23 ديسمبر 2018

وقفة مع النفس








الحمد لله رب العالمين ...جعل الإنسان في هذه الدنيا أمانة مستودعة وعارية مستردة يدعها إلي حين ثم يقبضها بعد حين ، وهو ذو الملك والملكوت والعزة والجبروت وهو الحي الذي لا يموت وهو الذي قهر العباد بكأس الموت فقال تعالي} قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8){  الجمعة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. خلق الخلق، فأحصاهم عددا وجعل مرجعهم ومآلهم إليه حيث توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون فقال تعالي}وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) البقرة  .
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم .... أعلم الناس بربه عز وجل وأتقاهم لله تعالي فقال صلي الله عليه وسلم }والذي نفسي بيده أني أتقاكم لله وأعلمكم به { متفق عليه.
 فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين .
أما بعــــــــد ... فيا أيها المؤمنون ....
فمع طغيان المادية ، والذي أدي إلي إصابة الأمة أفرادا ومجتمعات بمرض ضعف الإيمان ، كان لابد لنا من علاج لهذه الداء العضال ، والمرض الخطير الذي أنهكنا حتي تمكن منا عدونا فأصابنا في مقتل ، ولأن الإيمان هو الكنز المفقود في حياتنا فكان لابد من وقفة مع النفس نصحح فيها أوضاعنا ، ونجدد فيها إيماننا ، ونطهر فيها أنفسنا ، كما روي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم } إن الإيمان ليخلقُ في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم.رواه الطبراني والحاكم.
وقد علق الله تعالي الفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة بطهارة النفس فقال تعالي }  وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10){ الشمس .
لذلك كان حديثنا مع (وقفة مع النفس ) وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ....

1ـ أحوال النفس في القرآن الكريم .
2ـ ضرورة تزكية النفس .
3ـ وسائل تزكية النفس .
4ـ الخاتمة .
-----------------------
العنصر الأول : أحوال النفس في القرآن الكريم :ـ

لقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالنفس الإنسانية لأنها أعظم ما خلق وأبدع، وجعل قَسَمَه بها سابع قسم شمل خلق السموات والأرض. فقال تعالىوَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا(6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7) { (الشمس).
ثم بيّن الله تعالى أنّه ألهم نفوسنا دوافع الخير ونوازع الشر قال تعاليفَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{ (الشمس: 8)، ولكنّ هذا الخير وهذا الشر ليسا قدراً مسيطراً على شخصية الإنسان لا مندوحة عنه، بل بإمكان الإنسان أن يزكو بنفسه ويرقى بها، وبإمكانه أن ينحطّ بها ويتدهور بشأنها ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10) ﴾ (الشمس).
لذا كان النبي يُكثر من هذا الدعاء: "اللهم آت نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها".
أمّا أحوال النفس التي عرضها القرآن الكريم فهي:
1ـ النّفس الأمّارة بالسّوء:
وهي النفس التي تأمر الإنسان بفعل السيّئات والتي أخبر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى} وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(53){  يوسف..
 فهي تأمر صاحبها بفعل كل رذيلة، تسيطر عليها الدوافع الغريزية، وتتمثل فيها الصفات الحيوانية، وتبرز فيها الدوافع الشريرة، فهي توجّه صاحبها بما تهواه من شهوات.
وأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمّارة بصيغة المبالغة ، وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء، ولأنّ ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلاّ إنْ رحمها الله عز وجل وهداها رشدها.
2ـ النفس اللوّامة:
هي التي أقسم بها الله تعالى في القرآن الكريم فقال تعالي} وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ(2){  القيامة. فاللوامة نفس متيقّظة تقيّة خائفة متوجّسة، تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها ، تبرز فيها قوة الضمير فتحاسب نفسها أولاً بأوّل، وهذه كريمة على الله، لذلك أقسم بها في القرآن.
ومن أحسن الأقوال عن النفس اللوامة قول إمام التابعين الحسن البصري رضي الله عنه:
"إنّ المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه؛ ما أردت بكلمتي؟
ما أردت بأكلتي؟
ما أردت بحديث نفسي؟
وإن الفاجر يمضي قُدُماً ما يعاتب نفسه".
3ـ النفس المطمئنة:
هي التي اطمأنت إلى خالقها، واطمأنت في بسط الرزق وقبضه وفي المنع والعطاء.
وهي النفس المؤمنة التي استوعبت قدرة الله، وتبلور فيها الإيمان العميق والثقة بالغيب، لا يستفزها خوف ولا حزن، لأنها سكنت إلى الله واطمأنّت بذكره وأَنِسَت بقربه فهي آمنة مطمئنّة، تحسّ بالاستقرار النفسي والصحة النفسية، والشعور الإيجابي بالسعادة، رضيتْ بما أوتيتْ ورضي الله عنها فَحُق لها أن يخاطبها رب العالمين بقوله تعالي}  يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30 ){ الفجر.
نفسٌ تمسّكت بالحق وسارت عليه هدىً ونبراساً لها في شؤون الحياة على الأرض.
ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله وذكره كما قال تعالىالَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ  (28){ الرعد
فإنّ طمأنينة القلب سكينة واستقرار بزوال القلق والانزعاج والاضطراب عنه، وهذا لا يتأتّى بشيء سوى بالله تعالى وذكره.
العنصر الثاني: ضرورة تزكية النفس :ــ
النفس البشرية كائن حيّ يتطور ويتغيّر، ولذلك يجب أن نغيّره باتجاه الأفضل، وينبغي أن نعلم أن التغيير يبدأ من الداخل، وعلينا أن نحفظ القانون الإلهي في التغيير والمتمثل في قوله تعالىإِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)11){ الرعد.
فالنفس قد تكون تارة أمّارة وتارة لوّامة وتارة مطمئنّة في اليوم الواحد، بل في الساعة الواحدة يحصل لها هذا وذاك.
لذلك كانت تزكية النفس وتنميتها من أهم الضرورات لأن بتزكيتها يكون الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة ،وبإهمال التزكية تكون الخيبة والخسارة ،فقال تعالي} وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10){ الشمس . وقال تعالى { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)}الأعلى.
لذا كانت إحدى المهـام التي بعث الله عزَّ وجلَّ الرسل من أجلها .. فكانت دعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)}  البقرة.
وقد استجاب الله عزَّ وجلَّ لدعوته فبعث لنا حبيبنا محمد ليقوم بهذه المهمة ..
ولكنه سبحـــانه قدَّم التزكيــــة على العلم، كما جاء في كتابــه الكريــم ..
قال تعالى {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} البقرة..
ثمَّ قال تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(164)} آل عمران..
وقال عزَّ وجلَّ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(2)} الجمعة.
فالتزكية قبل العلم ،لأن التزكية تُطهِّر القلب حتى يكون مؤهلاً لتقبُل العلم والعمل به، وحينها لن يحول بينه وبين الهداية قواطع وموانع ..
وآفات النفوس كالكبر والعُجب تقطع على المرء طريقه إلى الهداية، مما يؤدي إلى اعوجاجه وتوقفه عن العمل ..
ولكن التزكية تُحرر النفس من تلك الآفات وتجعله ينتفع بما يتعلَّم .. فلا ينبغي أن تُقدِم شيئًا على تزكية نفسك ومعرفة عيوبها والشروع في إصلاحها. 
وبالتزكية يتحقق القلب بالتوحيد والإخلاص .. ويصل للمنازل العالية من الصبر والشكر والخوف والرجاء والمحبة لله سبحانه وتعالى والصدق مع الله، ويتخلى عن الرياء والعجب والغرور والغضب وغيرها من آفات النفوس ..
ولقد كان السلف الصالح يولون أمر تزكية النفس وتطهير القلب اهتماما بالغًا، ويقدمونها على سائر الأمور ..
فكيف نزكي أنفسنا ؟؟؟
العنصر الثالث : من وسائل تزكية النفس :ـ
1ـ اليقين بالموت .
2ـ تذكر الخاتمة.
3ـ معايشة يوم الحساب وما فيه من أهوال.
-------------------------------
1ـ اليقين بالموت وما بعده :ــ
لَقَد كَتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَينَا مَهمَا فَرَرنَا وَتَوَقَّينَا أَن نَصِيرَ إِلَيهِ قال تعالي } قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(8) {الجمعة. وقال تعاليحَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62){ الأنعام.
وقال تعالي قال تعالي} إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(4){  يونس .
وقال تعاليوَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى(42) النجم. 
 إِنَّهُ يَومٌ مَشهُودٌ وَلِقَاءٌ مَوعُودٌ، بَعدَ لَحظَةٍ حَاسِمَةٍ قَاصِمَةٍ، تَنقُلُ أَحَدَنَا مِن دَارِ العُبُورِ وَالغُرُورِ إِلى دَارِالسُّرُورِ أَوِ الشُّرُورِ  لَحظَةٌ تُلقَى فِيهَا آخِرُ النَّظَرَاتِ عَلَى الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ، وَيُوَدَّعُ فِيهَا الإِخوَانُ وَالأَخوَاتُ، وَتَبدُو عَلَى الوَجهِ فِيهَا مَعَالِمُ السَّكَرَاتِ، وَتَخرُجُ مِن صَمِيمِ القَلبِ الزَّفَرَاتُ وَتَغرَقُ العَينُ بِالعَبَرَاتِ، لَحظَةٌ يُؤمِنُ فِيهَا المُلحِدُ وَالكَافِرُ، وَيُوقِنُ عِندَهَا الفَاسِقُ وَالفَاجِرُ، وَتَظهَرُ حَقَارَةُ الدُّنيَا وَقِصَرُهَا وَهَوَانُ أَمرِهَا، وَيُحِسُّ مُلاقِيهَا أَنَّهُ فَرَّطَ في جَنبِ اللهِ كَثِيرًا، فَيُنَادِي بِلِسَانِ النَّادِمِ المُتَحَسِّرِ كما قال تعالي رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100){  المؤمنون.
وقال تعالي } رَبِّ لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالحِينَ { المنافقون . 
هُنَالِكَ يَدنُو مَلَكُ المَوتِ فَيُنَادِييَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28){ الفجر.
أَو يَقُولُ وَهُوَ يَنزِعُ الرُّوحَ نَزعًا: "يَا أَيَّتُهَا النَّفسُ الخَبِيثَةُ، اُخرُجِي إِلى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَبٍ.
وَحِينَئِذٍ تَبرُدُ الأَعضَاءُ، وَيَسكُنُ القَلبُ وَالأَحشَاءُ ﴿ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ(29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ
الْمَسَاقُ(30){  القيامة.
 ثم تُرفَعُ الرُّوحُ والصَّحَائِفُ بِالحَسَنَاتِ في أَعلَى عِلِّيِّينَ، أَو تُطرَحَانِ بِالسَّيِّئَاتِ في أَسفَلَ سَافِلِينَ، وَيَصِيرُ العَبدُ في عِدَادِ الأَموَاتِ، كَأَن لم يَكُنْ عَاشَ في الدُّنيَا وَلا دَرَجَ، وَلا دَخَلَ يَومًا فيها وَلا خَرَجَ، وَكَأَنَّهُ لم يَرَ بِعَينٍ وَلم يَسمَعْ بِأُذُنٍ.
وقد أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم بالإكثار من ذكر الموت ، فقال صلى الله عليه وسلم
} أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه{ رواه البيهقي وحسنه الألباني. 
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ أَكْيَسُ النَّاسِ وَأَحْزَمُ النَّاسِ ؟ فَقَالَ : أَكْثَرَهُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ، وَأَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ، أُولَئِكَ هُمُ الأَكْيَاسُ ذَهَبُوا بِشَرَفِ الدُّنْيَا وَكَرَامَةِ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجه، والطبراني في الصغير .
وقال القرطبي رحمه الله في كتابه التذكرة: قال العلماء : تذكر الموت يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا و يهون المصائب فيها. انتهى.
وقال القرطبي في التذكرة أيضا : قال الدقاق: من أكثر من ذلك الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضي بالكفاف، والتكاسل في العبادة.
2ـ تذكر الخاتمة :ـ
يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله في "الثبات عند الممات"
"قد خُذِل خلقٌ كثير عند الموت، فمنهم مَن أتاه الخِذلانُ في أول مرضِه، فلم يستدرك قبيحًا مضى، وربما أضاف إليه جورًا في وصيتِه، ومنهم مَن فاجأه الخِذلانُ في ساعةِ اشتداد الأمر، فمنهم مَن كفر، ومنهم مَن اعترض وتسخَّط، نعوذ بالله من الخِذلان، وهذا معنى سوء الخاتمة؛ وهو أن يغلب على القلب عند الموت الشك أو الجحود، فتُقبَض النفس على تلك الحالة، ودون ذلك أن يتسخَّط الأقدار". انتهي كلام ابن الجوزي.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في "صحيح البخاري"": (إنما الأعمال بالخواتيم)، ويكمن خطر هذه الكلمة في أن العبدَ عند الموت يكون في غاية الضعف؛ فهو يعاني من ألم النزع، والخوف من خطر ما هو مُقبِل عليه عند الموت، وكذا هجوم إبليس عليه بخَيْله ورَجله، ويقول إبليس لأعوانه: دونكم هذا الرجل، إن أفلت منكم اليوم لا تدركونه.
فهذه فتنة عظيمة لا يَثبُت فيها إلا المؤمن الصادق، الذي استقام على دين الله  تعالى قال تعالىيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ(27) إبراهيم.
ففي هذه الفتنة يُثبِّت الله قلوبَ المؤمنين الصادقين، وتنتكسُ فيها قلوبُ المنافقين والمفرِّطين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ بعد التشهُّد الأخير في الصلاة من أربعٍ، فيقول }اللهم إني أعوذُ بك من عذاب النار، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وشر فتنة المسيخ الدجال{ (رواه البخاري )
وفتنة المحياهي التي يتعرَّض لها العبد في هذه الحياة الدنيا، وهي فتنة متنوعة
وفتنة المماتهي الفتنة التي تنزل بالمرء عند السكرات والكُرُبات، والإقبال على ربِّ الأرض والسموات، نسأل الله الثبات عند الممات.
وقد حذرنا النبي صلي الله عليه وسلم من الخاتمة فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم } ....فوالذي لا إلهَ غيره، إن أحدَكم ليعملُ بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتاب، فيعمل بعملِ أهل النار فيدخلُها، وإن أحدَكم ليعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبقُ عليه الكتاب، فيعملُ بعمل أهل الجنة فيدخلها{؛ (رواه مسلم )
وفي "صحيح البخاري" من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، وفي أصحابه رجلٌ لا يدع شاذَّة ولا فاذَّة إلا اتَّبعها يضربُها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو من أهل النار) ، فقال رجل من القوم: أنا أصاحبه، فاتَّبعه، فجُرِح الرجل جرحًا شديدًا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه على الأرض وذبابَه بين ثَدْيَيه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسَه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، وقصَّ عليه القصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليعملُ بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعملُ بعملِ أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة، إنما الأعمال بالخواتيم) وفي رواية عند الطبراني في "الكبير" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تعجبوا بعملِ عاملٍ حتى تنظروا بم يُختَم له) ومن هنا كان خوف العارفين، وقد كان أكثر دعاء النبي الأمين صلى الله عليه وسلم (يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك) ، فقال له أنس بن مالك رضي الله عنه :يا نبي الله، آمنَّا بك وبما جئتَ به، فهل تخاف علينا؟ قال:(نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يُقلِّبُها كيف يشاء).
كلماتٌ قطَّعت قلوبَ الصالحين، وأطارت النوم من أعينِهم، وحُقَّ لهم ذلك، فكم سمعنا عمَّن آمَن ثم كفر، وكم رأينا مَن استقام ثم انحرف، وكم مَن شارف مركبُه ساحلَ النجاة، فلما هَمَّ أن يرتقي لَعِب به الموج فغَرِق.
فمن القصص الرمزي الذي يحمل العبرة والعظة ما يلي ....
سافرت عائلة معاً في رحلة , وفي الطريق قابلوا شخصاً واقفا في الطريق ،فسأله الأب :
من أنت ؟ قال : أنا المال
فسأل الرجل زوجته وأولاده : هل ندعه يركب معنا ؟
فقالوا جميعاً : نعم بالطبع فبالمال يمكننا أن نفعل أي شيء وأن نمتلك أي شيء نريده
فركب معهم المال، وسارت السيارة حتى قابل شخصا آخر
فسأله الأب : من أنت ؟
فقال : أنا السلطة و المنصب
فسأل الأب زوجته وأولاده : هل ندعه يركب معنا ؟
فأجابوا جميعا بصوت واحد : نعم بالطبع فبالسلطة و المنصب نستطيع أن نفعل أي شيء , و أن نمتلك أي شيء نريده، فركب معهم السلطة والمنصب
وسارت السيارة تكمل رحلتها، وهكذا قابل أشخاص كثيرين بكل شهوات وملذات ومتع الدنيا
حتى قابلوا شخصاً فسأله الأب : من أنت ؟
قال : أنا الدين
فقال الأب والزوجة والأولاد في صوت واحد : ليس هذا وقته
نحن نريد الدنيا ومتاعها ،والدين سيحرمنا منها وسيقيدنا، وسنتعب في الإلتزام بتعاليمه
و حلال وحرام وصلاة وحجاب وصيام ، و ...... و ...... و ...... وسيشق ذلك علينا
ولكن من الممكن أننرجع إليك بعد أن نستمتع بالدنيا وما فيها , فتركوه وسارت السيارة تكمل رحلتها ، وفجأة !!! وجدوا على الطريق نقطة تفتيش ، و كلمة قف !!
و وجدوا رجلاً يشير للأب أن ينزل و يترك السيارة ، فسأله الاب : من أنت ؟
قال الرجل : أنا الموت، الذى كنت غافل عنه و لم تعمل حسابه فنظر الاب للسيارة
فوجد زوجته تقود السيارة بدلاً منه وبدأت السيارة تتحرك لتكمل رحلتها وفيها الاولاد والمال والسلطة , ولم ينزل معه أحد
فقال الموت للأب : انتهت الرحلة بالنسبة لك , وعليك أن تنزل وتذهب معي
فصدم الأب و ذهل و لم ينطق بكلمة
فقال له الموت : أنا أفتش عن الدين فهل الدين معك ؟
فقال الأب : لا , لقد تركته على بعد مسافة قليلة , فدعني أرجع وآتي به
فقال له الموت : لن تستطيع فعل هذا فالرحلة انتهت و الرجوع مستحيل
فقال الاب : ولكن معي في السيارة المال و السلطة والمنصب والزوجة والاولاد و...... و ...... و
فقال له الموت : لن يغنوا عنك من الله شيئا , وستترك كل هذا وما كان لينفعك الا الدين الذى تركته في الطريق ، فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .. اللهم أحسن خاتمتنا.
فالحذر الحذر من السهو والغفلة  من الخاتمة لأن بها يحدد مصير الإنسان ،قال تعالي }إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76){ طه.
3ـ معايشة يوم الحساب وما فيه من أهوال :ــ  
من الأشياء التي تكون سببا في تزكية النفس وطهارة القلب  معايشة يوم الحساب ، فالناس يعيشون في الدنيا وينسون يوما لا بد منه هذا اليوم لو عشناه بقلوبنا لحلت كل مشاكلنا وما رأينا مظلوما علي وجه الأرض، يوم أن يفصل الله عز وجل بين الخلائق ويعطي لكل ذي حق حقه
،هذا اليوم هو يوم الحساب .
قال تعالي }يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ،اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب(16){  غافر .
يوم الحساب يوم جليل خطبه، عظيم خطره، بل هو اليوم الذي ليس قبله مثله ولا بعده مثله، والكل ظاهر ومكشوف فلا زيف ولا خداع ولا كذب ولا رتوش، وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده، ثم يقول: أنا المالك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟
أين الجبارون؟ لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، ثم يجيب نفسه لله الواحد القهار)
يوم عبوس قمطرير شره……. وتشيب منه مفارق الولدان هذا بلا ذنبُ يخاف مصيره…… كيف المصرُ على الذنوبِ دهورُ 
قال اللهُ عز وجل}فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)17){ . المزمل .
وذلك هو يوم الحساب ويوم الجزاء.
فما الحساب؟ وما هي صفته؟ وعلى ماذا يحاسب الله تعالى العباد؟
يوم الحساب: هو محكمة العدل الإلهية التي يقضي فيها رب العزة سبحانه بين خلقه وعباده وينبغي أن تعلم أن يوم القيامة: يوم يجمع الله فيه الأولين، والآخرين للحساب}قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم(50) {الواقعة.
وقال تعالي }ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه(9){آل عمران.
يوم تتكشف فيه الحقائق والأستار، فالكل مكشوف النفس والعمل والمصير}يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية (18){ الحاقة.
يوم يشيب من هوله الوليد، وتذهل الأم الحنون عن طفلها، وتسقط فيه الحامل حملها (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم(1) يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد(2){ الحج.
روى الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي صل الله عليه وسلم لما نزلت } يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد} قال : أنزلت عليه هذه الآية وهو في سفر فقال : (أتدرون أي يوم ذلك ؟ 
فقالوا : الله ورسول أعلم ؛ قال : ذاك يوم يقول الله لآدم ابعث بعث النار قال يا رب وما بعث النار قال تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة). فأنشأ المسلمون يبكون . 
وقال تعالي فَتَوَلَّ عَنهُم يَومَ يَدعُ الدَّاعِ إِلى شَيءٍ نُكُرٍ(6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ )7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ(8) { القمر. 
يَخرُجُ العَبدُ مِن قَبرِهِ حَسِيرًا كَسِيرًا، لا ثَوبَ يُغَطِّيهِ، وَلا مَسكَنَ يُوَارِيهِ، حَافِيًا عَارِيًا، لا يَملِكُ قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا، وَلا يَحمِلُ فَتِيلاً وَلا نَقِيرًا،  قال تعالي وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ(94){  الأنعام.
إِنَّهُ يَومٌ يَجمَعُ اللهُ فِيهِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، فَتُنشَرُ الصُّحُفُ وَالدَّوَاوِينُ، وَتُنصَبُ المَوَازِينُ، لَقَدِ انَتَهَتِ الأَيَّامُ، وَتَبَدَّدَتِ الأَوهَامُ، وَضَاعَتِ الأَحلامُ، وَاجتَمَعَ الأَحبَابُ وَالخُصُومُ، وَسِيقَ الظَّالِمُ وَالمَظلُومُ قال تعالي }يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس.
وقال تعالييَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ )12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ(13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14){  المعارج.
وقال تعالي} يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(42) {الدخان. وقال تعالي يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19){ الانفطار.  
وقال تعالي ﴿ يَومَ يَجمَعُكُم لِيَومِ الجَمعِ ذَلِكَ يَومُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤمِنْ بِاللهِ وَيَعمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئسَ المَصِيرُ(10)التغابن
أيها المسلمون .. استعدوا لموقف الحساب وقد حذرنا الله تعالي منه فقال تعالي} وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ (281){البقرة.  ففيه ينقسم الناس فريقين فريق في جنات النعيم وفريق في عذاب مهين.
قال تعالي الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ(57){ الحج.
وأما صفة الحساب: فلا بد لكل محكمة من حاكم يحكم ويقضي،وقضية ، وشهود يشهدون، ومتهم وأرض يقام عليها الحكم. 
أولا : أما الحاكم : ـ
فهو الله جل جلاله، جبار الأرض والسماء، تباركت أسماؤه وعظمت صفاته الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الخالق لكل شيء سبحانه وتعالى ويبدأ الأمر:
1ـ  بنفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتصعق الخلائق كلها وتموت قال تعالي } ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض(68){  الزمر.
 إحداث تغير عام في الكون فتنشق السماء وتتناثر النجوم وتتصادم الكواكب وتتفتت الأرض قال تعالي }إذا الشمس كورت (1) وإذا النجوم انكدرت (2) وإذا الجبال سيرت(3) { التكوير.كورت أي ظلمت، انكدرت: أي تناثرت، وسيرت: أي حركت وصارت كالهباء.
  ينفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتقوم الخلائق للحشر، قال تعالي }ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68){ الزمر.
4ـ نزول عرش الرحمن جل جلاله:قال تعالي}  وانشقت السماء فهي يومئذ واهية (16) والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية (17){ الحاقة.
أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، وللحديث: (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام).
5-  ثم يشرق على الأرض نور الحق جل جلاله: قال تعالي } وأشرقت الأرض بنور ربها(69){  الزمر.
أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء.
6- ثم مجي الحق سبحانه مجيئا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه الكبير المتعال قال تعالي }كلا إذا دكت الأرض دكا دكا (21) وجاء ربك والملك صفا صفا(22){ الفجر.
وأما صفة حكمه جل جلاله سبحانه العدل المطلق
:قال تعالي } فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( 7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( 8){ الزلزلة  أ- فلا ظلم قال تعالي }ولا يظلم ربك أحدا(49){ الكهف .
ب- ولا أنساب قال تعالي } فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون  (101){المؤمنون.
أي لا تنفع الإنسان يومئذ قرابة ولا يرثي والد لولده يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ ليأخذ حقه، قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا).
ج- ولا رشوة لتغير صورة الحكم، فالحاكم هو الغني المتعال والكل مفتقر إليه سبحانه،قال تعالي }يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد(15){  فاطر.
د- ولا تهديد ولا ضغوط: فالحاكم هو القوي سبحانه ، قال تعالي }إن القوة لله جميعا(165)  البقرة.
وقال تعالي }إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا  (93) {مريم . فالكل ضعيف وعبد.
ثانيا :الشهود:ــ
وأما الشهود فهم كثير فلا مكان للإنكار والكذب والمراوغة .
أ- وأعظمهم شهادة هو الله سبحانه الله جل جلاله ، قال تعالي} مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7){ المجادلة.
ب- الرسل عليهم الصلاة والسلام ويشهد للرسل سيدنا وحبيبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم للحديث: (يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من أحد. فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، ثم أشهد لكم)
ج- الملائكة :قال تعالي }إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد(17){ ق.
يقول الحسن البصري رحمه الله: (يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا وقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك ).           
د- الجوارح  قال تعالي } وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء (21) {فصلت.
وعن أنس رضي الله عنه قال: (كنا عند النبي صلي الله عليه وسلم فضحك فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم قال: من مخاطبة العبد ربه فيقول: يا رب ألم تجرني (تحفظني) من الظلم؟ يقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، والكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه ويقول لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل).
هـ- الأرض:  قال تعالي }يومئذ تحدث أخبارها(4){ الزلزلة. 
قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الآية: (يومئذ تحدث أخبارها ) قال: (أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمةٍ بما عمل على ظهرها أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها).
و- التسجيل الكامل كما ذكر بعض العلماء: لقوله تعالى }يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ،فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [الزلزلة:7-8].
وتعرض الأعمال عرضا حيا ناطقا، فسيرى المرء عمله وهو يباشره ويا للفضيحة. اللهم إنا نسألك ستر الدارين، اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا والآخرة، يا رب العالمين.  
ثالثا : المتهم:ــ
هو الإنسان الذي خلقه الله بيده، وأسجد له الملائكة، وكرّمه على كثير ممن خلق، سخر الكون له، وأرسل له الرسل، وأنزل له الكتب، وجعل له واعظا من عند نفسه بالفطرة التي فطر الله الناس عليها على معرفته سبحانه وحذره من الشيطان وطاعته ثم يستقبل الإنسان ذلك كله بالسخرية قال تعالي} يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ  (30){ يس.
ويجعل من الشيطان ربا يعبده من دون الله قال تعالي } أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62){ يس.
ويمر بآيات الله الدالة عليه سبحانه معرضا، قال تعالي}وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105){ يوسف.
يمن الله عليه بالنعم فيزداد طغيانا  قال تعالي } كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ (7){الأعلى.
الإنسان الذي إذا أحاطت به الخطوب تذكر ربه وإذا كان في نعمة غفل وكفر قال تعالي }وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ
بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ  (54){ النحل.
رابعا : وأما أرض المحكمة:
قال تعالي }يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار)48){ إبراهيم. عن سهل بن سعد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول(يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي) قال سهل أو غيره  ليس فيها معلم لأحد) رواه مسلم.
 قال البرديسي: (يريد عليه الصلاة والسلام أرضاً مستوية، لا جبل فيها, ولا أكمة, ولا ربوة, ولا وهدة، أرض بيضاء نقية، لم يسفك عليها دم، ولا عمل عليها خطيئة، ولا ارتكب فيها محرم.
فهي أرض أخرى غير أرضنا لم تطأها قدم من قبل، ولم تعمل عليها خطيئة، ولم يسفك عليها دم، أرض طاهرة من ذنوب بني آدم وظلمهم، طهر يتناسب وطهر القضاء.
خامسا : القضايا وكيفية الحساب:ـ
وأما على ماذا يحاسب الله تعالى العباد: فاعلم أن الحساب سوف يكون مشافهة: فكل عبد يعرض على ربه، ويتولى سبحانه حسابه بنفسه يقول النبي صلي الله عليه وسلم }ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، ثم ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمره{
والحساب إما أن يكون يسيرا: وذلك بأن يعرض على العبد عمله بحيث لا يطلع عليها أحد ثم يعفو عنه ويأمر به إلى الجنة يقول النبي صلي الله عليه وسلم }يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه (أي يستره ولا يفضحه) فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: أعملت كذا وكذا فيقول: نعم، فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى صحيفة حسناته{.
وأما أن يكون الحساب عسيرا وذلك لمن كثرت معاصيه فذلك الذي يناقش الحساب ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة يقول صلي الله عليه وسلم : (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أليس قد قال الله : (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا)؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب).
والمراد بالمناقشة الاستقصاء في المحاسبة والمطالبة بالجليل والحقير وترك المسامحة، والحساب يتناول كل شيء:ـ
1ـ العمر والمال والجسم والعلم لقول النبي صلي الله عليه وسلم : (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه). أخرجه الترمذي.
2ــ عن النعم وشكرها   قال تعالي } ثم لتسألن يومئذ عن النعيم(8){ التكاثر.
قال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنيا. ولقوله صلي الله عليه وسلم ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني في " صحيح الترمذي"
3ـ عن الحواس واستعمالها:ـ
قال تعالي }إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) {الإسراء.
قال ابن عباس: يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم.
4ـ عن الفرائض من صلاة وزكاة: 
يقول النبي  صلي الله عليه وسلم:(إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسب به الصلاة ويقول الله: انظروا في صلاة عبدي، قال: فإن كانت تامة كتب تامة، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا: هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة فإن كانت له صدقة تمت له زكاته).رواه أبوداود.
5ـ عن الدماء والقتل:         
لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين بالناس يوم القيامة في الدماء) رواه ابن ماجه ولقوله صلي الله عليه وسلم أيضا: (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركا أو يقتل
مؤمنا متعمدا).رواه ابن ماجه.
6ـ السؤال عن المسؤولية والأمانة:
قال تعالي } وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24){ الصافات..
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه .
7ـ عن الكلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ) إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ(  رواه البخاري
و ما من كاتب إلا ستبقى كتابتـه وإن فنيـت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه.
8ـ عن الحقوق والمظالم:ـ    
عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قَالَ: قُلْنَا: وَمَا بُهْمًا ؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ، قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ؟ قَال بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ) رواه أحمد في المسند بسند حسن .
وفي الختام :ـ
 إن النجاةَ والمخرجَ في محاسبة النفس والوقوف معها وقفة جادة.  لذلك حذرنا الله تعالي في آخر آية من الذكر الحكيم فقال تعالي }وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ (281){ البقرة. 
 وَاحذَرُوا أَن تَكُونُوا مِمَّن أَردَتهُم ظُنُونُهُم فَأَطلَقُوا في المَعَاصِي جَوَارِحَهُم، فَخَابُوا وَنَدِمُوا قال تعالي وَذَلِكُم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ (23) فَإِن يَصبِرُوا فَالنَّارُ مَثوًى لَهُم وَإِنْ يَستَعتِبُوا فَمَا هُم مِنَ المُعتَبِينَ(24){ فصلت.
فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها ، واجعلنا من أصحاب النفوس المطمئنة الراضية ، واجعلنا في موقف الحساب من الآمنين مع الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون .
اللهم آمين يارب العالمين
============
رابط pdf
 رابط word

ليست هناك تعليقات: