28 أكتوبر 2018

أصغر فاتح في الإسلام










أصغر فاتح في الإسلام


قد لا يعرفه الكثيرين رغم ما قدمه من انجازات تجعله في ميزان المنصفين من العظماء إنه فاتح بلاد السند شاب في ريعان الشباب كانت علي صهو جواده في مقدمة الجند رباه عمه ودربه فاحسن تربيته وأخذ ببيده حتى أصبح بطلاً وقائدًا يحمل الراية ويجوب بها في ربوع الارض حتى بلغ بلاد السند

إنه أصغر فاتح في الإسلام  محمد بن القاسم ، كان عمره 17 عام ، ولما  رأى فيه بن عمه  الحجاج بن يوسف الثقفي النجابة والقوة ولاه أميراً على بلاد السند والبنجاب (بلاد باكستان حالياً ) ،وقد  أحسن  الحجاج تربيته وأدام على رعايته والعناية به ، 

وقد عرف عن هذا البطل لينه وحبه للسلم  والصلح وقوته في الحرب وحمل السلاح ورغم صغر سنه إلا أن تواضعه جعل خيرة الجند وقادته يقدرونه ويحترمونه ويدين له بالولاء .

شجاعة وقوة

وقد كانت لتوليه  امارة الجيش قصة تثبت قوة هذا البطل وشجاعته ، فقد كانت بلاد السند والبنجاب تحت حكم غير إسلامي ومن المعروف ان بعض أهل هذه المنطقة اسلموا نتيجة التجارة والانتقال لبعض المسلمين .

وفي إحدى الأيام قام مجموعة من القراصنة بالاستيلاء على مجموعة سفن لتجار مسلمين وبها نسائهم فقالت إحداهن وصرخت : وا حجاج واحجاج ووصله الخبر فأرسل الي رئيس هؤلاء القراصنة وطالبه برد النساء والتجار بالطرق السلمية وقد رفض رئيس القراصنة ويدعى  "داهر " وهو ما اغاظ الحجاج فأقسم أن يفتح هذه البلاد ويعاقب هؤلاء القراصنة وأرسل لهم جيشاً فقتل قائده فأرسل أخر فقتل قائده فقرر أن يضع خطة محكمة لفتح هذه البلاد وفقاً لاستراتيجية منظمة واختار لها قائدا شاباً أخذ يجوب الأرض ويبتكر من أساليب القتال والحرب حتى قام بفتح هذه البلاد وانتشر الإسلام بها ودخلت حيز الحضارة الإسلامية .

منجنيق العروس

اشتهر البطل بأساليب القتال كما أشرنا ومن أشهرها أنه وبعدما دخل مدينة الديبل الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة كراتشي ، بدأ بتحصين مواقعه بحفر الخنادق، ورفع الرايات والأعلام، ونصب المنجنيقات وأشهرها كان منجنيق العروس ، والذي وحده وضع على تشغيله حوالي 600 مقاتل والذي من خلاله استطاع أن يسيطر على زمام الأمور في المدينة ، ليبسط على إقليم السند نفوذ وسلطان الدولة الاسلامية ، وفتح من خلاله مدينة الديبل والتي تبعد حوالي 80 كيلومترا شرقي جنوب كراتشي الباكستانية ، وامتدت فتوحاته إلى جنوب اقليم البنجاب .

بطل بني ثقيف

بطلنا هو محمد بن القاسم الثقفي ، ينتمي إلى قبيلة ثقيف التي عادت النبي صلى الله عليه وسلم وآذته لمجرّد دعوته صلى الله عليه وسلم أهلها الى دين الحق كما أنه ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي .

ولد في مدينة الطائف في السنة ال 72 هجرية... 
وكان أبوه القاسم بن محمد قد جاء الى العراق على أثر الحرب الواقعة بين الخليفة عبد الملك بن مروان والصحابي الجليل عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما
وهو أحد أربعة أبطال مسلمين عاصروا الخليفة الوليد بن عبد الملك: قتيبة بن مسلم... موسى بن نصير.. ومسلمة بن عبد الملك.
       
أودع الله بين جنبيه نفسًا بعيدة المطامح لخدمة الإسلام، والمسلمين .
بدت عليه أمارات النجابة والشجاعة وحسن التدبير في الحرب منذ نعومة أظفاره؛ مما جعل الحجاج بن يوسف الثقفي يعينه أميرًا على ثغر السند وهو لم يتجاوز 17 عامًا، وكان محمد بن القاسم راجح الميزان في التفكير والتدبير، وفي العدل والكرم، إذا قورن بكثير من الأبطال، وهم لا يكادون يبلغون مداه في الفروسية والبطولة، ولقد شهد له بذلك الأصدقاء والأعداء، وقد سحر الهنود بعدالته وسماحته، فتعلقوا به تعلقًا شديدًا.                     

وكان يتصف بالتواضع الرفيع، فكان في جيشه من يكبر أباه سنًّا وقدرًا، فلم تجنح نفسه معهم إلى الزهو والمباهاة، ولكنه لم يكن يقطع أمرًا إلا بمشورتهم، بَنَى المساجد في كل مكان يغزوه، وعمل على نشر الثقافة الإسلامية مبسطة ميسرة. 

اتجه نحو بلاد السند، فبدأ بفتح مدينة بعد مدينة لمدة سنتين، ثم زحف إلى الديبل، فخندق الجيش بخيوله وأعلامه واستعد لمقاتلة الجيش السندي بقيادة الملك "الراجة داهر" حاكم الإقليم، في معركة مصيرية سنة 92هـ، وكان النصر للحق على الباطل، فقد انتصر المسلمون، وقُتل ملك السند في الميدان، وسقطت العاصمة السندية في أيدي المسلمين. 

واستمر محمد بن القاسم الثقفي في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند ليطهرها من الوثنية المشركة، فنجح في بسط سلطانه على إقليم السند، وفتح مدينة الديبل في باكستان، وامتدت فتوحاته إلى ملتان في جنوب إقليم البنجاب، وانتهت فتوحاته سنة 96هـ عند الملقان، وهي أقصى ما وصل إليه محمد بن القاسم من ناحية الشمال، فرفرف عليها علم الإسلام وخرجت من الظلمات إلى النور، وبذلك قامت أول دولة إسلامية في بلاد السند والبنجاب (باكستان حاليًّا) 
           
قال حمزة الحنفي فيه:
إن المــــروءة والسماحة والنـدى *** لمحمد بن القاسـم بن محمـد  
 ساس الجيوش لسبع عشرة حجّة *** يا قرب ذلك سؤددًا من مولد

وفاته:

كانت وفاته حزنا وآلماً ليس فقد لأنه رحل وهو في عامه الرابع والعشرين ولكن لأنه مات بعيداً عن أرض أحبها وأحبته ، مات بعيداً عن أرض المعارك والشرف وكان موته ضريبة دفعها نتيجة لأحقاد دفينه بين عمه الحجاج بن يوسف الثقفي وبين الخليفه سليمان بن عبد الملك الذي قرر الانتقام من الحجاج بقتل بن أخيه الذي صنع على عينه.

وقد كثرت الاشاعات حوله وكان آخرها والتي كانت سبيلاً لقتله ما ادعته ابنة داهر ملك السند أنه راودها عن نفسها ونالها قسرا فأرسل مقيداً بالسلاسل إلى الخليفة سليمان ليسجن في واسط بالعراق ويعذب بأشد أنواع التعذيب حتى مات في السجن عام 95 ه  ظلماً في ريعان شبابه وزهو انتصاره بعد أن ضم إلى العالم الاسلامي تلك البلاد الفسيحة باكستان وما حولها والتي أصبحت جزءاً من العالم الإسلامي .





ليست هناك تعليقات: