26 يوليو 2023

عاشوراء يوم النجاة

 





الحمد لله رب العالمين .. شرف الأيام بعضها على بعض ونسب بعض الأيام لذاته العلية ، وأمر بتذكير الناس بأيام الله في القرآن الكريم فقال تعالى }وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ (5){ ] إبراهيم [ .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ..أتم كلمته الحسنى على عباده المؤمنين وخذل الكافرين المشركين فقال تعالى }وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ (137){ ] الأعراف[
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) أمرنا أن نغتم الأيام الفاضلة ، وبين أن الأمة المسلمة أولى ببعض ،فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال : قَدِمَ رَسولُ اللهِ (ﷺ) المَدِينَةَ، فَوَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عن ذلكَ؟ فَقالوا: هذا اليَوْمُ الذي أَظْهَرَ اللَّهُ فيه مُوسَى، وَبَنِي إسْرَائِيلَ علَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا له، فَقالَ النبيُّ (ﷺ):" نَحْنُ أَوْلَى بمُوسَى مِنكُم فأمَرَ بصَوْمِهِ"
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين.
 أما بعــد ... فيا أيها المؤمنون
يُعد يوم عاشوراء (العاشر من المحرم ) من أعظم الأيام الفاصلة في التاريخ الإنساني بين الحق والباطل ، كيف لا؟  وهو اليوم الذى نصر الله فيه كليمه موسى عليه السلام على عدوه الطاغية فرعون.
يوم أهلك الله فيه من نسب لنفسه الألوهية، واستجبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق، فاستحقوا العقاب و النكال.
كان يوما من أيام الله، انتهى بأية من أعظم المعجزات ..
ولقد أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام بتذكير الناس بأيام الله تعالى لما فيها من العبر والدلائل والبراهين على عظيم قدرة الله تعالى ، ونصرة الحق وهزيمة الباطل قال تعالى } وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ (5){ ] إبراهيم  [ فالأيام كلها أيام الله لكن هذه الأيام لها خصوصية إذ تجلت فيها قدرة الله تعالى، فنصر القلة المستضعفة، وقصم الكثرة المتجبرة، أو خذلها وردها بغيظها، إنها أيام ربما سبقها يأس وإحباط واستسلام لظن المستضعفين أنه لا قبل لهم بالفراعنة والطغاة.
فيوم عاشوراء يوم نجاة وتضحية وجهاد وثقة في الله ، وهذا ما جاء في القرآن الكريم لهذا كان موضوعنا } عاشوراء يوم النجاة{ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ...
1ـ فضل شهر المحرم ويوم عاشوراء.
2ـ يوم عاشوراء يوم النجاة .
3ـ العلاقة بين يوم عاشوراء والهجرة النبوية المشرفة.
..........................
العنصر الأول : فضل شهر المحرم ويوم عاشوراء:
شرف الله تعالى هذا الشَّهرَ من بين سائرِ الشُّهورِ، فسُمِّي بشهرِ اللهِ المُحَرَّمِ، فأضافه إلى نفسِه، تشريفًا له، وإشارةً إلى أنَّه حرَّمه بنفسه، وليس لأحدٍ من الخلقِ تحليلُه. كما بيَّن رسولُ الله (ﷺ) تحريمَ الله تعالى لهذه الأشهُرِ الحُرُمِ، ومِن بينِها شهرُ المُحَرَّمِ؛ لِما رواه أَبو بَكْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) أنَّه قَالَ:}إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الذي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ{.
ويدُلُّ على هذا ما أخرجه النَّسائيُّ وغيرُه وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: }سألتُ النَّبيَّ (ﷺ): أيُّ اللَّيلِ خيرٌ، وأيُّ الأشهُرِ أفضَلُ؟ فقال: خيرُ اللَّيلِ جَوفُه، وأفضَلُ الأشهُرِ شَهرُ اللهِ الذي تَدْعونَه المُحَرَّمَ{ ] أخرجه النسائي[
وصيامه يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية:
ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله (ﷺ)عن صيام عاشوراء فقال: }أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله{ فكان النبي (ﷺ) يتحرى صيام هذا اليوم.
مراتب صيام يوم عاشوراء:
 صيام اليوم التاسع واليوم العاشر، وهذا أفضل المراتب؛ لحديث أبي قتادة عند مسلم أن النبي (ﷺ) قال في صيام يوم عاشوراء :أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"، ولحديث ابن عباس عند مسلم أيضاً " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر" .
 صيام اليوم العاشر والحادي عشر؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي (ﷺ) قال: " خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ، أخرجه أحمد وابن خزيمة.
3ـ صيام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر؛ لحديث ابن عباس مرفوعاً "صوموا يوماً قبله ويوماً بعده" .
 إفراد العاشر بالصيام ؛ لحديث أبي قتادة عند مسلم " أن النبي (ﷺ)  قال في صيام يوم عاشورا: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" .
العنصر الثاني : يوم عاشوراء يوم النجاة :
قال الله تعالى }وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ  (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ  (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ  (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ  (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ  (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ  (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ  (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ  (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ  (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ  (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ  (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ  (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ  (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ  (68){ ]الشعراء[
يبدأ المشهد المهيب ليلا ( فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون).
تحرك الظالمون خلفهم بعد أن جمعوا عدتهم و لحقوا بهم مع الشروق" فأتبعوهم مشرقين" أو أنهم تحركوا ناحية الشرق.
يتأزم الوضع و تتقارب المسافة بين الإيمان والكفر "فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون" أصحاب موسى، كل أصحاب موسى.. مؤمن آل فرعون.. يوشع بن نون .. وعلماء وصلحاء بني إسرائيل..
ولتتمة الامتحان وصل فرعون وجنوده إلى حيث موسى ومن معه!!
حتى يرى كل فريق منهم الآخر.
ذروة المشهد الرهيب تتشكل بين جماعتين إحداهما قليلة العدد مستضعفة " لشرذمة قليلون". والأخرى جيش مسلح كثيف " فأرسل فرعون في المدائن حاشرين".
الخيل تحمحم، وغبار المتجبرين يملأ الفضاء، ونساء وأطفال المؤمنين يصيحون رعبا وهلعا، ومؤمن آل فرعون يقتحم البحر ويراجع موسى في آدب: أههنا أمرك الله أن تسير بنا؟!
فيجيبه بنعم، فيصرخ قائلا كأنما يراجع إيمانه: صدق الله وكذبت!!
كلهم يقولون بلسان الحال والمقال: قُضِي الأمر، هلكنا، خاب المسلك، "إنا لمدركون" ووسط رعب الوجوه وهلعها تبزغ بسمة موسى، ومن بين زلزلة المؤمنين كل المؤمنين يسطع يقين موسى: "كلا إن معي ربي سيهدين"
كل المؤمنين تقريبا دب اليأس من النجاة في قلوبهم...
وآوى الأمل واليقين إلى قلب موسى عليه السلام كأن لم يجد غيره من فرط ما أصاب القوم ، فلم يكن هنالك من فرط هول اقتراب المجرمين واثق بيقين غيره!!  وكأن الفرج كان ينتظر هذا اليقين المتبقي..
وكأن الله عز وجل أوقف نجاة المؤمنين على آخر ذرات اليقين التي في قلوبهم...
فلما رآه الله عز وجل يشع من قلب موسى، وينطق به لسانه: "كلا إن معي ربي سيهدين" جاء الفرج، وأقبلت النجاة لهؤلاء والهلاك لأولئك..
"فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق...."
وكأن الرب العظيم يستخرج بعظم الكرب عصارة الثقة في نصره...
حتى إذا ما انتهى الأمر إلى أنقى قطرات هذه العصارة وأصدقها جاء فرجه!!
وكأني الآن بالقوم هلعين خائفين على شاطئ البحر...
وفرعون مصر يضحك من على ظهر فرسه ضحكة المتمكن...
ولم يبق إلا مسحة اليقين التي تعتلج في صدر موسى، وينطق بها لسانه..
واليقين يدعيه الآن كل قلب، لكن!! أين مثل قلب موسى لينفلق لنا البحر!!
في موقف تقف معه أسباب الدنيا عاجزة عن نصرة أهل الحق، وتنهار المعنويات و تبلغ القلوب الحناجر ( إنا لمدركون) فماذا يبقى ؟
يبقى ثبات و ثقة أولى العزم من الرسل ( كلا إن معي ربى سيهدين)
ثم تأتى المعجزة المبهرة بفلق البحر ( فكان كل فرق كالطود العظيم).
لقد كانت هذه المعجزة وحدها كافية لأن يؤمن فرعون و قومه، ولكنه الكبر والجحود " فأتبعهم فرعون و جنوده"، مع أنه حتى كان من الممكن أن يتركهم ولا يتبعهم و بهذا يتخلص منهم، و لكن الحقد وغشاوة الكفر لا تترك للعقل مكانا للعمل، فتكون النتيجة الحتمية "فكان من المغرقين"و " فأغرقناهم أجمعين" و" فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ (42)).
وأما من صبروا "كذلك وأورثناها قوما آخرين " و" و تمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل"
ومن تمام فضل الله على موسى و بنى إسرائيل أن أهلك عدوهم أمام أعينهم ( و أنتم تنظرون).
إن التأمل والتدبر في آيات الله يفتح أفاق العلم و المعرفة، ويفتح القلوب ، ويطلق الروح ، وينزل السكينة على المؤمنين، فلله الحمد على نعمة كتابه الكريم، لذلك قال تعالى } إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ (5){ ] إبراهيم [.
ليخرجوا من الظلمات إلى النور، من ظلمات الكفر والجهل والضلال ،إلى نور العلم والإيمان والهداية.
ولعظم الموقف تكرر ذكره في القرآن الكريم.. قال تعالى }وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى  أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى  (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ  (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى  (79){ ]طه[ 
وقال تعالى }فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137){ ]الأعراف[
وقال تعالى }وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ  (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ  (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ  (92){ ]يونس[
وقال تعالى }فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ  (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ  (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ  (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ  (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ  (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ  (29){ ]الدخان[
ففي ليلة عاشوراء خرج موسى عليه السلام بقومٍ خائفين ضعفاء ،وفي الصّباح تغيّر العالم بانتصارهم وهلاك الطاغية فرعون وقومه في لحظة ثقة ويقين بعد انعدام الأسباب المادية فإن الله تعالى "إِذَآ أَرَادَ شَيۡـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ"..
العنصر الثالث :العلاقة بين يوم عاشوراء والهجرة النبوية المشرفة :
لقد كانت الهجرة مفصلًا هامًا في تاريخ الدعوة الإسلامية، حيث تحول المسلمون من جماعة مضطهدة مستضعفة، إلى مجتمع ودولة ذات عزة ومنعة واستقلال. كان الرسول (ﷺ) حتى الأمس القريب يرى أصحابه يعذبون فلا يملك إلا أن يدعوهم إلى الصبر واعدًا إياهم بالجنة، ثم هو بعد الهجرة يسيّر جيشًا إلى عقر دار الروم في مؤتة ردًا على قتل عملاء الروم لأحد رسله.
لقد خلّد القرآن الكريم الهجرة النبوية واصفًا إياها بالنصر لرسوله(ﷺ): }إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ{ ] التوبة [، وهذا شبيه ما جرى لموسى عليه السلام  إذ كان البحر من أمامهم والفرعون بجنوده من ورائهم، فأسقط في أيدي قومه وأيقنوا أنهم مدركون، فرد عليهم موسى بكل ثقة وإيمان: }كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{، وقد كان.

علينا أن نغتنم هذه الأيام المباركات نكثر من الصيام والأعمال الصالحة ونملأ قلوبنا بالثقة وحسن الظن بالله تعالى ،أن الله تعالى مع المؤمنين لن يخذلهم أبداً.

رابط pdf

https://www.raed.net/file?id=280794

رابط doc

https://www.raed.net/file?id=280795

ليست هناك تعليقات: