28 أكتوبر 2018

النوار بنت مالك






النوار بنت مالك.. شخصية لم نعطها حقها


أم جامع القرآن وصاحبة منارة الأذان

كم نحن في حاجة للتعرف على نساء قل نظيرهن في زماننا هذا حتى أصبح الحديث عن أوصافهن ضربا من الجنون والخيال وكلاما لا يصدقه العقلاء.

لذا، تعالوا بنا نستشرف من مدرسة الصحابيات، سيرة نساء جليلات عظيمات، عرفن بالصدق والتصدق والمثابرة والاجتهاد، زاحمن، بل سبقن الرجال علما وتعلما، صوما وتبتلا، إيمانا وفروسية. 

النوار بنت مالك، امرأة أنصارية من بني النجار، نموذج للأم المربية الصالحة، أم زيد ابن ثابت كاتب الوحي وإمام أهل المدينة في العلم وقراءة القرآن، والذي أسلم في سن الحادية عشرة، والذي تعلم لغة اليهود بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأتقنها في فترة قصيرة، وجمع الوحي الكريم من صدور الحافظين بتكليف من الخليفة سيدنا أبو بكر الصديق.

تميزت النوار بالعديد من صفات البر والصلاح والاجتهاد في العبادة، فكانت خير ناصرة لدين الله وللحِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففاح عطر فضلها في ديار الإسلام، حرصت على صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم  والجهاد إلى جانبه ووهبت كل ما في وسعها لتحقيق ذلك.

وهاهي السنة الثانية للهجرة حيث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يستعد لغزوة بدر، فترسل النوار زيدا الصغير ليشارك جنبا إلى جنب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدنا الغلام الصغير من الرسول القائد صلى الله عليه وسلم وقال:
 جعلت فداك يا رسول، إئذن لي أن أكون معك وأجاهد أعداء الله، لكن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنه وعدم قدرته على الجهاد، فعادت النوار مع طفلها والحزن يعتصر قلبها بعد أن تبدد حلمها في أن يحظى ابنها بشرف المشاركة في أول غزوة في الإسلام.

"بارك الله فيك وفي أمك"

عرفت النوار بكرمها وسخائها، ولعل الخير الذي عمها هي وأبناءها كان نتيجة لهذا الكرم والروح الطيبة، حيث أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزل ضيفا على الأنصار، بقصعة من طعام مع زيد، فجلبت لها خير دعاء رأت بركاته وتباشيره في حياتها وبأم عينيها.

روى زيد بن ثابت رضي الله عنه قصة هذه القصعة فقال: "أول هدية دخلت على رسول الله في بيت أبي أيوب، قصعة أرسلتني بها أمي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه، وقلت : يا رسول الله، أرسلت بهذه القصعة أمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  "بارك الله فيك وفي أمك" ودعا أصحابه فأكلوا.

أم جامع القران

لم تيأس النوار في البحث عن طريقة أخرى لتقريب زيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه،  فكان القرآن دليلها إلى ذلك خاصة أن زيدا كان يجتهد في الحفظ رغم صغر سنه، واشتهر بذكائه وفطنته فأجاد القراءة والكتابة، وأتقن لغة اليهود في فترة وجيزة، فحظي بعناية رسول الله صلى الله عليه وسلم ،إلى أن غدا كاتبا للوحي وترجمان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

منارة الآذان

يبدو أن دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم  ليس له مع النوار حدود، فبالإضافة إلى ما نالته من الخير الوفير، والفضل العميم، هاهو سيدنا بلال يختار بيتها ليصدح بنداء المسلمين للصلاة، حيث كان بيتها أعلى بيت حول المسجد، فكان بيتها أول منارة للآذان يؤذن من خلاله بلال إلى أن بني المسجد النبوي الشريف.


أي فضل هذا، وأية منزلة جعلت النوار سيدة زمانها، وشامة بين أقرانها، سيدة تسمو إليها الهمم، حرصت على تربية ابنها وإعداده، وكان القصد نصرة الإسلام والمسلمين، أخلصت لله فرأت الثمرة في حياتها، وطوبى لها من أم عظيمة ربت فأحسنت ووهبت طفلها الصغير وهو في سن الطفولة، لينهل من منبع رسول الله، بل ودفعته صغيرا للجهاد، إنه بحق نعم العمل الصالح ..ولد صالح .

ليست هناك تعليقات: