاتل } رواه أبو داود.
إن الأمن هبة من ﷲ لعباده ونعمة يغبط عليها كل من وهبها، وفي ظل الأمن والأمان تحلو العبادة، وهو مطلب الشعوب جميعا، وإن البلاد التي تنعم بالأمن تهدأ فيها النفوس، وتطمئن فيها القلوب وفي ظلال الأمن يعبد الناس ربهم ويقيمون شريعته ويدعون إلي سبيله وتعم الطمأنينة في النفوس، ويسودها الهدوء، فالأمن والأمان هما عماد كل جهد تنموي وهدف مرتقب لكل ا لمجتمعات على اختلاف مشار بها .
ولقد انتشر في مجتمعنا في الآونة الأخيرة بعض الظواهر السلبية التي أضرت بأمن المجتمع مثل ظاهرة البلطجة، واتخذت هذه الظاهرة صورًاً وأشكالاً متنوعة ،بل لا أبالغ إذا قلت أنها انتشرت حتى في البيوت والمجتمعات الخاصة، والذي تتمحور في إثارة الرعب بين الآمنين.
لذلك رأيت من الأمانة والمسئولية أن أبين مدي خطورة هذه }ظاهرة البلطجة :مظاهر ـ أسباب ـ علاج{ .وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ...
1ـ تعريف البلطجة .
2ـ مظاهر البلطجة .
3ـ تاريخ البلطجة .
4ـ أسباب البلطجة .
5ـ علاج البلطجة .
6ـ حكم مدافعة البلطجية الذين يعتدون على الناس .
7ـ الخاتمة.
تعريف البلطجة
معناها في الاستخدام الشائع:
فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين وإرهابهم والتنكيل بهم.
وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية ويتكون من مقطعين :"بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح.
والبلطجة اصطلاحا:
هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة ، وهي نابعة من احتياج صاحب القوة فردا أو مجتمعاً أو دولة لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية .
وهذه الكلمة مستعملة في مصر، ويعبر أهل اليمن عنها بالبلاطجة ، وأهل سورية بالشبيحة ،وفي المغرب بالشماكرية، وفي تونس بالميليشيا ،وفي ليبيا بالمرتزقة، وفي السودان بالرباطة .
مظاهر البلطجة كما وردت في القرآن والسنة
البلطجة لها مظاهر عديدة ومتنوعة كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية منها...
1ـ محاربة ﷲ والرسول والإفساد في الأرض
قال تعالى:} إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33){ [المائدة] .
وقال تعالى: }فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ (22){ [محمد] .
وقال تعالي}وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ (205){ [ البقرة] .
وقال تعالي} أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ (32){ [المائدة] .
وقال تعالي }ٱلَّذِينَ طَغَوۡاْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ (11) فَأَكۡثَرُواْ فِيهَا ٱلۡفَسَادَ (12){ [الفجر].
وقال تعالي}قَالُواْ يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ
فِي ٱلۡأَرۡضِ (94){ ]الكهف[
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول ﷲ صلى الله عليه وسلم : إن ﷲ قال: } من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ....{ ]رواه البخاري[ .
عادى : آذى وأبغض وأغضب بالقول أو الفعل .
ولياً: أصل الموالاة القرب وأصل المعاداة البعد، والمراد بولي ﷲ كما قال الحافظ ابن حجر: " العالم بالله، المواظب على طاعته ،المخلص في عبادته ".
آذنته بالحرب: آذن بمعنى أعلم وأخبر، والمعنى أي أعلمته بأني محارب له حيث كان محاربا لي بمعاداته لأوليائي.
2ـ الكبر والعزة بالإثم
قال تعالى :}قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ (29){ ]غافر[.
وقال تعالى: }وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ (206){[البقرة[.
وقال تعالي}إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ(34) { ]البقرة[
وقال تعالي }أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ (12) { ]الأعراف[.
وقال تعالي }قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ (75) قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا بِٱلَّذِيٓ ءَامَنتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ (76) ]{الأعراف[
وعن عبد ﷲ بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: }لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً ؟ قال: " إن ﷲ جميل يحب الجمال " الكبر بطر الحق، وغمط الناس{: احتقارهم .
3ـ الظلم وأكل أموال الناس بغير حق
قال تعالى: }إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظۡلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ (42){ ]الشورى[ ، وقال تعالي }فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا (160){ ]النساء[ ،وقال تعالي }إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا (10){ ] النساء[
وعن جابر بن عبد ﷲ رضي الله عنه: أن رسول ﷲ صلى الله عليه وسلم قال: }اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم{ ]رواه مسلم[ ،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول ﷲ صلى الله عليه وسلم قال} لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجَلْحاء من الشاة القرناء { ]رواه مسلم[
4ـ القتل والتنكيل والتهديد والتعذيب
قال تعالى: }إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَيَقۡتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)] {آل عمران[.
وقال تعالى: }إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ (4){ ]القصص[
وقال تعالي} قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابٗا وَأَبۡقَىٰ (71) { [طه] ، وقال تعالي }والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً (58) { [الأحزاب] وقال تعالي }وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا (33){ ]الإسراء[ ، وقال تعالي } وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا (93){ ]النساء[
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسوٍلٍ ﷲ صلى الله عليه وسلم قال: }لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حُفْرة من النار { [متفِق عليه].
وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : }من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يَنِزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه{
وعن جابر رضي الله عنه قال: }نهى رسول ﷲ صلى الله عليه وسلم أن يُـَتـعَاطى السيف مسلولاً{ [ رواه أبوداود، والترمذي وقال: حديث حسن[
هذه هي أهم صور البلطجة كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومن هنا يتبين لنا أن البلطجة تتعدد مظاهرها فهي إما: قتل أو تهديد ،أو استيلاء على حقوق الناس من غير حق، أو عن طريق البلطجة السياسية ، والإعلامية بفرض الرأي على الغير من غير مراعاة لحقوقه.
العنصر الثالث
تاريخ البلطجة
من خلال تعريف البلطجة يتبين لنا أن تاريخ البلطجة قديم منذ بداية البشرية، فنجد في قصة ابني آدم كيف حدَّ ث قابيل أخاه وكيف عزم على قتله ليكون أول مرتكب لجريمة قتل في تاريخ البشرية } قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ.. (27){ ]المائدة[، انظروا إلى هذه البلطجة السافرة، ويُصِر ويَعزم على قتله، وفي المقابل يقول له أخوه هابيل بروح سمحة وقلب صاف }لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (28){ ]المائدة[، ما الدافع الذي يدفع هذا الأخ إلى التسامح وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة؟. السبب هو الإيمان والخوف من ﷲ }إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ (29){ ]المائدة[، ولكن انتصرت نوازع الشر والظلم في داخله ليعتدي على أخيه }فَطَوعَتْ لَهُ نَـفْسُهُ قَـتْلَ أَخِيهِ(30){ ]المائدة[ ، وتستمر البلطجة في تاريخ البشرية مع كل نبي من الأنبياء ومع كل رسول من رسل ﷲ تبارك وتعالى. سيدنا نوح وماذا فعل معه قومه؟ قال تعالي }قَالُواْ لَئِن لَّمۡ تَنتَهِ يَٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمَرۡجُومِينَ (116){ ]الشعراء[،
سيدنا إبراهيم وماذا فعل معه قومه في مشاهد كثيرة ؟.
بلطجة القوم عندما ألقوه في النار لينتقموا لآلهتهم وأصنامهم،} قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ (68){ ]الأنبياء[.
بل تكرر أسلوب البلطجة مع نبي ﷲ لوط عليه السلام عندما قال له قومه }قَالُواْ لَئِن لَّمۡ تَنتَهِ يَٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُخۡرَجِينَ (167){ ]الشعراء[ وتقاسموا كمِا ذكِر ربنا عز وجل في القرآن بِصوِرة لا يقِبلها عقل ولا يقبلها منطق } قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ (49){ ]النمل[،
بل وعزموا على طرده وإخراجه من بلده }أَخۡرِجُوٓاْ ءَالَ لُوطٖ مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ (56) { ] النمل[، ومع سيدنا شعيب عليه السلام عندما قال له قومه وتوعدوه بأن يرجموه وأن يخرجوه بل وقالوا له بصريح العبارة}وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ (91){ ]هود[، ومع سيدنا موسى نرى هذا البلطجي الأكبر فرعون عليه لعنه ﷲ الذي قال زاعمًا }أَنَا ُّرَبكُمُ الْأَعْلَى(24){ ]النازعات[،وراح يذبح الأبناء ويستحيي النساء، بل قال بمنطق الغرور والتكبر: }أَلَيْسَ لي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْـهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي(51){ ]الزخرف[ ،فأجراها ﷲ من فوقه ليكون عبرة وعظة لكل بلطجي متكبر ولا يزال رَكْبُ البلطجة وأهل الباطل في استمرار يقفون في وجه الحق والعدل، وهكذا قال ربنا عز وجل عنهمِ }أَتَـوَاصَوِا به بَلْ هُمْ قَـوْمٌ طَاغُونَ(53){ ]الذاريات[، قال ربنا عز وجل عِن أهل الكِفر والشرك }لَا تَسْمَعُوا ِلهَذَا الْقُرْآن وَالْغَوْا فيه ..(26){ ]فصلت[،قال ربنا عز وجل }إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا لَوۡلَآ أَن صَبَرۡنَا عَلَيۡهَاۚ (42){
]الفرقان[، فأهل الباطل دائمًا يتواصون جيلاً بعد جيل يوصي بعضهم بعضًا بالثبات على الكفر والشرك والغرور والعياذ بالله.
~~~~~~~~~~~~~~~~
العنصر الرابع
أسباب البلطجة
1ـ غياب الوعي الديني في البيت والمدرسة.
2ـ غياب معني المراقبة لله عز وجل، إذا اختفي الرقيب ضاعت الأخلاق .
3ـ افتقاد قيمة الآخرة .
4ـ افتقاد الولاء لهذه العقيدة .
5ـ غياب القدوة الصالحة ليس هناك تربية بغير قدوة .
6ـ فقدان الطموح واضمحلال الهدف.
٧ـ الإعلام ، ونشر مشاهد البلطجة ، وظهور البلطجي على أنه بطل .
٨ـ البيئة السيئة .
٩ـ الإحباط الذي انتاب الشباب نتيجة التردي في حالة الأمة الإسلامية في جميع النواحي .
١٠ـ الفراغ الذي يعاني منه الشباب.
١١ـ البطالة .
12ـ مشكلات الجنس والمخدرات .
13ـ التربية الأسرية الخاطئة ، فالأب دائماً مشغول بحياته، والأم لا تفتش عن أولادها، ولا تقوم بتقويم سلوكياتهم، مما جعل أبنائنا عرضة لهذه الظواهر تجتذبهم نحوها، فيصبحون من أربا بها، ولو فطن المربون إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: }أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ{ ]متفق عليه[
~~~~~~~~~~~~~~~
العنصر الخامس
علاج البلطجة
1ـ التذكير بعاقبة البلطجة في الدنيا والآخرة
إن النبي صلى الله عليه وسلم يربي الأمة الإسلامية على أن هذا السلوك (سلوك البلطجة) يتنافى تمامًا مع الإسلام، وينذر بعواقب وخيمة من خلال آياتِ القرآن التي ينزلها ربنا عز وجل حكاية عن الأمم السابقة ماذا كان من أهل عاد عندما تكبروا وقالوا }مَنْ أَشَدُّ مَّنا َّ قُـوًةً) 15){ ]فصلت[،
ﷲ عز وجل أخزاهم فأرسل عليهم الريح؛ الريح هي التِي لقنتهم الدرس؛ِ الدرس القاسي، أرسل ﷲ عليهم الريح فحولت هذه القوة إلى ضعف وزوال }سَخَّرَهَا عَلَيْهمْ سَبْعَ لَيَال وَثَمَانيَةَ أَّيام حُسُوًمًا فَـتَـرَى الْقَوْمَ فيهَا صَرْعَى َّ كَأَنـهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧){ ]الحاقة[.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر مَن يسلك سلوك هذه البلطجة وهذا الاعتداء بأنه سيكون من المفلسين، ونحن هنا نحذر كل بلطجي احذر !!
فهذه الأموال التي تتقاضاها كي تعتدي على الآمنين على المسلمين بهذه الأموال لن تحقق الغنى الذي تريده بل ستكون مفلسًا. النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه }أتدرون من المفلس؟" قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال "لا: المفلس من يأتي يوم القيامة وقد سفك دم هذا وقد شتم هذا وأخذ مال هذا{ .
هذه هي البلطجة وهذه هي مظاهرها "فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته!" ماذا يفعل ﷲ عز وجل به يوم القيامة "يأخذ من سيئاتهم فتلقى عليه ثم يطرح في النار"، من يرضى لنفسه هذا المصير؟.
بل هناك ما هو أكثر من هذا؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم يجعل للإسلام مواصفات يجب أن يلتزم بها المسلم فيقول في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
ماذا يفعل البلطجية؟
إنهم يعتدون على الآمنين إما ببذاءات اللسان، وإما يبطشون بأيديهم يظلمونهم يعتدون عليهم ويأخذون أموالهم ويروعون بناتهم وأبناءهم، هؤلاء يفرطون في حق إسلامهم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
إذًا هذه دعوة لكل محب لرسول ﷲ صلى الله عليه وسلم "لا يستخدم يده في البطش والأذى، ولا يستخدم لسانه في إيذاء المسلمين، ولا يعتدي على حرمات المسلمين من أتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ولا أي إنسان مهما كان دينه؛ لأن البلطجة تهوي بأصحابها إلى الهزيمة في الدنيا، وإلى غضب ﷲ والإفلاس المحقق في الآخرة، بل والتهدِيد من رسولنا لهم جميعًا بعدم نيلهم شرف الانتساب لهذه الأمة المكِرمة عن عبْدِ ﷲِ بْنِ عُمَر أَن رَسُولَ ﷲ صلى الله عليه وسلم قَالَ: }مَنْ حَمَلَ عَلَيْنا ِّ السلاَحَ فَـلَيْسَ مّنا{رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم : }من أشارَ بحديدة إلى أخيه لفتهُ الملائكة حتى يدعها{ وقوله صلى الله عليه وسلم : }ليس منا من َّ رَوعَ مسلمًا{.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم كل من يقسو على الناس ويغلظ عليهم ، فعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: }ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كلُّ ضعيفٍ متضعِّف، لو أقسَمَ على الله لأَبَرَّه، ألا أخبركم بأهل النار؟ كلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُستكبِرٍ{ ]متفق عليه[.(عُتُل): يعني أنه غليظ جافٍ، قلبه حجر، والعياذ بالله؛ كالحجارة أو أشد قسوة. (جوَّاظ مستكبر) الجوَّاظ فيه تفاسير متعددة، قيل: إنه الجَمُوع المَنُوع، يعني الذي يجمع المال ويمنع ما يجب فيه.
2ـ التربية علي أن البلطجة سلوك الضعيف المهزوم
لقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم منطق القوة الذي قاله أبو جهل وعتبة وشيبة وأبو لهب وزناديق الكفر والشرك بقوة وثبات ، وكان منطقهم هذا يدل على مدى ضعفهم وانهزامهم ،قال أبو جهل عليه لعنة ﷲ عندما جاء إلى بدر وعلم بنجاة قافلة أبي سفيان وعرض عليه أهل الحكمة الرجوع ؛
ماذا قال؟ انظروا إلى البلطجة قال: (لن نعود حتى نرد ماء بدر فننحر الجزور، ونشرب الخمور، وتغني القيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا)، ماذا كانت النتيجة أخزاه ﷲ عز وجل فانهزم وانتصر النبي صلى الله عليه وسلم على هذه البلطجة الكبرى.
بل هناك مواقف كثيرة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تثبت لنا أن مجال القوة من أهل الباطل لا يُسْمِن ولا يُغْنِي عنهم شيًئًا ولا ينفعهم أبدًا.
في مكة وما أدراك ما مكة، لما جاءت قريش بكل ما عندها من قوة ووسائل بطش وتعذيب لتنكل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم مرات عديدة ماذا فعلوا مع سيدنا بلال؟ ومع سيدنا أبي بكر؟ ومع سيدنا عمار؟ وماذا فعلوا بأبيه ياسر وأمه سمية ؟ هذا هو منطق البلطجة ماذا نفعهم وﷲ ما نفعهم بشيء، زالت أفكارهم وطاشت عقائدهم ونصر ﷲ عز وجل الحق؛ لأن أهله قد ثبتوا عليه.
3ـ التربية الإيمانية للفرد والمجتمع
وهي ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان وتعويده منذ تفهمه أركان الإسلام وتعلمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة الغراء.
وربط الولد بأصول الإيمان بعالم الغيب وهي الأمور التي ثبتت عن طريق الخبر الصادق من الحقائق الإيمانية ، وهي تعني الإيمان بالله تعالي ، والملائكة، والكتب ،والرسل ،والإيمان بسؤال الملكين ،وعذاب القبر، والبعث ،والحساب ، والجنة، والنار، وسائر الغيبيات .
إن التربية الإيمانية هي تلك التربية التي تعلق القلب بالله
،وتخلصه من عوائق الدنيا ،وزخرفها ،وقو ا وحولها إلا بالله
عز وجل .
وهي التي تطهر القلب وتزكيه فلا يكون له تعلق بمال، أوجاه أو سلطان أو رفعة أو مكانة أو شهرة .
وهي التي تعني أكثر ماتعني بإصلاح القلب واستقامته وتحقق عبودية القلب لله عز وجل.
إن الإيمان بالله تعالي صانع المعجزات ،وهو الحاجز عن ارتكاب المنكرات، فلو تدبرنا قصة تحريم الخمر يظهر لنا التطور التدريجي في أخلاقيات المجتمع المسلم، وكيف حوّلهم النبي صلى الله عليه وسلم بتعاليم القرآن الراشدة من عباد للأوثان إلى قادة للعمران، ومن قطاع للطرق إلى قادة للأمم.
كان الناس متعلقون بالخمر قبل تحريمه، فحينما نزلت آيات تحريمه بعد تدرج في نزول آيات القرآن الكريم فما كان من الصحابة رضوان ﷲ عليه إلا أنهم امتثلوا للحكم فألقوا بالخمور في الطرقات فكانت طرق المدينة أنهارًاً من الخمر. هكذا فعل الإيمان بالصحابة رضوان ﷲ عليهم.
ولو قمنا بعمل مقارنة سريعة بين حالنا وحالهم، لوجدنا فارقاً كبيرًاً بيننا وبينهم، فالظلم أصبح ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا، حتى أصبح القوي يأكل الضعيف، والغني يظن أن له حقاً موروثاً عليه أن يأخذه من أموال الفقراء والمساكين.
وجدنا أثرياء ثراءاً فاحشاً، وفقراء لا يجدون لقمة العيش، ولا مسكن يأويهم من حرارة الشمس وبرد الشتاء.
فأول بوادر العلاج أن يتمسك المجتمع بتعاليم ديننا الحنيف، وأن يَحْتكِم إلى كتاب ﷲ وتشريعاته الإلهية ففيها النجاة والعلاج لكل أمراضنا وعللنا .
4ـ تربية النفس على دوام المراقبة ﷲ تعالى
إذا راقب الإنسان ربه في كل تصرفاته، فإنه سيستحي أن يظلم نفسه، فما بالك بظلم الناس !
وقد حثنا ﷲ على مراقبته في كل أحوالنا، فقال تعالى: }إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ (5) {
[آل عمران]، وقوله تعالى: }قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ (29){ [آل عمران].
واستشعار عظمة ﷲ تعالي وقدرته فإذا ما فكر الإنسان في الاعتداء علي آخر فعليه أن يتذكر قدرة ﷲ تعالي .
فبدوام المراقبة لله عز وجل نستطيع أن نتغلب على كل مشاكلنا، ونصل إلى حلها بإذن ﷲ.
5ـ دور الدعاة والعلماء
دور الدعاة والعلماء في بيان ما سبق من أحكام وإظهارها للناس عامة والتواصل بصفة خاصة مع شريحة المسجلين خطر والمسجونين، وعمل زيارات دورية للوعظ والإرشاد، بالتنسيق مع مصلحة السجون.
6ـ زيارة دور رعاية الأيتام والأحداث
من المهم الاهتمام بهذه المؤسسات واعطائها حقها الكامل من الاهتمام ، والعمل على القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، والاهتمام بسكان العشوائيات.
7ـ حملات توعية للمجتمع للوقوف صفاَ واحداَ
دعوة المجتمع للوقوف صفا واحدًا أمام هذه الظاهرة، وإحياء روح النجدة والمروءة والشهامة ،والتعامل الإيجابي مع الظاهرة.
8ـ قيام الإعلام بدوره في التوعية
قيام الإعلام بدوره في التوعية ، وإبراز خطورة البلطجة على مستقبل الإنسان والوطن.
9ـ تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية
تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي نتوق إليها، فهي أفضل ضمانة لشيوع الاستقرار وانتشار الأمان ،والقضاء على الجريمة ، والأحقاد النفسية ، وما تحقق الأمن قديما في المجتمعات إلا بتحقيق العدل بين الجميع ، مما أدى إلا أن خليفة المسلمين ينام تحت شجرة مفترش الرمال وملتحف السماء وسادته نعله ،وليس معه حراس ، ويأتي إليه مبعوث كسرى ملك الفرس، فيجده على هذه الحال فقال قولته المشهورة ( حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر).
10ـ قيام الأجهزة الأمنية بدورها
قيام الأجهزة الأمنية بدورها في حفظ الأمن والسهر لتحقيق ذلك، وتذكيرهم بقيمة دورهم في الدنيا والآخرة ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: }عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله{ ]رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني[
11ـ سن قوانين لتنفيذ عقوبات رادعة
سن قوانين لتنفيذ عقوبات رادعة للمتورطين في أعمال البلطجة وتنفيذها بحزم؛ ليكون ذلك زجرًا وردعًا لمن وراءهم، ولن نجد أفضل من شريعة الإسلام وأحكامها، قال تعالى } إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33){ ]المائدة[
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
العنصر السادس
حكم مدافعة البلطجية الذين يعتدون على الناس :
إن دفع الصائل ( والصائل هو البلطجي) هو "الدفاع الشرعي عن الأهل والمال والعرض والبيت أو الوطن، أو هو الدفاع المشروع عن الغير في كل هذه الأمور" والصّيال حرام، لأنّه اعتداء على الغير، لقوله تعالى: }وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ (87){ ] المائدة[
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن دم المسلم وماله وعرضه حرام فقال صلى الله عليه وسلم : }كلّ المسلم على المسِلم حِرام: دمه، وماله، وعرضه]{ رواه مسلم[
والاستسلام للصائل حرام لقوله تعالى: }وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ (195)]{ البقرة[ .
فالاستسلام للصّائل إلقاء بالّنّفس للّتهلكة، لذا كان الدّفاع عنها واجباً. ولقوله تعالى: }وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ (193) { ] البقرة[،
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: "فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: "قَاتِلْهُ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ". ]رواه مسلم[.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَن الَّنِبي صلى الله عليه قَاِلَ: }مَنْ قتِلِ دُونَ مَاِلِهِ فَـهُوَ شَهِيدٌ{ .]مُتـفَقِ عَلَيْهِ[
وَعَنِ سَعيد بْن زيْد قَالِ: سَمعْت الَّنبي صلى الله عليه يَـقِولُ: }مَنْ قِتِلَ دُونَ دِينه فَـهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتلِ دِونَ دَمه فَـهُوَ شَهيدٌ ،وَمَنْ قُتلَ دُونَ مَاله فَـهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتلَ دُونَ أَهْله فَـهُوَ شَهيدٌ{. ]رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ِّ وَالتـرْمذي وَصَححَهُ[.
فهذه النصوص وغيرها تدل بوضوح على وجوب الدفاع عن النفس والعرض والمال أمام البلطجية وقطاع الطرق الذين يتعرضون للآمنين.
الخاتمة :ـ
إن الأمن لا يتحقق إلا بالإيمان، والإيمان هو إذعان النفس لليقين بالفرق بين الخير والشر، والفضيلة والرذيلة ،والحق والباطل، والعدل والظلم، والإيمان بأن على الوجود إله عظيم يرضى بالخير ولا يرضى بالشر، وهو الإله القادر الفرد الصمد الحي القيوم خالق الكون وبارئ النسيم ومالك يوم الدين في المعاد.
ولقد جعل ﷲ تعالي الأمن والأمان جزاء للمؤمنين في الدنيا وذلك لأنهم يقرنون الإيمان بالعمل ، فيقول جل وعلا:{الذِينَ آمَنُوْاْ وَلَمْ يَـلْبِسُوْاْ إِيمَانَـهُم بِظُلْمٍ أُوْلـِئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم ُّمهْتدُونَ (82)} ]الأنعام [. وجعل ﷲ تعالى الخوف وانتزاع الأمن من العقوبات التي تحل بالعصاة ، فيقول ﷲ تعالى : {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَـرْيَةً كَانَتْ آمِنةً ُّ مطْمَئِّنةً يَأْتِيهَا رِزْقُـهَا رَغَداً ِّ من ِّ كُل مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْـعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَـهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بمَا كَانُوْاْ يَصْنَـعُونَ (112)} ]النحل [ ..
بهذا الإيمان تقوى العزيمة وترتفع الهمة وتسمو النفس البشرية وتنعم بالأمن والطمأنينة وتتخلص من قيود الأهواء الجامحة والمطامع المسيطرة وآفات التردد والحيرة ، والارتباك وبواعث القلق والاضطراب، لا سيما عند نزول الشدائد وظلمات الأحداث، سواء في ذلك الأفراد أم المجتمعات.
انتهت بفضل ﷲ ورحمته
رابط doc
https://top4top.io/downloadf-256155uoq1-docx.html
رابط pdf
https://top4top.io/downloadf-2561cvd262-pdf.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق