3 يوليو 2023

تأهيل المقبلين على الزواج

 


الحمد لله رب العالمين ...جعل الأسرة هي الركن الأساسي في بناء كل مجتمع أو أمة... وأوجد ّالإنسانية كلها ، بقدرته من أسرة واحدة فقال تعالى} يا أيها الناس اتقواْ ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساءً(1){[النساء] .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير ..أقام الأسرة علي المودة والرحمة فقال تعالي }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) { [الروم].

وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم .. بين أن الأسرة أمانة ومسئولية يحاسب عليها العبد يوم القيامة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ }كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ{ [ متفق عليه ].

 فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين.

أما بعـــد .. فيا أيها المؤمنون

فالنكاحُ من نِعَمِ الله تعالى التي امتنَّ بها على عِبادِه ، من أقوى الرَّوابط والعلاقات الاجتماعيَّة، وسمَّاه الله تعالى مِيثاقًا غليظًا ،قال تعالي }وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21){ [النساء]

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع: }فاتَّقُوا الله في النِّساء فإنَّكم أخَذتموهنَّ بأمانةِ الله، واستَحلَلتُم فُروجهنَّ بكلمةِ الله{ ]أخرجه مسلم[.

ولقد وضع الله تعالي أحكامًا وحدوداً يجبُ احترامها والوقوفُ عندها}وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ (1){ [الطلاق].

واعتبر الإسلام الأسرة هي اللَّبنةُ الأولى في بناء أي مجتمع، فإذا كانت هذه اللبنة مفكَّكةً منهارةً، فلا بد أن يكون المجتمع مفكَّكًا منهارًا.

وإذا كانت هذه الأُسرة صُلْبةً متماسكة، فلا بد أن يكون المجتمعُ المتكوِّن منها صُلبًا متماسكًا كذلك.

ولابد لمن يقوم على تكوين هذه الأسرة أن يؤهل التأهيل الصحيح الذي يساعده على تحقيق هدفه المنشود.

الهدف من تكوين الأسرة :

يمكن إجمال هذه الأهداف في ثلاث نقاط رئيسية:

1ـ الهدف الاجتماعي :

تماسك المجتمع وترابطه وتوثيق عرى الأخوة بين أفراده وجماعاته وشعوبه بالمصاهرة والنسب قال تعالى }وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54){ ]الفرقان[

2ـ الهدف الخلقي  :

اعتبر الإسلام بناء الأسرة وسيلة فعّالة لحماية أفرادها شيبا وشباباْ ، ذكوراً وإناثاً من الفساد، ووقاية المجتمع من الفوضى والانحراف.

3ـ الهدف الروحي:

تهذيب النفوس وتنمية الفضائل التي تؤدي إلى قيام الحياة على التعاطف والتراحم والإيثار.

أولى مراحل تكوين الأسرة الخِطبة وحُسن الاختيار

التأهيل لفترة الخطوبة

الخِطبة:

الخِطبة هي أولى خطوات الزواج، وما هي إلا لون من ألوان مقدمات الزواج ليتعرف كل طرف على الآخر معرفة تجعله على بصيرة من أمره .

وهي إبداء الرجل رغبته في الزواج من المرأة وقبولها هي ووليها لهذه الرغبة، والتواعد على إبرام عقد الزواج مستقبلاً.

واختلف الفقهاء في حكمها بين قائل بالإباحة أو الاستحباب؛ وذلك لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ خطب عَائشة بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما، وَخطب حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ رضي الله عنهما والحديثان رواهما البخاري وأحمد وغيرهما.

والخِطبة ليست زواجًا ولا شبهة زواج؛ وإنما هي مواعدة على الزواج بين رجل وامرأة لا تُثبت حقًّا ولا تُحِلُّ حرامًا، ولا تقرب بعيدا، ولا تهدم السدود، ولا تزيل الحدود، لا توجد بين الخاطب ومخطوبته علاقة شرعية تجيز له أن يمسك بيدها، وبقدر ما تكون البنت أصْوَنَ لنفسها وأحرص على عِفَّتِها وشَرَفِها وأبعد عن الخضوع والتكسُّرِ في كلامها وحديثها، بقدر ما تعلو مكانتها ويعظم قدرها عند من يراها ويسمعها وتزداد سعادتها في زواجها، ومن تَعَجَّلَ الشيء قبل أوانه عُوقِب بحرمانه.

شروط الخِطبة :

لا تباح خِطبة امرأة إلا إذا توفر فيها شرطان:

الأول: أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجه منها في الحال كأن تكون محرمة عليه بأي سبب من أسباب التحريم المؤبدة أو المؤقتة، المؤبدة كأن تكون عمته أو خالته أو أخته نسبا أو رضاعا وهذا معلوم شرعا وعرفا ، والمؤقتة كأن تكون أخت امرأته، أو امرأة غيره، أو معتدة من طلاق أو فتحرم عليه خطبتها حتى يزول سبب الحرمة.

الثاني: ألا يسبقه غيره إليها بخِطبة شرعية.

فيحرم على الرجل أن يخطب على خِطبة أخيه لما في ذلك من اعتداء على حق الخاطب الأول، واساءة إليه، وقد ينجم عن ذلك التصرف الشقاق بين الأسر ، فعن عقبة بن عامر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال: }المؤمن أخو المؤمن فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر{ ]رواه أحمد ومسلم[.

وقد روى ابن عمر رضي الله عنه  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال :  }لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له{.

وتجوز الخِطبة لو وقع التصريح بالرد، أو وقعت الإجابة بالتعريض كقولها: لا رغبة عنك، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، أو لم تقبل أو ترفض، أو أذن الخاطب الأول للثاني.

رضا المخطوبة :

أن تكون راضيةً بالزواج ممَنْ تقدَّم لخطبتها: فينبغي على ولي البنت أخذُ رأيها فيمن رغب فيها، فلا يرغمها على الزواج من رجل لا ترغب فيه، ذلك أنَّ الزواج عقد الحياة، فيجب أن تتوافر فيه الإرادة الكاملة، والرضا التام، فلا إكراه لأحد الطرفين على الاقتران بطرف لا يرغب فيه، أمَّا إذا كانت المرأة تحبُّ الراغب في نكاحها، وتميل إليه، فالأولى تزويجها منه، إذا كان لها كفؤاً، وذلك لقول النبي صلي الله عليه وسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:}لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتى تُسْتَأمر، ولا تُنْكَحُ البِكر حتى تُستأذَن، قالوا: يا رسولَ الله وكيف إذنُها؟ قال: أن تسكت{ ] رواه البخاري، ومسلم [ 

الخُطة العملية قبل الدخول في اجراءات الخِطبة وهي

1- الدعاء بالتوفيق إلى الزوج والزوجة الصالحة، فالدعاء هو العبادة، وعليك تحين مواطن الإجابة وهي كثيرة نذكر منها :

جوف الليل الآخر، ووقت السحر، ودبر كل صلاة مفروضة، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وآخر ساعة من نهار الجمعة، وعند شرب ماء زمزم، وفي السجود في الصلاة، والدعاء عند المرض، وبعد التشهد الأخير في الصلاة، ودعاء يوم عرفة ، و شهر رمضان، والليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر، وعند السفر.

2- البحث عن شريك وشريكة الحياة وفق منهج الله ومنهج الله في اختيار الشريك هو بالنسبة للرجل ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم: }إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير{ ]رواه الترمذي[ .

وأما بالنسبة للمرأة : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: }تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك{ ] رواه البخاري ومسلم[

3- الاستخارة: وهي طلب خير الأمرين من الله تعالى ولك في رسول الله أسوة حسنة، فقد استخار الله وعلم أصحابه كيف يستخيرون الله، فقد ورد عن جابر بن عبد الله أنه قال: }كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السور من القرآن {، وصلاة الاستخارة ركعتان من غير الفريضة ثم قراءة دعاء الاستخارة وكن واثقا أن الله تعالى سيختار لك ما تحب وما هو أصلح لك.. سواء رأيت ذلك بعينك أم لم تره.

4- الاستشارة وهي طلب المشورة والرأي السديد، واستشارة من تثق بعلمه وأمانته في كل ما تحتاجه في هذا المشروع الطيب ، فالله تعالى يقول:}وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159){ ]آل عمران[ وقال تعالى }وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ (38){ ]الشورى[ .

وقد قيل: إذا استشرت الناس شاركتهم في عقولهم، وقيل : نصف عقلك مع اخيك فاستشره، وقيل : من استشار ذوي الألباب سلك سبيل الرشاد، فالمشورة ليست عيبا أو ضعفا بل تفتح أبوابا لم تكن تدري كيف تفتح، وهي من شيم العقلاء ومن جانبها فقد استبد برأيه.

يقول ابن تيمية رحمه الله: "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار".

والخلاصة: إنه إذا استخار الرجل ربه واستشار واجتهد فقد قضى ما عليه ويقضي الله عنه في أمره ما يجب.

وفق الله الجميع للزوج الصالح والزوجة الصالحة

أهداف فترة الخطوبة

لقد شرع الله الخِطبة قبل الارتباط بعقد الزوجية ليتعرف كل من الزوجين على صاحبه ويكون الإقدام على الزواج على هدى وبصيرة.

 وهناك خمسة أهداف لا بد من تحقيقها وهي :

1ـ التقارب الوجداني والفكري والأسرى بين الطرفين .

2ـ التعارف من حيث الطباع ومعرفة نقاط الضعف والقوة عند كلا منهم .

3ـ التدريب على الالتزام في كل شيء وهذا التدريب يكسب الطرفين تحمل للمسئولية، وضبط للنفس، ومراعاة شعور الطرف الآخر في جميع التصرفات .

4ـ على الطرفان أن يتعاونا على التقارب الأسرى بين العائلتين أثناء فترة الخطوبة ، وقبل الزواج ، حتى يحدث التقارب المطلوب.

5ـ قد يعتقد البعض أن تجمل تصرفات الطرفين أمام بعضهما البعض قبل الزواج شيء خطأ، ولكن هذا غير صحيح، فالتجمل أثناء الخطوبة وقبل الزواج مطلوب ولكن دون الزيادة فيه.

مدة الخطوبة

أما بالنسبة للاختلاف على طول وقصر فترة الخطوبة ، فلابد أن ينتهز الخطيبان أي وقت مهما كان مساحته في تحقيق هذه الأهداف، ويفضل ألا تكون فترة الخطوبة طويلة ،أو قصيرة فالتوسط هام في هذا الأمر حتى يستطيع الطرفان تحقيق الأهداف المرجوة من فترة الخطوبة , ففترة الخطوبة القصيرة قد لا يكون بها متسع من الوقت للدراسة الكافية للطرفين أما فترة الخطوبة الطويلة فقد تؤدى إلى العديد من المشاكل بسبب شعور الطرفين بالملل .

وليس مطلوباً من الطرفين تحقيق هذه الأهداف بنسبة 100 % ولكن تحقيق القدر الذى يُرضى الطرفين ، وعلى الطرفين أن يتعاونا على التقارب الأسرى حتى يحدث التقارب بينهم ، كما عليهم أن يركزوا على التعرف على الطباع الشخصية والهويات والميول وليس التركيز على الماضي . 

مقترح أسئلة للخاطبين في لقاء التعارف

نقترح على كل خطيبين ان يجيبا عن هذه الاسئلة في لقاء التعارف بينهما وقد جربت هذه الأسئلة وكانت لها نتائج إيجابية وناجحة في الزواج.

1- ما طموحك المستقبلي وما هدفك في الحياة؟

إن لكل إنسان أمنية في حياته يسعى لتحقيقها سواء في المجال الاجتماعي أو الديني أو الأسري أو العلمي وغيره، ومن المهم في بداية التعارف بين الخاطب والمخطوبة أن تكون الرؤية المستقبلية للطرفين واضحة، وكلما كانت الرؤية واضحة قل الخلاف بين الزوجين في المستقبل.

2- ما تصورك لمفهوم الزواج؟

إن هذا السؤال من الأسئلة المهمة بين الطرفين، وذلك حتى يتعارف الطرفان على بعضهما أكثر، تقول إحدى المتزوجات: فوجئت عندما عرفت أن مفهوم الزواج عند زوجي هو مجرد تحقيق رغباته الجنسية فقط، وأما أنا فلا احترام لي ولا تقدير وكل المسؤوليات ملقاة علي، ويقول الزوج: كم فوجئت عندما علمت أن مفهوم الزواج عند زوجتي أنه من أجل الأبناء وأنا معها في مشاكل دائمة وإلى الآن لم يرزقنا الله الولد، فمعرفة مفهوم الزواج عند الطرفين والحوار حوله من الأمور التي تساعد على الاستقرار الأسري مستقبلا.

3- ما الصفات التي تحب أن تراها في شريك حياتك؟

جميل أن يتحدث الإنسان عن مشاعره وما يحب وما يكره وأجمل من ذلك كله أن يكون مثل هذا الحوار قبل الزواج بين الخاطب والمخطوبة، حتى يستطيع كل طرف أن يحكم على الطرف الآخر إذا كان يناسبه من عدمه. ونقصد بالمحبوبات والمكروهات إلى النفس من السلوك والاخلاقيات والأساليب والمطعومات والهوايات وغيرها.

4- هل ترى من الضروري إنجاب الطفل في أول سنة من الزواج؟

لعل البعض يعتقد أن هذا السؤال غير مهم، ولكن كم من حالة تفكك وانفصال حصلت بين الأزواج بسبب هذا الموضوع وخصوصا إذا بدأ أهل الزوج أو الزوجة يضغطون على الزوجين في موضوع الإنجاب، ولكن على الزوجين ان يتفقا فيما بينهما على هذا الموضوع، وألا يكون سببا من أسباب المشاكل الزوجية في المستقبل، ونحن لم نقل ان الأفضل الإنجاب في أول سنة أو التأخير وإنما نترك هذه المسألة لاتفاق الخطيبين.

5- هل تعاني من أي مشاكل صحية؟ أو عيوب خلقية؟

لا شك أن معرفة الأمراض التي يعاني منها الطرف الآخر، لا قدر الله، تؤثر في قرار الاختيار الزواجي بل إن إخفاء المرض على الطرف الآخر يعتبر من الغش في العقد فلا بد أن يكون ذلك واضحا بين الطرفين سواء كان فيه عاهة مستديمة أو برص في أماكن خفية من جسده أو مرض السكر أو غيرها من الأمراض أو العيوب التي يعاني منها المقبل على الزواج.

6- هل أنت اجتماعي؟ ومن هم أصدقاؤك؟

إن العلاقات الاجتماعية هي أبرز ما يميز الإنسان، ومهم أن يكون الإنسان اجتماعي الطبع يألف ويُؤلف، يُحِب ويُحِب ومهم عند التعارف أن يتعرف على الطرف الآخر من الناحية الاجتماعية كمعرفة أصدقائه وقوة علاقته بهم. وهل هو من النوع الاجتماعي أم الانطوائي.

7- كيف هي علاقتك بوالديك؟(إخوانك، أخواتك، أرحامك).

إن معرفة علاقة الخاطب أو المخطوبة بوالديه وأهله أمر في غاية الأهمية وذلك لأنه كما يقال إن الزواج ليس عقدا بين طرفين فقط وإنما هو عقد بين عائلتين فالزوج لن يعيش مع زوجته بمفرده منقطعا عن العالم من حوله، وإنما سيعيشان معا وكلما كانت العلاقة بالوالدين حسنة بارك الله في هذا الزواج، وكتب لهذه العائلة التوفيق.

8- فيم تقضي وقت فراغك؟ وما هواياتك؟

كلما ازداد التعرف على الطرف الآخر كان القرار بالاختيار سهلا وميسرا، وإن معرفة ما يحب الإنسان عمله في وقت فراغه دليل على شخصيته ومعيار لطموحه وأهدافه في الحياة ونظرته لمستقبله وشخصيته.

9- هل لك نشاط خيري أو تطوعي؟

كلما كانت علاقة الشخص بربه قوية كان مأمون الجانب ويفضل أن تكون الفتاة أو الفتى يقتطعان جزءا من وقتهما للعمل الخيري التطوعي وذلك من خلال تقديم عمل انمائي أو مساعدة أو حضور مجالس الخير والاستفادة منها فإن هذا النشاط مما يجدد الحياة الزوجية ويقوي العلاقة بينهما لأنهما يسعيان في هذه الدنيا من أجل هدف واحد وهو مرضاة الرب.

10- ما رأيك لو تدخلت والدتي أو والدتك في حياتنا الشخصية؟

إن هذا السؤال ينبغي أن يطرحه المقبل على الخطوبة وذلك ليتعرف كل واحد منهما على الآخر في هذا الجانب ومدى حساسيته عنده فيتفقان إذا اختلفا في وجهة النظر على سياسة في التعامل بينهما وطريقه في حل الخلاف لو حصل تدخل من الوالد أو الوالدة أو حتى الجدة في علاقتهما الخاصة. ويمكن أن تراجع صفحة تجارب ناجحة لتستفيد مما ذكر فيها.

تقييم الخطوبة :

هناك خمس حاجات لتقييم كل طرف للآخر وهى ...

1ـ الدين. 2ـ الأخلاق. 3ـ أسلوب التفكير. 4ـ النظرة المستقبلية. 5ـ العادات الاجتماعية.

التأهيل قبل الزواج

كل من يمضي باتجاه أمرٍ ينبغي أن يؤهل نفسياً , لا يحق ولا يجوز ولا يستقيم ولا يكمل أمر بدون تأهيل نفسي , الشاب الذي سيذهب نحو الزواج ينبغي أن يُؤهل نفسياً , الفتاة الذاهبة نحو الزواج ينبغي أن تُؤهل نفسياً , هناك مشكلة إذا لم نؤهل الشباب للزواج وهناك مشكلة أكبر إذا أهلناه تأهيلاً مضاداً ، الآن بعض الفتيات وبعض الشباب أو كثير يؤهلون بطريقة غير صحيحة في القنوات الفضائية ، وفي المسلسلات، كأن الزواج حب وفقط , كأن الزواج عشق وفقط , كأن الزواج غرام وهيام ووصال ووئام وسلام وفقط , الحق أن الحب جزء من الزواج , ولكن هناك أجزاء أخرى ،جديرة بالاهتمام .

خمس مفاهيم حول الزواج

أولاً: الزواج عبادة.

كل شاب مقبل على الزواج , فليعلم أنه ذاهب إلى عبادة وكذلك كل فتاة مقبلة على الزواج فهي ذاهبة إلى عبادة .

كل فعل يقوم به المسلم إذا نوى من خلاله التقوّي على طاعة الله وامتثال أمر الله عز وجل, فطعامه وشرابه ونومه وزواجه ، كل هذه الأفعال إن قُصِد بها مرضات الله فهو في عبادة.

وبالتالي الشاب الذي يعزف عن الزواج فهو عازف عن عبادة, كما لو عزف عن الصلاة أو الزكاة أو غيرها من العبادات.

حتى قال جمهور العلماء: الزواج أفضل من التفرغ للعبادة.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : }وفي بُضع أحدكم صدقة, قالوا يا رسول الله: أيقضي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام ! أليس عليه وزر؟ قالوا: بلى قال: كذلك لو وضعها في حلال كان له أجر{ [مسلم]

ثانياً: المتزوج معان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: }ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف{ [الترمذي والنسائي]

المتزوج معان من الله سبحانه وتعالى يعينه ( مادياً – معنوياً – نفسياً – إيمانياً وأخلاقياً..)  وكذلك المتزوجة معانة من قبل الله عز وجل. والقاعدة تقول : إذا كلفك أعانك.

وبالمقابل التارك للزواج متروك :إحدى أساتذة الطب في جامعة أوربية قالت في إحدى محاضراتها أمام جمع من الطالبات؛ وهي لم تتزوج بعد, قالت: " أيتها الطالبات أنصحكن بالزواج الآن, فإني خسرت أغلى شيء في حياتي وهي الأمومة والزوجية".

ثالثاً: بالقدر الذي تبتعد به عن الحرام قبل الزواج بالقدر الذي تسعد به مع زوجتك بعد الزواج.

(إنه ميزان دقيق أدق من ميزان صائغ الذهب)

إذا أمرك الله بأمر فامتثل لأمر الله فإنه خير لك وإذا نهاك عن شيء فابتعد عنه, فإنه لا يأمرك إلا بخير ولا ينهاك إلا عن الشر.

من أطاع الله سعد في الدنيا والآخرة ومن عصى الله تعس في الدنيا والآخرة.

"في دراسة أكاديمية أجرتها جامعة القاهرة حول الزواج بحب والزواج بدون حب النتيجة:

الزواج الذي يأتي بعد قصة حب 88% من حالته تنتهي بالطلاق, أما الزواج الذي سمّوه تقليدياً (أو زواج صالونات ) فقد حققت77% من حالاته نجاحاً واستمراراً.

والحكمة تقول "من تعجل شيئًا قبل أوانه عُوقِب بحرمانه".

رابعاً: لا صحة لكل الدعايات الهابطة التي تدعو للتدرب على العلاقة الزوجية قبل الزواج لأن هذه العلاقة علاقة فطرية .

هذه العلاقة علاقة فطرية, مفطور عليها الإنسان لو وجد رجل وامرأة في هذا الكون دون ثالث, وأمرهما الله بالزواج لعلما كيف يتم الزواج, وآدم وحواء هكذا تمّ الأمر بينهما.

والدليل على ذلك  "من الذي علم الطفل أن يلتقم ثدي أمه عند الولادة مباشرةً" ، إنها عمليةٌ فطرية ولا دخل لكل هذه الدعايات الهابطة بذلك .

خامساً: أصعب عام في الزواج هو العام الأول.

لذلك لا يتشاءم المتزوجون, لكن هذه هي الحقيقة, أصعب عامٍ في الزواج هو العام الأول, العام الثاني أحسن, والثالث أحسن لذلك إذا نجوت في العام الأول, وإذا صبرت في العام الأول, بإذن الله سيمشي المركب, لكنه أخطر عام هو العام الأول.

العام الأول فيه صعوبة لأن هناك شخصان( رجل وامرأة ) مختلفان سيشتركان مع بعضهما البعض في كل صغيرةٍ وكبيرة.

أيتها الفتاة: أول عامٍ في زواجك أصعب عام, لذلك إيّاكِ أن تفكري, أو إيّاكَ أن تفكر أيها الشاب بالتراجع, إذا مر العام الأول, العام الثاني مئة بالمائة أحسن والثالث أحسن, والرابع أحسن, والخامس أحسن وهكذا, لا تنس أنكَ تأخذ أجراً بمقدار الصعوبة.

الإعداد والتأهيل النفسي للزوجين                                          

فلابد من الإعداد والتأهيل النفسي للزوجين ، فهناك ثلاث مفاهيم مهمة جدا لابد أن يفهما الطرفين:

أولا: الزواج مسئولية

لو أردنا أن نختصر الزواج في كلمة واحدة لكانت هذه الكلمة "الزواج مسؤولية " باختصار كل شاب سيذهب نحو الزواج ، ذاهب نحو تحمل مسئولية جديدة , أنت قبل زواجك كنت مسئولاً عن نفسك ربما تكون مسؤولاً عن أمك وأبيك بنفقة معينة إذا كانا كبيرين وأنت الذي تنفق على البيت , لكنك بعد الزواج ستصير مسئولاً عن نفسك وعن أمك وأبيك وعن زوجتك , وبعد سنة من الزواج ستصير مسئولاً عن مولود جديد عن ابن .

إذا كنت مستعد لتحمل مسئولية جديدة ،اذهب نحو الزواج , قبل الزواج كنت تسهر إلى ساعات متأخرة خارج البيت , بعد الزواج لا يستقيم لك ذلك الأمر، إن تلك المرأة العفيفة التي تنتظرك في البيت من حقها أن تعود إليها مبكرا.

الزواج مسئولية وأنتِ أيتها الفتاة قبل الزواج كنتِ تستيقظين في ساعة متأخرة صباحاً في الساعة الثامنة أو التاسعة ،أوالعاشرة لأن أمك كانت هي التي تعتني بالبيت وتقوم بمتطلبات البيت, بعد الزواج لا يستقيم لك هذا الأمر أبداً لأن هذا الزوج الذاهب إلى العمل في كل صباح , هو ينتظر زوجة تستيقظ قبله لتجهز له الطعام وتجهز الثياب وتقوم بمتطلبات البيت.

لقد اختصر الله عز وجل في القرآن الكريم مسئوليات الرجل ومسئوليات المرأة في الزواج في آية من سورة النساء وهي {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ(34)}. ثلاث مسؤوليات للرجل في هذه الآية وثلاث مسؤوليات للمرأة .

المسئولية الأولي للرجل: القوامة

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} قوّامون جمع قوام , قوّام صيغة مبالغة من قائم , قائم قوّام ,والقائم هو الذي يعمل أكثر , هو الذي يجتهد أكثر ،هو الذي يخدم أكثر,

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} يقومون بكثرة على رعاية زوجاتهم .

إذن أول مسؤولية تقع على عائق الشاب: أن يقوم على رعاية زوجته .

المسئولية الثانية للرجل: مسئولية التربية

لأن التربية جزء من القوامة , فالرجل مسؤول أن يدعو أهل بيته إلى طاعة الله عز وجل  ،وكلما ازددت أيها الزوج من دعوتك لزوجتك وأمرها وترغيبها وتحبيبها في الطاعة كلما ازدادت أجورك وازددت قرباً من الله تعالى .

المسئولية الثالثة للرجل: مسئولية النفقة

هذه كلها على الرجل, المرأة في الإسلام مَلِكة بكل ما تعني الكلمة .

إذا كانت صغيرة فنفقتها على أبيها , وإذا تزوجت نفقتها على زوجها , وإذا صارت أماً وقد مات زوجها نفقتها على أولادها , إذا لم يكن لها أولاد فالنفقة على إخوانها من الرجال والشباب , فالمرأة ملكة في الإسلام، لقد أعلى الإسلام من قدر المرأة . .

فأنت أيها الرجل مسئول عن النفقة ولو كانت زوجتك موظفة ولها راتب يفوق راتبك بأضعاف لا يُلزمها قانون ولا شرع أن تُنفق على هذا البيت ولكنها لو ساعدت زوجها في نفقة البيت فهذا أفضل ولها ثواب مساعدة زوجها .

فالرجل هو الذي يتولى مسئولية الأسرة في الدنيا وأمام الله عز وجل يوم القيامة.

ويتولى حمايتها وهو أكثر تحكما بعواطفه من المرأة فهو الأنسب في سياسة الأسرة والقوامة عليها .

فإذا كان الرجل مستعد لتحمل المسؤولية فعليه أن يُقدم علي الزواج وإذا لم يكن مستعد لذلك فعليه أن يتأخر حتي يتدرب علي المسؤولية ،حتى نبني أسرة صحيحة.

مسئوليات المرأة ثلاثة أيضا :(الطاعة وحفظ الأولاد وحفظ البيت)

المسؤولية الأولي :الطاعة

قال الله تعالى { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ(34)}} والآن ما معنى امرأة صالحة ؟ نحن نقول الصالحات المصليات الصائمات القائمات العبادات المعتمرات الحاجات هكذا نقول لكن القرآن يقول أمراً آخر يقول {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} ومعنى القانت : هو المطيع الصالحات قانتات يعني طائعات .

أول مسئوليات المرأة أن تطيع زوجها , المرأة ستُسأل يوم القيامة هل أطاعتِ زوجكها أم لا ؟

لعل فتاة تقول : أنا ما اعتدت على الطاعة ، في الزواج لابد أن تتعودي على الطاعة , العالم كله قائم على الطاعة , العالم كله نظامه يقوم على رئيس يأمر ومرؤوس يُطيع ، على مدير يأمر وعلى موظف يطيع , على أستاذ يأمر وعلى طالب يُطيع , لا يوجد في الأرض أسرة  أو مؤسسة أو هيئة تقوم إلا بهذه الطريقة , أرأيتم إلى الطائرة فيها كابتن وفيها مساعد كابتن , الكابتن هو الذي يأمر ماذا يفعل؟  مساعد الكابتن يُطيع , هل يعيب أحد منا مساعد الكابتن إذا أطاع الكابتن؟  أبداً .

وماذا يحدث لو قال مساعد الكابتن للكابتن أنت طيار وأنا طيار وبالفعل المساعد والكابتن بدرجة واحدة من المهارات غالباً ، أنت تقول أمراً وأنا أقول أمرين , ليس لي أن أطيعك ، ماذا سيحدث للطائرة ..؟ ستسقط أرضاً بلا شك!!

كذلك الزوج مدير في الأسرة وباقي أفراد الأسرة مُطيعون ، فإذا لم يُطع المساعدون ستنهدم الأسرة  سريعا . قال الله تعالى {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} يعني طائعات لأزواجهن وطائعات لله تعالى.

فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:} أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة{. رواه الترمذي.

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:} إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت{. رواه ابن حبان في صحيحه.

ولكن التربية المعوجة هي التي أثمرت لنا المرأة المسترجلة التي شابهت الرجال الأمر الذي أصبح بعد ذلك سببا من أسباب الطلاق وهو فقدان الاحترام والمودة بين الزوجين، والأصل أن الأسرة تقوم على المودة والرحمة:  قال تعالى }وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ (21){ [الروم].

ولكن التربية هي التي تجعل المرأة تعقل عظيم حق زوجها عليها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول:}لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها{ ]ابن ماجة[

يقول أنس كان الأصحاب إذا زفوا امرأة إلى زوجها يوصونها برعاية حقه وبطاعته.

المسئولية الثانية والثالثة : حافظات للغيب بما حفظ الله

يحفظن دورهن في غياب أزواجهن ، ويحفظن أولادهن في حضرة وغياب أزواجهن , ومن حفظ الزوج عدم نكران المعروف والإحسان، فقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم بذلك فقال }لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه{ ]النسائي والبزار[

ويقول صلي الله عليه وسلم:}يا معشر النساء إني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: مم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن، قلن: تكفرن بالله؟ قال: تكفرن العشير(أي الزوج) لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط{  ]البخاري[

إن الزوجة برعايتها لبيتها ورعايتها لأولادها تصنع صناعة كبيرة وقديماً قالوا :"وراء كل عظيم امرأة وبالحق ".

أيها الأخوة إنكم لم تروا عظيماً إلا ورائه امرأة عظيمة هي التي دعمته، وهي التي حمت ظهره حتى صار عظيماً.

حدثوا عن الإمام الأوزاعي وهو إمام بلاد الشام من بعلبك "هذا الإمام مات أبوه وهو صغير نشأ يتيماً في حجر أمه ،وهي ربته تربية تعجز الملوك أن تربي أولادها تربيته" , نحن بحاجة إلى أم تربي لنا أوزاعياً جديداً،  تربي لنا الشافعي ومالك ،  تربي لنا صلاح الدين الأيوبي ، تربي لنا محمد الفاتح .....وهكذا

دور البيت في التأهيل

أ . وصية أمامة بنت الحارث لابنتها يوم زفافها :

امرأة قبل الإسلام اسمها أمامة بنت الحارث ، أوصت ابنتها يوم زفافها ، فقالت : أي بنية ، إن الوصية لو تركت لفضل أدبٍ تركت لذلك منك ، ولكنها تذكرة للغافل ، ومعونة للعاقل ، ولو أن المرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، أو لشدة حاجتهما إليها لكنت أغنى الناس عنه ،ولكن النساء للرجال خُلِقن، ولهن خُلِق الرجال ،أي بنية ،إنك فارقتِ الجو الذي منه خرجتِ ، وخلفتِ العش الذي فيه درجتِ ، إلى وكرٍ لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه ، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً ، كوني له أَمَة يكن لك عبداً ، أي بنية ، خذي عني عشر خصال تكن لك ذخراً وأجراً : الصحبة بالقناعة ، أعظم النساء بركة أقلهن مؤونة ومهراً ، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، والتفقد لمواضع عينه وأنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، ولا كحل إلا أحسن الحسن ، والماء أطيب الطيب المفقود ، والتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ، والاحتراس لماله والرعية على حشمه وعياله ، وملاك الأمر في المال حسن التدبير ، وفي العيال حسن التقدير ، ولا تعصِ له أمراً ، ولا تفشِ له سراً ، فإنك إن عصيت أمره أوغرتِ صدره ، وإن أفشيت سره لن تأمني غدره ، ثم يا بنيتي ، إياك والفرح بين يديه إن كان ترحاً ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً ، فإن الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير ، واعلمي أنه لن تَصلي إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهواه على هواك فيما أحببت أو كرهت ، والله يختار لك .

ب. وصية إمام لابنه يوم زواجه!!

أي بني: إنّك لن تنال السعادة في بيتك إلا بعشر خصال تمنحها لزوجك فاحفظها عني واحرص عليها:

أما الأولى والثانية: إنّ النّساء يحببن الدلال ويحببن التصريح بالحب، فلا تبخل على زوجتك بذلك، فإن بخلت جعل بينك وبينها حجابًا من الجفوة ونقصًا في المودة .

وأما الثالثة: إن النساء يكرهنَ الرجل الشديد الحازم ويستخدمن الرجل الضعيف اللين فاجعل لكل صفة مكانها فإنه أدعى للحب وأجلب للطمأنينة.

وأما الرابعة: إنّ النساء يُحببن من الزوج ما يحب الزوج منهنّ من طيب الكلام وحسن المنظر ونظافة الثياب وطيب الرائحة فكن في كل أحوالك كذلك.

أما الخامسة: إنّ البيت مملكة الأنثى وفيه تشعر أنّها متربعة على عرشها وأنها سيدة فيه، فإيّاك أن تهدم هذه المملكة التي تعيشها، وإياك أن تحاول أن تزيحها عن عرشها هذا، فإنّك إن فعلت نازعتها ملكها، وليس لملكٍ أشدّ عداوةً ممن ينازعه ملكه.

أما السادسة: إنّ المرأة تحب أن تكسب زوجها ولا تخسر أهلها، فإيّاك أن تجعل نفسك مع أهلها في ميزان واحد، فإمّا أنت وإمّا أهلها، فهي وإن اختارتك على أهلها فإنّها ستبقى في كمدٍ تُنقل عَدْواه , حياتك اليومية.

والسابعة: إنّ المرأة خُلِقت مِن ضِلعٍ أعوج وهذا سرّ الجمال فيها، وسرُّ الجذب إليها وليس هذا عيبًا فيها "فالحاجب زيّنه العِوَجُ"، فلا تحمل عليها إن هي أخطأت حملةً لا هوادة فيها تحاول تقييم المعوج فتكسرها وكسرها طلاقها، ولا تتركها إن هي أخطأت حتى يزداد اعوجاجها وتتقوقع على نفسها فلا تلين لك بعد ذلك ولا تسمع إليك، ولكن كن دائما معها بين بين.

أما الثامنة: إنّ النّساء جُبلن على كُفر العشير وجُحدان المعروف، فإن أحسنت لإحداهنّ دهرًا ثم أسأت إليها مرة قالت: ما وجدت منك خيرًا قط، فلا يحملنّك هذا الخلق على أن تكرهها وتنفر منها، فإنّك إن كرهت منها هذا الخلق رضيت منها غيره.

أما التاسعة: إنّ المرأة تمر بحالات من الضعف الجسدي والتعب النفسي، حتى إنّ الله سبحانه وتعالى أسقط عنها مجموعةً من الفرائض التي افترضها في هذه الحالات فقد أسقط عنها الصلاة نهائيًا في هذه الحالات وأنسأ لها الصيام خلالهما حتى تعود صحتها ويعتدل مزاجها، فكن معها في هذه الأحوال ربانيا كما خفف الله سبحانه وتعالى عنها فرائضه أن تخفف عنها طلباتك وأوامرك.

أما العاشرة: اعلم أن المرأة أسيرة عندك، فارحم أسرها وتجاوز عن ضعفها تكن لك خير متاع وخير شريك .

ثانيا : الزواج تضحية

من أراد أن يتزوج ومن أرادت أن تتزوج فليكن مستعد للتضحية, فالزواج تضحية وكم ضحت أمهاتنا لأجلنا وكم ضحى آبائنا لأجلنا.

ما من طبيب ولا مهندس ولا حرفي ولا تاجر ولا صانع ولا طالب ناجح ،وما من فتاة ناجحة إلا لها أم هي التي صنعتها ضحت لأجلها ولأجل إخوانها وأخواتها و لها أب ضحى من أجلها ومن أجل إخوانها وأخواتها .

ويحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أم هانئ بنت أبي طالب أخت سيدنا علي رضي الله عنه وعنها وهي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , كانت متزوجة مات زوجها وخلف لها أيتام،  يتقدم سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لخِطبتها لنفسه , بالله عليكم هل تأبى امرأة أن تكون سيدة أولى في العالم , لأن زوجة سيدنا محمد تسمى أماً للمؤمنين وتُسمى بالعرف المعاصر السيدة الأولى، لما جاءها رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالت : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملئ العين والسمع ولست عنه بمستغني ولكني امرأة مؤتمة عندي أيتام أخاف إن اعتنيت بحقه أن أقصر في حقهم وإن اعتنيت بحقهم أن أقصر بحقه أنا أعتذر يا رسول الله عن الزواج , بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال}نسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ {[مسلم].

لقد ضحت أم هانئ بمنصب أنت تكون السيدة الأولى في الدنيا والآخرة لقاء أن ترعى هؤلاء الأيتام, لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم }أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْن لقد أجهدتها الحياة لقد أجهدتها المشقة حتى رسم ذلك على خديها كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، امْرَأَةٌ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا مات عنها زوجها وخلف لها أيتام، حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَيْتَامِهَا حَتَّى بَانُوا ، أَوْ مَاتُوا{.

وهذا سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه يموت أبوه وقد ماتت أمه في السابق وخلف أبوه له سبعة أخوات بنات وجابر شاب والشاب يُحب أن يتزوج فتاة بكراً جميلة صبية فتية فلما أراد أن يتزوج تزوج امرأة ثيباً قال له النبي صلى الله عليه وسلم}يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ قَالَ : قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ قَالَ قُلْتُ بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلَّا بِكْرً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ أَوْ قَالَ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ أَوْ سَبْعَ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ أَوْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ قَالَ : فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ لِي خَيْرًا { [متفق عليه]

أردت زوجة كبيرة حتى تعينني على تربية أخواتي البنات, لقد ضحى بشيء يخصه لأجل أن يرعى أخواته البنات.

ثالثا: الزواج قبول للاختلاف

إن الاختلاف سنة ربانية لا مخلص منها، فالناس يختلفون في ألوانهم، وأشكالهم وقبائلهم وميولهم وعقولهم، وفي كل شيء، وقد قال الله تعالى}ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين(22){ [الروم].

ونجد كلا الزوجين من بيئة مختلفة ويحملان طباع مختلفة لأن كل طرف تربي علي طريقة مختلفة عن الآخر فلابد أن يختلفا ،فمستحيل أن يتطابق زوجان مع بعضها انطباق الكف على الكف لا تصدقوا , لا تصدقوا أن زوجاً وزوجته متفقين أو متفقان بدون أي اختلاف , إذا انتفى كل فارق انتفت الإثنينيه ما دمت أنا وأنت اثنين إذا نحن مختلفان, فإذا تزوجت فأعلم أن زوجتك ستكون مختلفة معك وأنت راض بهذا الاختلاف .

وقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم الرجال أن يعرفوا طبائع النساء لغلبة الجانب العاطفي فيهن يقول عليه الصلاة والسلام }استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع أعوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقومه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستمتعوا بهن على عوجهن{ ]رواه البخاري ومسلم [

و يقول صلي الله عليه وسلم }لا يفرك (لا يبغض) رجل امرأته فإن كره منها خلقا أحب فيها آخر{  ]رواه مسلم[

ويقول المولي عز وجل }فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا(19){[النساء].

منهج الإسلام في حل المشاكل الزوجية

فللبيوت أسرارُها، وللعلاقات الزوجية سماتُها، وفي حياة كل زوجين أفراح وأتراح، فيومًا تطيب العشرة بين الزوجين، فيصبحان وكأنهما أسعد زوجين، ينعمان بعيشة هَنيّة وحياة زوجية هانئة هادئة، ويومًا يحدث في البيت ما يُعكّر صفوه ويُكدّر هناءة، فتتباعد القلوب، وتستوحش النفوس، ويضيق البيت على سعته بساكنيه، وبين هذين اليومين أيام وأيام تكون شَوْبًا من المودّة والبغض وخليطًا من الحب والكراهية، فيا ترى هل هناك بيت يخلو من المشاكل والمنغّصات بين الزوجين؟!

ومَن الزوج المثالي الذي يُحسن إدارة منزله ويُجيد قيادة مركب العائلة حتى لا تغرقه أمواج الشقاق ويبتلعه طوفان المشكلات؟!

ومن ظن أنه قد يخلو بيت من المشكلات فقد أبعد النُّجْعَة وطلب محالاً، فإذا كان محمد وهو سيد البشر وأفضلهم وأتقاهم ونساؤه أمهات المؤمنين ولم يكن لربه سبحانه أن يزوجه إلا من ذوات الفضل والخلق والمعدن الكريم، ومع ذلك لم يخل بيته من تلك المشكلات المعتادة في البيوت فبيوت غيره من الناس أحرى.

فلنا في رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأسوةُ الحسنة بالصبر والتحمُّل والرفق بالزوجات.

ها هو سيدنا عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يحدثنا وهو والد إحدى زوجات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عمَّا علمه وسمعه وشاهَدَه، فيقول فيما أخرجه البخاري: "كنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نغلبُ النساء، فلمَّا قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبُهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخُذنَ من أدبِ نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعَتْني فأنكرتُ أنْ تراجعني قالت: ولِمَ تنكر أنْ أراجعك فوالله إنَّ أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليُراجِعنَه، وإنَّ إحداهن لتهجُره اليومَ حتى الليل، فأفزعني ذلك وقلت لها: قد خاب مَن فعَل ذلك منهنَّ، ثم جمعت عليَّ ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقلت لها: أي حفصة، أتغاضب إحداكنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: قد خبتِ وخسرتِ، أفتَأمَنين أنْ يغضَبَ الله لغضبِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فتهلكي؟!   وأخرج البخاري عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمَّهات المؤمنين بصحفةٍ فيها طعامٌ فضربت التي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلقَ الصحفة، ثم جعَل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول (غارت أمُّكم) ثم حبس الخادم حتى أُتِي بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.

ولنفترض أن الوقاية لم تنجح، وأن الخلاف بين الزوجين قد وقع بالفعل، فماذا عساه يفعل الزوج لحلِّ هذا الخلاف والقضاء على هذه الأزمة ؟!

هنا تكون الأسوة بالنبي صلي الله عليه وسلم واجبة وضرورية ؛ فإننا سنري من حكمة النبي صلي الله عليه وسلم في طريقته في حلِّ الخلافات الزوجية .

حدث خلاف ذات مرة بين النبي صلي الله عليه وسلم والسيدة عائشة رضى الله عنها ، فقال لها :" مَنْ ترضين حكما بيني وبينك ؟

أترضَيْن بعمر ؟! فقالت: لا إني أهاب شدَّته وغلظته، فقال : أترضَيْن بأبي عبيدة ؟! قالت: لا، إنه يحبك وسيحكم لك،! فقال : أترضين بأبيك أبى بكر ؟

فقالت: نعم .. فبعث إليه النبي صلي الله عليه وسلم ، فلما دخل عليهما قال النبي صلي الله عليه وسلم للسيدة عائشة :" تتكلمين أنت أوَّلاً أم أتكلم أنا ؟

فقالت: تكلَّمْ يا رسول الله ولا تَقُلْ إلا حقاً.

فقام سيدنا أبو بكر رضي الله عنه إلى ابتنه ليضربها، فاحتَمَتْ بظهر النبي صلي الله عليه وسلم الذى قال لأبى بكر: " دعوناك محَّكماً ولم نَدْعُكَ مؤَدِّبا ، فاخرج فما لهذا دعوناك "، فلما خرج أبو بكر تنحَّت السيدة عائشة جانبا، فأراد النبي صلي الله عليه وسلم أن يلاطفها فقال لها :" ادْن منى" ، فلم تقترب، فقال لها :" لقد كنتِ من قبلُ شديدة اللزوق بظهري "

(يقصد أنها كانت منذ لحظات تحتمى بظهره خوفا من أبيها) فضحكت رضى الله عنها وضحك المصطفى صلي الله عليه وسلم ، ودخل عليهما الصديق رضي الله عنه وهما يضحكان فقال لهما : أَشْركاني في سِلْمكما كما أشرْكتماني في حربكما

 . ]أخرجه الإمام أحمد في مسنده[

فاللهم احفظ بيوتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن . اللهم آمين.

=================================

رابط pdf

https://top4top.io/downloadf-2739x27mz1-pdf.html

رابط doc

https://top4top.io/downloadf-2739x92jp2-docx.html


ليست هناك تعليقات: