الحمد لله رب العالمين .. اهتم بالعلاقات الإنسانية وقرنها بعبادته تعالي فقال تعالي {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (35)}[ النساء]
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك والحمد يحي ويميت وهو علي كل شيئ قدير ربط بين المؤمنين جميعا برباط الإيمان والمحبة فقال تعالي{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10)} [الحجرات]
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ).. بين لنا أساس التفاضل في العلاقات فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ[ [رواه الترمذي].
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين .
أما بعد .. فيا أيها المؤمنون ..
إن ما يميز شريعة الإسلام عن سواها من الشرائع والأديان هو شمولها لكافة مناحي الحياة وعمومها لكافة الخلق إنسهم وجنهم، ذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت لتصحح مسار الحياة الإنسانية وترسم لها الطريق القويم والمنهج الواضح السليم في التعامل وفق تعاليم واضحة مفهومة سهلة التطبيق.
لهذا نهض أصحاب النبي (ﷺ) وسلفنا الصالح بتلك الرسالة مطبقين تعاليمها عمليا فيما بينهم وبين خالقهم وفازوا بسعادة العاجل والآجل، بل إن في التزام أولئك النفر بتطبيق معايير الإسلام وتعاليمه عليهم وعلى غيرهم ما يدعو إلى الاعتبار والانبهار، ومن تلك القواعد التي أرستها الشريعة الإسلامية في التعامل ما بين الناس حقوق الجار.
لذلك كان لزاما علينا لكي نحقق السعادة لأنفسنا ولأمتنا كما سعد أسلافنا أن نتحدث عن أدب الإسلام في التعامل مع الجار ، وذلك من خلال العناصر الرئيسية التالية :ــ
============
أولاً: تعريف الجار.
ثانيًا: حدّ الجوار.
ثالثًا: مراتب الجيران.
رابعًا: منزلة الجار في الإسلام.
خامسًا: حقوق الجار في الإسلام.
سادسًا: أثر الاهتمام بحقوق الجار على المجتمع المسلم.
سابعًا: نماذج مضيئة من حياة السلف في معاملة الجيران .
ثامنا :ـ الخاتمة .
===========================
العنصر الأول : تعريف الجار:ـ
الجار :ـ هومن جاورك جوارًا شرعيًا، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، برًا أو فاجرًا، صديقًا أو عدوًا، محسنًا أو مسيئًا، نافعًا أو ضارًا، قريبًا أو أجنبيًا، بلديًا أو غريبًا. في المنزل والمسكن أوالحقل .
العنصر الثاني : حد الجوار :ـ
ذهب العلماء إلي أنه أربعون دارًا من كلّ ناحية، وهو قول عائشة رضي الله عنها والحسن والزهري والأوزاعي.
قال الإمام الشوكاني: روى القرطبي أن رجلا أتى النبي (ﷺ) فجعل يشكو جاره، فأمر النبي (ﷺ) أن ينادي على باب المسجد ” ألا إن أربعين دارا جارا ” ألا إنّ أربعين دارًا جارًا، أربعون جارًا من أربع جِهات، وهناك عشرة نحو الأعلى، أو أقلّ من ذلك، هؤلاء كلّهم جيرانك.
العنصر الثالث : مراتب الجيران: ـ
الجيران ثلاثة: جار له حق وهو المشرك، له حقّ الجوار.
وجار له حقان وهو المسلم، له حقّ الجوار وحق الإسلام.
وجارله ثلاثة حقوق مسلم له رحم، له حق الجوار والإسلام والرحم .
وأخرج البزار في مسنده عن جابر رضي الله عنه أن النبي (ﷺ) قال: ” الجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو أدنى الجيران، وجار له حقان، جار له ثلاثة حقوق ..”.
العنصر الرابع : منزلة الجار في الإسلام:ـ
1ـ قرن الله تعالى حقّ الجار بعبادته وحده والإحسان إلى الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين.
قال تعالي{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36)} [ النساء] الجار ذي القربى، والجار الجنب.
2ـ تكرّرت الوصية من جبريل عليه السلام بالجار حتى ظنّ النبي (ﷺ) أنه سيورّثه.
قال (ﷺ): (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)
3ـ جعل النبي (ﷺ) إكرام الجار والإحسان إليه وعدم إيذائه من علامات الإيمان.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ } [متفق عليه ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ){اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ،ولا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب }
4ـ نفي النبي (ﷺ) الإيمان عمّن لا يأمن جاره بوائقه ،وعمن لا يحبّ لجاره ما يحبّ لنفسه. قال (ﷺ) {وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ}[البخاري]
وعن أنس رضي الله عنه، قال قال رسول الله (ﷺ): {ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه ، وهو يعلم به} [رواه البزار]
وهذا الحديث ينفي عن المسلم الإيمان إذا لم يساعد جاره فكيف إذا أوقع فيه الأذى، وإذا قلتَ لا أعلم أقول لك: من لم يتفقَّد شؤون من حوله فليس مؤمناً .
5 ـ ترتيب الخيريّة عند الله على الخيريّة للجار وسبب في رفع منزلته عند الله عز وجل :ـ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) {خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ} [رواه الترمذي صححه الألباني] .
صاحبان، صديقان، شريكان، جاران، خيرُ الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه إذا فقْتَهُ بالإحسان فأنت أفضلُ منه، إذا فقْتَهُ في الانضباط فأنت أفضلُ منه، إذا فقْتَهُ في العفو فأنت خير منه،{ خَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ}
6ـ جعل النبي (ﷺ) حسن الجوار سببًا لعمران الديار وزيادة الأعمار.
قال النبي (ﷺ) {إنه من أعطي حظَّه من الرِّفق، فقد أعطي حظَّه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحُسن الخلق وحُسن الجوار يَعمُران الديار، ويزيدان في الأعمار}[صحَّحه الألباني]
7ـ سوء الجوار من القاصمات للظهر :ـ
أخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال:{ألا أخبركم بالثلاث الفواقر؟ قيل: وما هن؟
قال: إمام جائر، إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء، إن رأى حسنة غطاها، وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك، وإن غبت عنها خانتك } [رواه ابن أبي شيبة ] .
الفاقرة هي عظم الظهر.الفواقر جمع فاقرة، أو فِقْرة عَظْمة الظّهر، أيْ ثلاثة يحطِّمْن عظيمات الظّهر أيْ يقصِمن الظّهر .
8ـ إساءة الجوار من عادات الجاهلية التي بعث الله نبيه لتغييرها:ـ
يتضح هذا من جواب جعفر بن أبي طالب للنجاشي حين سأله عن هذا الدين الجديد، فقال له جعفر: {أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّة، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ؛ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَام -فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الإِسْلام- فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا} [رواه أحمد].
9 ـ الإحسان إلى الجار والقيام بحقه سبب لمغفرة الذنوب:ـ
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَشْهَدُ لَهُ ثَلاثَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ بِخَيْرٍ إِلاّ قَالَ اللَّهُ عز وجل: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى مَا عَلِمُوا وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَمُ» [رواه أحمد وحسنه الألباني]
10ـ أن الجار الصالح من أسباب سعادة العبد، وعكسه من أسباب شقائه:ـ
فعن سلمان قال رسول الله (ﷺ): {أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق} [أخرجه الألباني في الصحيحة]
11ـ يقبل الله عز وجل شهادة جيرانه في حقه بالخير، ويغفر له ما لا يعلمون :ـ
روى أنس رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال: {ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين، إلاَّ قال: قد قبِلت فيه عِلمكم فيه، وغفَرت له ما لا تعلمون}[ قال الألباني: حسن لغيره]. .
ويعرف الإنسان نفسه بأنه أحسن إلى الجار أو أساء إليه بتطبيق الميزان النبوي في ذلك،
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله (ﷺ): كيف لي أن أعلم إذا أحسنتُ وإذا أسأت؟ قال النبي (ﷺ):{إذا سمعت جيرانك يقولون أن قد أحسنتَ فقد أحسنتَ، وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأتَ فقد أسأت}
12ـ تعظيم الخطيئة في حق الجار:ـ
عن الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ يَقُولُ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِأَصْحَابِهِ : مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا ؟ قَالُوا : حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (ﷺ) ؛فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِأَصْحَابِهِ : لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ !
فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ ؟ قَالُوا :حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ (ﷺ) ؛فَهِيَ حَرَامٌ .
قَالَ : لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ }. رواه أحمد وصححه الألباني.
13 ـ عدم مصاحبة المسيئ للجار في الغزو مع النبي (ﷺ):ـ
أخرج الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: خرج رسول اللّه (ﷺ) في غزاة فقال : (لا يصحبنا اليوم من آذى جاره) [ رواه الطبراني]
العنصر الخامس : حقوق الجار في الإسلام:ـ
لقد تعبدنا الله تعالي بالإحسان إلي الجار وأي تقصير في هذا الحق يؤدي إلي غضب الله تعالي وحتي نتمكن من أداء هذه العبادة فيجب أن نتعرف علي حقوق الجار في الإسلام وهي كما يلي :ـ
أولًا: كف الأذى عنه:ــ
وهذا الحق واجب على المسلمين، فلا يجوز لهم بحال إيذاء أحد من الناس ما دام مسالما، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ:{مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ}[رواه البخاري]
وعَنْه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: {هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ} [أخرجه أحمد وصححه الألباني]
وأنت حينما تؤذي الجار أنت تُسْقِطُ عباداتك كلّها، وتؤكّد للناس أنّ الدِّين كلامٌ فارغ، وأنّ الدّين رابطةٌ واهيَة، الدِّينُ معاملة، الدِّين تَضْحيَة، الدِّين أمانة .
ومن صور إيذاء الجار :ــ
حسده وتمني زوال النعمة عنه، أو السخرية به واحتقاره، أو إشاعة أخباره وأسراره بين الناس،أو الكذب عليه وتنفير الناس منه، أو تتبّع عثراته والفرح بزلاته، أو مضايقته في المسكن أو موقف السيارة، أو إلقاء الأذى عند بابه، أو التطلّع إلى عوراته ومحارمه، أو إزعاجه بالصراخ والأصوات المنكرة، أو إيذائه في أبنائه.
ثانيا: الإهداء إليه وبذل المعروف :ـ
فكم من هدية أوقعت في قلب المهدى إليه أثرا عظيما، فهي تقرب النفوس وتزيل الأحقاد وتبرهن على صدق المودة وعظيم المحبة،
فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ (ﷺ) فَقَالَ:{مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ} [رواه البخاريٍ]
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ):{يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ}[رواه مسلم]
فكان فيما بعد إذا طبخ لحما أكثر ماءه وأهدى إلى جيرانه ويقول: إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ» (رواه مسلم)
وذُبح لعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو شَاةٌ فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ:{مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» (رواه الترمذي). وسألت عائشة رضي الله عنها رَسُولَ اللَّهِ فقالت: إِنَّ لِي جَارَتيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: {إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا} [رواه البخاري]
واعلم أخي المسلم : إن الهدية ليست فقط للجار الفقير المحتاج، بل الهدية أشمل من هذا، فقد أهدي للنبي (ﷺ) مع أنه لو أراد المزيد من الرزق لدعا الله فأعطاه ما شاء من متاع الدنيا، بل كان يهدي للناس ويقبل الهدية.
فهذه هي السنة في العطية للجار، وعدم منع المعروف عنه، وإلا صار خصما له يوم القيامة عند الملك العدل سبحانه.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمان وما أحد أحقّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدنيا والدرهم أحبّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله (ﷺ) يقول: {كم من جارمتعلّق بجاره يوم القيامة يقول: ياربّ، هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه} [أخرجه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني]
ثالثا: محبّة الخير له كما يحبها العبد لنفسه وعدم حسده:ــ
فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ أَوْ قَالَ: لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» [أخرجه مسلم]
رابعا: مساعدته ماديًا فيما يحتاج إليه :ــ
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ: {لا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ للناس لما رأى من تقصيرهم في حقوق جيرانهم: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ؟!وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ} [رواه مسلم]
ولقد ضرب أصحاب رسول الله (ﷺ) أروع الأمثلة في التعاون والمساعدة فيما بينهم، حتى استحقوا إطراء النبي لهم وثناءه عليهم، فقَالَ عليه الصلاة والسلام في الأشعريين: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» (متفق عليه)
خامسا: الحفاظ على عوراته وعدم خيانته في أهله :ــ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ: {لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ} [رواه مسلم]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر قَالَ: سألت رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَر؟ قَالَ: {أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ. قُلْت: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [رواه البخاري]
فلقد كان العرب في الجاهلية يعظمون حق الجار، ويحترمون الجوار، ويعتزون بثناء الجار عليهم، ويفخرون بذلك، وكان منهم من يحفظ عورات جاره ولا ينتهكها.
وقد قال عنترة بن شداد في ذلك شعراً:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مثواها
سادسا: تفقد أحواله، ومواساته عند حاجته:ـ
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال (ﷺ): (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع).
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ): {أوّل خصمين يوم القيامة جاران}
سابعا: حق الشفعة :ــ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ قَالَ :{مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَيْهِ} [رواه أحمد].
أي لا يَبِعْ حقّه في الشِّرْكة أو حقّه في البيت إذا كان له جارٌ حتى يستأذن جارهُ أو شريكه وهذا لَعَمْري لَمِن أدقّ الحقوق التي بيّنها النبي (ﷺ)
ثامنا: احتمال أذاه:ــ
من ابتلي بجار يؤذيه فعليه بالصبر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (ﷺ) يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاصْبِر، فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَقَالَ: اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ، فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ» [رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح]
معنى ذلك أنّ الإنسان يعيشُ بِسُمعته، ويعيشُ بِكَرامته، يعيشُ بِثَناء الناس عليه فحينما بالغ هذا الجار بالإساءة إلى جاره،
فالنبي عليه (ﷺ) أهْدَرَ كرامته، لأن هذا لا كرامة له، ولا غيبة له، فاُذْكر ما يفعلهُ لِيَحذر الناس منه .
يقول الإمام الغزَّالي رحمه الله كما في "الإحياء" واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط، بل احتمال الأذى، فإن الجار أيضًا قد كف أذاه، فليس في ذلك قضاء حقه، ولا يكفي احتمال الأذى، بل لا بد من الرِّفق، وإسداء الخير والمعروف.
يُروى أن رجلاً جاء إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال له: إن لي جارًا يؤذيني ويشتمني، ويُضيِّق علي، فقال: اذهب، فإن هو عصى الله فيك، فأطِع الله فيه.
وهناك فضل آخر، وهو أن يغضي عن هَفواته، ويتلقى بالصفح كثيرًا من زَلاَّته وإساءاته، ولا سيما إساءة صدرت عن غير قصد، أو إساءة ندِم عليها وجاء معتذرًا منها. فاحتمال أذى الجار وترك مقابلته بالمثل من أرفع الأخلاق وأعلى الشِّيم.
لهذا معاشر المسلمين فإننا مأمورون بتحرّي حقوق جيراننا والقيام بها؛ لننال الفضل في الدنيا، وننجو من المؤاخذة في الآخرة.
العنصر السادس : أثر الاهتمام بحقوق الجار على المجتمع المسلم:ـ
لا شك أن لأداء حقوق الجار وحسن الجيرة أثر بالغ في المجتمع وحياة الناس، فهو يزيد التراحم والتعاطف، و سبيل للتآلف والتواد ، به يحصل تبادل المنافع وقضاء المصالح واستقرار الأمن، واطمئنان النفوس، وسلامة الصدور، فتطيب الحياة ويهنأ المرء بالعيش فيها. فلو أحسن كل جار إلى جاره لظللت المجتمعات السعادة ولعاشت كأنها أسرة واحدة فتنصرف الهمم إلى الإصلاح والبناء والسعي نحو الرقى والتقدم..
ويتضح مما سبق البعد الإنساني للدين الإسلامي الذي يحرص على تحقيق روح المودة بين المسلمين بسبل شتى بالترغيب في مرضاة الله عزوجل والترهيب عن سوء العاقبة لمن يتجرأ على عصيان الخالق والإفساد في الأرض وهو مأمور بعمارتها، هذه العمارة التي لا تتصور مع وجود النفور بين الناس عامة وبين الجيران خاصة، فالمسلم إذا صان حقوق جاره وترفق به كسب ثواب الدنيا والآخرة .
العنصر السابع : نماذج مضيئة من حياة السلف في معاملة الجيران :ـ
ما أحوجنا لأن نري القدوة العملية أمامنا في معاملة الجار حتي نتأسي بها في حياتنا وهذه بعض النماذج المضيئة في الإحسان إلي الجار والصبرعليه منها:ـ
جوار الإمام مالك ابن دينار :
يُروى أن مالك بن دينار رحمه الله تعالى كان له جار يهودي، فحول اليهودي مستحمه إلى جدار البيت الذي فيه مالك، وكان الجدار متهدِّمًا، فكانت تدخل منه النجاسة، ومالك ينظف البيت كلَّ يوم، ولم يقل شيئًا، وأقام على ذلك مدة وهو صابر على الأذى، فضاق صدر اليهودي من كثرة صبره على هذه المشقة، فقال له: يا مالك، آذيتك كثيرًا وأنت صابر، ولم تُخبرني، فقال مالك: قال رسول الله (ﷺ) : (ما زال جبريل يوصيني بالجار؛ حتى ظننت أنه سيُورِّثه)، فندِم اليهودي وأسلم.
جوار الإمام عبدالله ابن المبارك :ـ
كان للإمام عبد الله بن المبارك جارٌ يهودي؛ فأراد أن يبيعَ داره, فقيل له: بكم تبيع ؟ قال بألفين؛ فقيل له: إنها لا تساوي إلا ألفاً؛ قال: صدقتم؛ ولكنْ ألفٌ للدار, وألفٌ لجوار عبد الله بن المبارك؛ فأُخبر ابنُ المبارك بذلك, فدعاهُ فأعطاه ثمن داره وقال: لا تبعها .
جوار الإمام أبو حنيفة :ـ
كان لأبي حنيفة جار بالكوفة إسكاف، يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنه الليل رجع إلى منزله وقد حمل لحمًا فطبخه، أو سمكة فيشويها، ثم لا يزال يشرب، حتى إذا دبّ الشراب فيه غنى بصوت وهو يقول:ـ
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ليوم كريهـةٍ وسـداد ثغـر
فلا يزال يشرب ويردّد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع جلبته، وأبو حنيفة كان يصلّي الليل كلّه، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسس منذ ليال، وهو محبوس، فصلّى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلته، واستأذن على الأمير، قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا به راكبًا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففُعل، ولم يزل الأمير يوسّع له من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قال: لي جار إسكاف، أخذه العسس منذ ليال، يأمر الأمير بتخليته، فقال: نعم وكلّ من أخذه بتلك الليلة إلى يومنا هذا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أبو حنيفة، والإسكافي يمشي وراءه، فلمّا نزل أبو حنيفة مضى إليه فقال: يا فتى أضعناك؟ قال: لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيرًا عن حرمة الجوار ورعاية الحقّ، وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان.
جوار أحد الصالحين :ـ
شكا بعضهم كثرة الفأر في داره، فقيل له: لو اقتنيت هرًّا، فقال: أخشى أن يسمع الفأر صوتَ الهر، فيهرب إلى دور الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحبّ لنفسي.
الخاتمة :ـ
عباد الله : إن الديارَ لا تقاس على الحقيقة بجميلِ بنيانها, وإنما تغلو وترخص بجيرانها، فعلى المسلم إن أراد أن يسكن بيتاً أنْ يجتهدَ وسعه في اختيار جيرانه, فإنَّ بهم صلاحَ السكنى وفسادَها ؛ وقد قيل :اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم لا تصلح الدارُ حتى يصلحَ الجارُ
وإذا ابتُليتَ بجارٍ مؤذٍ فاصبر على ما بُليت به حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فإنَّ من حسن الجوار الصبر على أذى الجار، حتى قال الحسن البصري:« ليس حسنُ الجوار كفّ الأذى, حسن الجوار الصبر على الأذى ».
وقال الحسن البصري أيضا: « إلى جنْبِ كلِّ مؤمنٍ منافقٌ يؤذيه » فلا تقابل الإساءةَ بالإساءة, بل اصبر على ذلك؛ فإن الله ناصرُك .
قال (ﷺ): "واعلم أن النصر مع الصبر "
أيها المسلمون :ــ
إن من أعظمِ التوفيق وأسبابِ السعادة أن يُحسَن المرء إلى جيرانه ويُحسنوا إليه؛ وأن يبذلَ جهده في ذلك، وأن يبسطَ إليهم معروفه ويحفظَ جوارهم غاية الحفظ وبما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ فإن حفْظَ الجوار من كمال الإيمان؛ والموفق من وفقه الله تعالى .
ومن أجل ذلك فقد قال النبي (ﷺ): « تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام فإنَّ جار البادية يتحول عنك ».
وقال (ﷺ) أيضا (أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء)
وكان يستعيذ بالله من جار السوء ، الذي إن رأى خيراً كتمه ، وإن رأى شراً أذاعه .؛ فليتق اللهَ كل منا بكف أذاه عن جيرانه؛ ؛ وليكن كفُّ الأذى قولاً وفعلاً, ولا يستغلُّ حياءَ بعض جيرانه أو ضعفهم, وليحذرأنْ يسلِّط اللهُ عليه من لا يرحمُه, جزاءً وفاقاً بعمله السيئ .
قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}[الأحزاب ].
نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين؛ وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.
=======
رابط doc
رابط pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق