25 يوليو 2024

حق الرحم في الميراث

 


الحمد لله العزيز الوهاب الكريم التواب... شرع الشرائع ، وفرض الفرائض وحد الحدود وحذر من تجاوز هذه الحدود وانتهاكها  .. فقال تعالى } وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ (14){ [النساء].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .... له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير جعل الاستقامة على منهج الإسلام من أسباب استجلاب الرزق ، فقال تعالى}وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ۚ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) }
]المائدة[ .
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) علمنا الوقوف عند حدود الله تعالى، فعن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشرٍ رضي الله عنه، عن رسول الله (ﷺ) قال:}إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم غير نسيانٍ فلا تبحثوا عنها{؛ ]حديث حسن، رواه الدارقطني وغيره[.
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين ..
أما بعد .. فيا أيها المؤمنون ..
إن الاستقامة على منهج الإسلام والوقوف عند حدود الله تعالى من الأسباب الرئيسية لاستجلاب الرزق ، فقال تعالى }وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا (16){ ] الجن[
وقال تعالى } قال تعالى:}وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(3){ [الطلاق].
وقال تعالى}وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(96){ [الأعراف]
وبين النبي (ﷺ)أن تطبيق حدود الله تعالى من أسباب استجلاب الرزق ،وأثره عظيم على الأمة من نشر الخير، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): }حَدٌّ يُقَامُ فِي الأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا { ]رواه النسائي[ .
وأن التعدي على حدود الله تعالى نذير شؤم علي الفرد والمجتمع فبسببه يُحرم الرزق وتتحول الأمة من أمن إلي خوف ومن عافية إلي مرض ، ومن رغد إلي جوع، فقال الله سبحانه وتعالي: }ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41){ [الروم].
وعن ثوبان مولى رسول الله (ﷺ) أن رسول الله (ﷺ) قال: }إنَّ العَبدَ ليُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه، ولا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يَزيدُ في العُمُرِ إلَّا البِرُّ{.]أخرجه ابن ماجه ، وأحمد[
فالتعدي على حقوق العباد وحدود الله تعالى  يؤدي إلي ضنك العيش في الدنيا والعمى والحسرة يوم القيامة: قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)}]طه[
لذلك حرم الله تعالى التعدي على حقوق الضعفاء من النساء واليتامى وبخسهم حقوقهم واستبدال الخبيث بالطيب في ميراثهم الذي شرعه الله تعالى ، لذلك كان حديثنا عن حق الرحم في الميراث وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ..
1ـ نظرة الإسلام للمال.
2ـ مكانة الميراث في الإسلام.
3ـ أسباب أكل الميراث
4ـ أمور شائعة يقع فيها الناس .
5ـ عاقبة أكل الميراث .
6ـ من روائع من تاريخ السلف مع الميراث
7ـ الخاتمة.
العنصر الأول : نظرة الإسلام للمال:
المال في الإسلام وسيلة لتبادل المنافع بين الناس، وتقويم المجهود المبذول في العمل والجزاء عليه، حيث يتمكن به الإنسان من إشباع رغبات النفس.
وإذا كان الإنسان مولعا بحب المال، وممتحنا به في هذه الحياة الدنيا فهل يتحرى توجيهات الشرع الحكيم في كسبه وإنفاقه؟
 أم يكون همه هو جمع المال وتبذيره دون مراعاة الحلال والحرام في كل ذلك؟
فقال تعالى}الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا(46){ ]الكهف[ .
وقال تعالي }وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا(20){ [الفجر]، وقال جل شأنه }وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ(8){[العاديات].
ونجد تكالب الناس علي جمع المال ولا يبالون مصدره وربما يتعدى الأخ علي حق أخيه أو أخته في حقه في الميراث ولا يبالي سواء كان حلال أو حرام.
العنصر الثاني : مكانة الميراث في الإسلام:
من جوانب عظمة الإسلام اهتمامه بأحكام الميراث بعد موت الميت فجاءت أحكام الميراث دقيقة موزعة بحكمة بالغة وعدل من قبل رب العالمين.
1ـ انفراد الله تعالى بتقسيم الميراث:
فربنا سبحانه تولى تقسيم التركات ولم يترك ذلك لأحد من البشر، لم يتركها لملك مقرب ولا لنبي مرسل إنما تولى قسمة ذلك بنفسه، حيث فصل ربنا بدقة أحكام المواريث في بيان بليغ وحساب دقيق مما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله.
روى الإمام أحمد وغيره أن امرأة سعد بن الربيع جاءت إلى الرسول (ﷺ) تقول له : }يا رسول الله هاتان بنتا سعد بن الربيع قتل معك شهيدا يوم أحد وترك لهما مالا فجاء عمهما فأخذ المال ولا ينكحان إلا بمال . فقال : يقضى الله في ذلك .. فأنزل الله آيات المواريث فقضى للزوجة بالثمن والبنتين بالثلثين والباقي للأخ عصبة{
لا مجال في توزيع أنصبة الميراث للمجاملة ولا للواسطة ولا للرأي ولا للهوى إنها شريعة الله وحكمة الله تولى الله قسمة المواريث منعا للنفوس الضعيفة المفتونة بالمال أن تتلاعب بمال الورثة ومنعا للشقاق والاختلاف تولى الله قسمة المواريث لكي يضفى على المؤمن الطمأنينة والرضا إذا علم حينما يقل نصيبه أو حينما يمنع من الإرث أن نقصه أومنعه آت من لدن أحكم الحاكمين فيرضى حينذاك بحكم الله قال تعالي }وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50){ ]المائدة[.
2ـ الميراث فريضة شرعية: قال تعالى: }فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11){  [النساء].
3ـ وصية إلهية:
قال تعالى  } يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ ..(11){ ] النساء[    وقال تعالى }وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12){ [النساء].
إن من عادة كل إنسان أن يُنَفِّذ وصيَّة مَن له مكانة عنده، وكلما عَلَت مكانة الموصِي، كان تَنفيذ وصيَّته ألْزَمَ، ولا سيَّما إن كرَّر نفس الوصية وأمَر بتنفيذها.
إن الله جل في علاه أعظم من كلِّ عظيم، وأكبر من كلِّ كبير، وأعلى من كلِّ عليٍّ؛ قال تعالى}سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى(1){ [الأعلى]؛ لذا نقول: إنَّ وصيَّة الله في الميراث أَوْلَى أن تُنَفَّذ.
4ـ بيان الله تعالى للأمة :
حذر الله تعالى الأمة من الضلال والزيغ لمن تعدى أمره فبين لهم كل ما يخص الميراث: فقال تعالى }يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176){[النساء]. ومن تأمل الآيات الثلاث الواردة في تفصيل أنصبة الورثة رأى أنها جميعا ختمت بصفة العلم ..
ففي الآية الأولى:}فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11){ ]النساء[.
وفي الآية الثانية:}وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12){ ]النساء[.
وفي الآية الثالثة:}يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176){  ]النساء[.
فلست أعلم من الله تعالى ، ولست أحكم من الله عز وجل ، ولست أحلم من الله تعالى. فمن أعظم صور العدل في الميراث تصافي القلوب بين الورثة وعدم تراشق سهام الضغائن فكل قد رضي بنصيبه الذي فرضه الله له.
هل يوجد في غير شريعة الإسلام ذلك التوزيع العادل لميراث الميت؟
حقا إنها عظمة الإسلام عظمة تحمل العدل عظمة بين الجاهلية الأولى التي تمنع المرأة من الإرث والجاهلية المعاصرة التي تدعو لمساواة المرأة بالرجل في الإرث.
نعم عباد الله ديننا دين العدل لا دين المساواة ولذا فالمناداة بمساواة الحقوق بين الذكر والأنثى على خلاف أصول الشرع.
5ـ الأمر بتعلم علم الفرائض (الميراث):
وما إن نزلت هذه الآيات على رسوله (ﷺ) حتى انتدب أصحابه واستحثهم على تعلم علم الفرائض( وهو علم المواريث ) فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله (ﷺ) }تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول شيء ينزع من أمتى { ] أخرجه ابن ماجه ، وابن حبان ، والطبراني في المعجم الأوسط[
فاستجاب أصحاب رسول الله (ﷺ) لهذا النداء الكريم من رسول الله (ﷺ)،وممن تقدم في هذا العلم الصحابي الجليل زيد بن ثابت الذى مدحه الرسول (ﷺ) بقوله عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ): }أفرضكم زيد بن ثابت{ ]أخرجه أحمد، والأربعة سوى أبي داود، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم[،
وبقوله :} أرحم أمتى أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأكثرهم حياءً عثمان وأفرضهم زيد بن ثابت {
ومنهم أيضًا السيدة عائشة .. فعن مسروق أنه قال: }رأيت مشيخة أصحاب رسول الله (ﷺ) الأكابر يسألونها عن الفرائض {
ومنهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود الذى كان يلقب بالحبر في هذا الباب وغيره ، إذ قال سعد بن أبى وقاص عنه حول هذا العلم }لا تسألوني مادام هذا الحبر فيكم {
وممن تقدم وفاق في هذا الباب وغيره أمير المؤمنين على بن أبى طالب إذ كان يخطب على منبر الكوفة فسئل عن مسألة عويصة فأجاب على السائل في جملة قصيرة ومضى في خطبته وسميت هذه المسألة بالمسألة المنبرية ..
وكان سيدنا على يقول في خطبته:}الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعاً ، ويجزي كل نفس بما تسعى، وإليه المآب والرُّجعى. فسُئِل عنها فأجاب على قافية الخطبة: "
والمرأة صار ثمُنها تُسعًا"  ، ثم مضى في خطبته .
فانظر كيف حسب بداهةً، وأجاب سليقةً، فتناغمت القوافي  والمعاني .
وكان الرجل إذا جمع هذا العلم نبل قدره وعظم فقد روى الإمام مسلم أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال : مَنْ استعملتَ على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ! قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ! قال : فاستخلفتَ عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله عز وجل ، وإنه عالم بالفرائض ، قال عمر : أما إن نبيكم (ﷺ) قد قال :} إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين{ .
العنصر الثالث أسباب أكل الميراث:
أخوة الإسلام : إن هناك أسباب عديد تجعل الإنسان يأكل حق أخيه في الميراث ويتعدى حدود ما انزل الله تعالى نذكر من أهمها:
1ـ ضعف الإيمان:   
ضعف الوازع الديني؛ فمن ضاعت مخافة الله -عزّ وجلّ- من قلبه لن يكترث لعقابه وحسابه في الآخرة، مع علمه على قدرة الله عليه في الدنيا والآخرة، لكّنه لا يكترث لحساب الآخرة، ويسعى لتحصيل مكاسب في الدنيا دون أن يعلم أنّ موعد ردّ ظلمه سيكون في يومٍ تشيب منه الولدان؛ لهوله وعظمته.
فآكل الميراث ضعيف الإيمان وإن صلى و صام وقرأ القران لأنه تشبه بأعداء الله وقتلت الأنبياء من اليهود عندما قالوا لأنبيائهم كما اخبر الله تعالى عنهم }وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93){[البقرة].
فالله تعالى أمرهم ولكنهم قالوا سمعنا وعصينا.
وأنت يا آكل الميراث إن لم تقلها بلسانك فأنت تقولها بأفعالك وجحودك لحقوق الآخرين .
2ـ الطمع والجشع:
الطمع والحقد بين الأقارب، فالله عزّ وجلّ يقول في كتابه الكريم: }وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ (24){ [ص] فالخلطاء هم الأقارب والقرناء؛ فإنّ بعضهم يستسيغ أكل حقوق أقاربه؛ لضعفهم، كأن يأكل ميراث المرأة أو الطفل الصغير الذي لا يقوى على أخذ حقّه، كما كان يفعل أهل الجاهلية مع المرأة؛ فيمنعونها من حقّها في التركة، ويورّثون الذكور منهم فقط.
فكثير من أكلة المواريث أصابهم الجشع والطمع فجحدوا حق الورثة ظنا منهم أن ذلك سينقص المال والطمع جمرة لا تحرق إلا صاحبها في الدنيا و الآخرة.
عن كعب بن مالك الأنصاري عن النبي (ﷺ):}ما ذئبان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه{ ]رواه الترمذي[.
وقال المناوي: (فمقصود الحديث أن الحرص على المال والشرف أكثر إفساداً للدين من إفساد الذئبين للغنم؛ لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به إلى ما يضره، وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعاً).
وقال سيدنا عمر رضى الله عنه: " أيها الناس.. إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، وإن الإنسان إذا يئس من الشيء استغنى عنه ".
وقال الوراق: (لو قيل للطمع: من أبوك؟ قال: الشك في المقدور. ولو قيل: ما حرفتك؟ قال: اكتساب الذل. ولو قيل ما غايتك: قال الحرمان).
وقال أبو العباس المرسي: الطمع ثلاثة أحرف كلها مجوفة، فصاحبه بطن كله لا يشبع أبداً.
3ـ حبّ الدنيا:
فالمال جزءٌ من متاع الحياة الدنيا وزينتها، ومن تعلّق قلبه بالدنيا وأخلد إليها، وقدّمها على الحياة الآخرة والإعداد لها؛ سيحرص أشدّ الحرص على جمع متاع الدنيا والاستزادة والإكثار منه، ولو كان ذلك من خلال الاستيلاء والاعتداء على حقوق غيره؛ فيعيمه حبّ الدنيا عن مراعاة الحلال والحرام كما جاء في قول الله تعالى:
}وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا (19){ ،[الفجر] والتراث هو الميراث؛ ويقصد بالآية الذين يأخذون نصيبهم من الميراث ويجمعون إليه أنصبة غيرهم بأكلهم لها.
4ـ التقاليد والعادات القبلية الجاهلية:
فبعض الناس عندهم عادات لا يورثون البنات ويجحدوهم حقوقهم فاذا قلت له لماذا لا تورث إخوتك يقول "إحنا طلعنا وجدنا آباءنا وأجدادنا لا يورثون البنات".
نقول له: هذه عادات أهل الجاهلية الذين ذمهم الله تعالى وبين أن التقاليد سبيل الضلال فقال تعالى }وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ(104){[المائدة] .
وقال تعالى}قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74){[الشعراء] .
وقال جل ذكره }وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ(21){ [لقمان].
العنصر الرابع : أمور شائعة يقع فيها الناس :
إن كثيرا ممن لا دين لهم يتحايلون على أكل أموال الناس بالباطل وإسقاط نصيب غيرهم في المواريث ومن الأمور الشائعة في ذلك ما يلى :
1- إسقاط نصيب النساء :
فإن كثيرا من الناس إذا كان له أخوات يستحققن الميراث فإنه يعمل جاهدا على إسقاط حقوقهن وأكل أموالهن بالباطل راجعا بذلك إلى أيام الجاهلية الأولى التي  كانت النساء فيها يمنعن من الميراث عنوة .
2- المرأة إذا كان عندها بنت أو أكثر فإن أقارب الزوج يستحقون جزءً من الميراث بالعصبة فإنها تشنع عليهم وتقول أنهم يريدون أن يأكلوا أموال اليتامى وتريد أن تستحوذ هي وبناتها على جميع التركة .
3- الرجل إذا كان عنده بنت أو أكثر وله أخوة أو أقارب أولاد عمومة ويعلم أنهم سيرثون مع بناته فإنه يلجأ في حياته أن يبيع لبناته بيعا وشراءً معرضًا بذلك عن حدود الله تعالى .
وإن رجلا أتى مثل هذا العمل فأذله الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة فقد تحايل على ذلك بأن كتب بيته لابنته الوحيدة بيعًا وشراءً حتى لا يأخذ إخوته معها في ميراثه ، ومرت الأيام فقامت البنت بكتابة البيت لزوجها ثم ماتت هذه البنت .
فتزوج الزوج في هذا البيت وطرد هذا الرجل إلى الشارع فلم يجد مَنْ يسأل عنه إلا أخوته وأقاربه الذى تحايل عليهم قبل ذلك ليسقط نصيبهم من الميراث .
فمن أعلم من الله عز وجل ؟!
ومن أحلم من الله عز وجل ؟!
ومن أحكم من الله عز وجل ؟!
4- الرجل يقسم على أولاده تركته وهو حي :
وهذا من الأخطاء الشائعة فقد أجمع العلماء على أن من شروط الميراث ( تحقق موت المورث ) إذ أنه ربما يموت أحد الورثة فيغير تقسيم الميراث رأسًا على عقب.
وقد يبلغ الرجل مثلا الستين عاما فيبدو له أنه هالك لا محالة فيكتب لأولاده ويقسم بينهم وإذا به يُعافى من مرضه ويعيش عمرًا مديدًا يتزوج فيه وينجب من امرأة أخرى فيكون أولاده الكبار فقط قد استحوذوا على الثروة كلها وجار على أولاده الصغار، وإن الرجل لا يزال بخيرٍ مالكًا أمره ما دام المال بيده والقرار بيده ..
ومما يروى في ذلك أن رجلا قسم ماله بين أولاده فأهملوه وتركوه ، فلما وجد أولاده انصرفوا عنه حزن لذلك ، فجمعهم وقال يا أولادي لقد قسمت عليكم مالا قليلا لكن ثروتي الحقيقية قد جعلتها في صندوق في حفرة تحت سريري هذا .
فرجع أولاده يتسابقون لخدمته ، هذا يأتي له بعباءة والآخر بقطعة قماش والثالث بأكلة طيبة ومرت الأيام على ذلك حتى مات .
فلما كشفوا عن هذه الحفرة وجدوا فيه صندوقا كبيرا مليئًا بأوتاد من خشب ومعها ورقة مكتوب فيها ( وتد ثم وتد في عين من يكتب ثروته وهو حي للولد ) .
5- رجل يمنع ولدا من أولاده لأنه عاق : نقول له لا، فمن عصى الله فيك فأطع الله تعالى فيه .
العنصر الخامس: عاقبة أكل الميراث :
لقد ختم الله تعالى آيات المواريث بقوله }تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14){[النساء]
من يقف عند حدود الله له الفوز العظيم (وذلك الفوز العظيم) فالجنة حقا هي الفوز العظيم }وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72){[الزخرف].
ليس الفوز العظيم في قطعة أرض ولا في عقار زائل إنما الفوز العظيم هو في جنة عرضها السموات والأرض .
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده له العذاب المهين في الدنيا والآخرة ، فالويل كل الويل لمن يا يأكل ميراث اليتامى والضعفاء، فهذا من الظلم الفادح الذي حرمه الله تعالي
فأكل الميراث من كبائر الذنوب، ومن المعاصي التي يعاقب الله عزّ وجلّ عليها في الدنيا والآخرة ؛ فالله عزّ وجلّ هو الحقّ والعدل، وقد شرع هذا الميراث للورثة باعتباره حقًّا ثابتًا لهم، فمن حبسه عنهم بقصد الطمع وأكل ميراثهم، فقد احتمل زورًا وبهتانًا؛ لأنّه ظلم أصحاب الحقّ بمنعه لهم من حقّهم، والله عزّ وجلّ قد حرّم الظلم على نفسه كما حرّمه على العباد، يقول النبي (ﷺ) في الحديث القدسي: }يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا{ ]رواه مسلم[.
وقال سبحانه }وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108){ [آل عمران]
وحذّر وتوعّد في كتابه كلّ من ظلم نفسًا بغير حقٍّ، فقال تعالى}وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) {[إبراهيم].
وقال تعالي: }أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18){[هود].
وقال تعالى: }فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(40){[القصص]
وتوعدهم بالعذاب غير المقطوع الدائم المقيم وقال: }أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45){ [الشورى]
قال ابن كثير: "أي: دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منها، ولا محيد لهم عنها؛ لأنكم بأكلكم للحرام اكتسبتم هذا العذاب }وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24){[الزمر]..
إن الأمر ليس باليسير فبعض الناس يظنه هينا وهو عند الله تعالى عسير، وهذه بعض العقوبات التي توعد الله بها آكل الميراث......
أولا: أنه متعد لحدود الله :
أن أكل الميراث فيه تعديا لحدود الله تعالى و انتهاكا لحرماته فالله سبحانه بعد أن بين الأنصبة قال }فَلَا تَعْتَدُوهَا(229){ [البقرة]، ولا تُجاوزوها؛ ولهذا قال: }وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (13){ [النساء]؛ أي: فيها، فلم يزِد بعض الورثة، ولَم ينقص بعضًا بحيلة ووسيلة، بل ترَكهم على حُكم الله وفريضته وقِسمته، } يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14){[النساء]؛ أي: لكونه غيَّر ما حكَم الله به، وضادَّ الله في حُكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسَم الله وحَكَم به؛ ولهذا يُجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المُقيم.
ولا شك أن من منع امرأة: أختاً كانت، أم أماً، أم جدة أم زوجة ميراثها فقد ‏تعدى حدود الله، وتعرض لعقوبته، والله قد قسم الميراث قسمة عدل لا جور فيها ولا ‏حيف.
وقد حذر النبي (ﷺ) من ذلك فقال (ﷺ):}إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم: }تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ (13) وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ (14){ ]رواه الإمام أحمد وابن ماجه[
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي (ﷺ) قال: }إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة, ثم يحضرهما الموت, فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء:12]. إلى قوله تعالى: ذلك الفوز العظيم {. ]رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب[.
ثانيا: أنه آكل حق الضعيفين.
ونقولُ لهؤلاء الذين فرقوا دينهم، وطبقوا آية وعطلوا أخرى، وصلوا ثم ظلموا، وزكوا ثم بخلوا، وصاموا ثم تركوا، وحجوا ثم ختموا حياتَهم بحجة إلى الشيطان ، والنبي  (ﷺ) يقول }اللهم إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ { [أخرجه أحمد وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة].
 ينادى المولى تبارك وتعالى على آكلي حقوق الضعيفين (اليتيم والمرأة) فيقول تعالي  {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) {  ]النساء[.
ثالثا: أنه قاطع لأرحامه:
فالله تعالى يجازي أهل الصلة بالصلة في الدنيا والأخرة ويجازي أهل القطيعة بالقطيعة في الدنيا والأخرة والجزاء من جنس العمل.
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ }مَا من ذَنْب أَجْدَر أَن يعجل لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْبَغْيِ{ ]أخرجه أبو داود واللفظ له، والترمذي ، وابن ماجه ، وأحمد [
يعني: أنه تحصل له عقوبة في الدنيا والآخرة، فيجمع له بين العقوبة الدنيوية والأخروية، حيث يجعل له الله العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة، فيجمع له بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، والضرر الذي يحصل في الدنيا، والضرر الذي يحصل في الآخرة، وهذا يدل على عظم وخطورة شأن البغي وقطيعة الرحم؛ لأن الرسول (ﷺ) ذكر أن صاحبهما جدير بأن يحصل له هذا وهذا، وأن يجمع له بين هذا وهذا، وهذا يدل على خطورة أمر البغي وقطيعة الرحم.
يُحكى أنه توفي رجل وترك زوجة شابة وابنا رضيعا....
حضر العم وأبدى استعداده لتبني وتربية ابن أخيه والقيام على ممتلكاته...
فقامت والدة الطفل بإمضاء توكيل يُخول للعم التصرف في الممتلكات وكأنه المالك لها ، قام العم ببيع ما يملك ابن أخيه وأخذ المال وسافر إلى أمريكا، حيث أكرمه الله بعمل جيد وتزوج من أمريكية وأصبحت له أسرة وأبناء، حيث ساعدته زوجته في كيفية استثمار المال الذي معه وذلك في مجال بيع السيارات، وأصبحت له ثروة بالمليارات ، بينما كانت أرملة أخيه وابنها يعيشان الفقر والخصاصة ، ولكن أكرمها الله بأبناء الحلال وأهل الخير على تعليم ابنها اليتيم.
قرر العم العودة إلى بلده بأمواله التي استثمرها في أمريكا مدة 15 عاما.
لقد اشترى أرض كبيرة وأقام عليها فيلا فخمة في منطقة راقيه ، وبعث مشروع شركة عالمية لبيع السيارات وذاع صيتها في كامل البلاد.
ذهب إليه ابن أخيه الذي أصبح شابا وطلب من عمه بعضا من مال أبيه.
قال العم ليس لك عندي شيء وقام بطرده من الفيلا قائلا له إياك أن تأتي لهذا البيت مرة أخرى.
عاد الشاب لأمه مكسور النفس والخاطر.
قام العم بتزويد الفيلا بأحدت التقنيات وجهزها بأفخم أنواع الأثاث ، ثم أرسل لعائلته في أمريكا بالقدوم لبلده ويوم وصول عائلته قرر أن يذهب بنفسه لاستقبالهم في المطار.
ذهب العم بسيارته الحديثة لإحضار زوجته وأولاده من المطار فرحا بما ينتظرهم من حياة رغيدة.
أثناء العودة من المطار إلى البيت وقع المحظور، تعرضت العائلة لحادث فظيع توفي الأب والزوجة والأولاد.
وكانت المفاجأة أن ذلك الشاب اليتيم هو الوريث الوحيد لعمه.
لم يكن يعلم أن الله سخر له عمه ليستثمر ماله مدة 15 عاما فيعود المال مع أرباحه لصاحبه الحقيقي.
ولعلها دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب " وما كان ربك نسيّا "..
لا تظلمنَّ إِذا ما كنتَ مقتدراً … فالظلمُ مرتعُه يفضي إِلى الندمِ
تنامُ عينكَ والمظلومُ منتبهٌ … يدعو عليكَ وعينُ اللّهِ لم تنم .
ومما يزيد من الألم ويفجع الفؤاد أن يكون الظلم من الأهل والأقارب..
 ولله در الشاعر إذ يقول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة        على النفس من وقع الحسام المهند.
ربعا : الحجب والحرمان من دخول الجنان:
فالجنة هي صلة الله التي جعلها لأهل كرامته ولأهل طاعته فاذا قطع المسلم رحمه حجبه الله من جنته.
عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ:}لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ{ يعني قاطع رحم (مسلم)، ولفظ أبي داود: (لا يدخل الجنة قاطع رحم).
لأنه استحل لنفسه ما ليس له ، وخالف أمر الله تعالى ،وأمر رسوله (ﷺ) .
وقد وعد الله تعالى أن يصل من وصل الرحم ويقطع من قطع الرحم ،فَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ:}إِنَّ الله خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَك{. قَالَ رَسُولُ الله (ﷺ): فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ}فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23) { [محمد].
فالذين أفسدوا في الأرض وقطعوا أرحامهم أصم الله عز وجل آذانهم وأعمى أبصارهم .
فهذا وعد من الله تبارك وتعالى أنه يصل من وصل الرحم، فيجب على الإنسان أن يصل أقربائه كأبيه وعمه وخاله وأخته وعمته وخالته وأبناء أخواته وأبنائه ولا يقطع رحمه.
خامسا: الإفلاس يوم القيامة:
إن أكل الميراث هو الإفلاس بعينه قال تعالي } يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89){[الشعراء].
توهم نفسك وقد بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور وقد أتيت بصلاة وزكاة وصوم وحج ولكنك قد أكلت الحقوق، فانظر إلى نفسك في عرصات يوم القيامة ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال:}ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا دينار قال: المفلس من يأتي يوم القيامة وله حسنات أمثال الجبال فيأتي وقد شتم هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا وقذف هذا وضرب هذا فيقتص هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار{ ]رواه مسلم[.
سادسا: الإثم الكبير:
إن التعدي على حقوق الميراث جُرم عظيم وإفك مبين قال الله تعالى }وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً (2){[النساء].
روى أن رجلا من بنى غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي (ﷺ) فنزلت هذه الآية فلما سمع العم قال أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله فقال النبي (ﷺ) }من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فانه يحل داره { يعنى جنته فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله فقال عليه السلام « ثبت الأجر وبقى الوزر » فقالوا كيف بقى الوزر فقال « ثبت الأجر للغلام وبقى الوزر على والده » [ تفسير البغوي].
سابعا: أكلة الميراث أكلة النار:
الذين يأكلون الميراث هم الذين وصفهم الله تعالى بقول }إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10){ [النساء].
إن اليتامى مظنة أن يبخسوا في الميراث، فأكل مالهم هنا ظلما هو بخسهم حظهم في الميراث، أو أكل الأوصياء أموالهم والأخذ من مال اليتيم سماه الله تعالى أكلا لما فيه من معنى الأخذ وأن يقصد به تنمية ماله كما ينمي جسمه بالأكل، ولكنها تنمية آثمة مالها البوار، فعن  كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله (ﷺ)}ومن نبت لحمه من حرام فالنار أولى به{ ] صحيح ابن حبان[
ونهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل فقال تعالى }وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ(188){ [البقرة]
وحذر النبي (ﷺ) من المشاركة في أكل أموال الناس بالباطل ولو بالكلمة قل المال أو كثُر فعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه : أن رسول الله (ﷺ) قال: }مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ{.] أخرجه مسلم[
لكمال التشنيع على الأكل، إذ هم يظلمون ضعيفا لا يقوى على الانتصاف منهم، وقد ذكر سبحانه إثم ذلك الأكل بقوله: }إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ(10){[النساء] .
وهذا تصوير لضرر الأكل عليهم؛ لأنه يكون أكلهم كمن يأكل النار ويضعها في بطنه أي يملأ بطنه بها فهو في ألم دائم حتى يهلك، وكذلك دائما من يأكلون أموال اليتامى لَا يأكلون أكلا هنيئا ولا مريئا، بل هم في وسواس دائم حتى يقضى الله عليهم، وقد رأينا بيوتا خربت لأنها أكلت مال اليتيم، وهذا عقابهم في حاضرهم، أما العقاب الذي ينتظرهم في الآخرة فقال تعالي: }وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10){ [النساء] أي ستوقد بهم نار شديدة الأوار، يستمرون في بلاء شديد منها. اللهم ارزقنا رزقا حسنا، وجنبنا ما حرمت، وأقنعنا بالحلال الطيب، إنك سميع الدعاء.
قال القاسمي رحمه الله : ما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته تعالى وكثرة عفوه وفضله، لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى، بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى.
ثامنا: الفضيحة يوم القيامة.
ألا فلتعلمَ أن ما أكلتَ من حق أختك؛ من مال وعقار؛ ستُطوقه يومَ القيامة بإذن الله، لو ظلمتها حقها مهما كان قدره سيأتي عليك نارًا، ولو ظلمتها شبرًا من أرضِ فسيأتي حول عنقك يومَ القيامة نارًا من سبع أرضين، قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى: عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) }مَن أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، فإنَّه يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ{ [أخرجه البخاري].
وهذا الحديثُ له قصةٌ عجيبة في صحيح مسلم؛ وذلك أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ  رضي الله عنه  أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالَ سَعِيدٌ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة (أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)، قَالَ: وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  (ﷺ) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ: }مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الأرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ{
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا! فَقَالَ سَعِيدُ بْن زَيْدٍ رضي الله عنه :"اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً؛ فَعَمِّ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا!.
قال بعض الرواة: فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بَيْنَا هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ" ]أخرجه مسلم[.
وقال النبي (ﷺ) }خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ نَهْبُ مُؤْمِنٍ، أَوْ الْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، أَوْ يَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيْرِحَقٍّ{[أخرجه أحمد، وحسنه الألباني في صحيح الجامع].
تاسعا: أن أكل الميراث يدخل في السبع الموبقات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ﷺ) قال : }اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ { [أخرجه البخاري ومسلم].
العنصر السادس: من روائع من تاريخ السلف مع الميراث:
وهذه القصص هي لنسوة عرفن الله تعالى و قالوا }وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285) { [البقرة].
القصة الأولى:
استَمِع لهذه القصة، ومُلَخَّصها أنَّ رجلاً كان ببغداد يعمل بزَّازًا  يَبيع البزَّ؛ أي: الثياب؛ يعني: قمَّاش له ثروة، فبينا هو في حانوته، أقْبَلَت إليه صبيَّة، فالْتَمَست منه شيئًا تَشتريه، فبينما هي تُحادثه، كشَفَت وجهها في خلال ذلك، فتحيَّر، وقال: قد والله تحيَّرت مما رأيت، فقالت: ما جِئْت لأشتري شيئًا، إنما لي أيَّام أتردَّد إلى السوق؛ ليقع بقلبي رجلٌ أتزوَّجه، وقد وقَعْت أنت بقلبي ولي مالٌ، فهل لكَ في التزوُّج بي؟
 فقال لها: لي ابنة عم وهي زوجتي وقد عاهَدتها ألاَّ أُغَيِّرها، ولي منها ولد، فقالت: قد رَضِيت أن تَجِئ إليّ في الأسبوع نوبتين، فرَضِي، وقام معها فعَقَد العقد، ومضى إلى منزلها، فدخَل بها، ثم ذهب إلى منزله، فقال لزوجته: إنَّ بعض أصدقائي قد سألني أن أكون الليلة عنده، ومضى فبات عندها، وكان يمضي كلَّ يوم بعد الظهر إليها، فبَقِي على هذا ثمانية أشهر، فأنْكَرَت ابنه عمه أحوالَه، فقالت لجارية لها: إذا خرَج، فانظري أين يمضي؟
فتَبِعتْه الجارية وهو لا يدري، إلى أن دخل بيت تلك المرأة، فجاءَت الجارية إلى الجيران، فسألتْهم: لِمَن هذه الدار؟
 فقالوا لصبيَّة قد تزوَّجت برجلٍ تاجر بزَّاز، فعادَت إلى سيدتها، فأَخْبَرَتْها فقالت لها: إيَّاكِ أن يعلمَ بهذا أحد، ولَم تُظهر لزوجها شيئًا، فأقام الرجل تمام السنة، ثم مَرِض ومات، وخلَّف ثمانية آلاف دينار، فعَمدت المرأة التي هي ابنة عمه إلى ما يستحقُّه الولد من التركة  - وهو سبعة آلاف دينار  - فأفْرَدَتْها، وقَسَمت الألف الباقية نصفين، وتَرَكت النصف في كيس، وقالت للجارية: خذي هذا الكيس واذْهَبي إلى بيت المرأة، وأعْلِميها أنَّ الرجل مات وقد خلَّف ثمانية آلاف دينار، وقد أخَذ الابن سبعة آلاف بحقِّه، وبَقِيَتْ ألف، فقَسَمتُها بيني وبينك، وهذا حقُّك، وسَلِّميه إليها، فمَضَت الجارية، فطَرَقت عليها الباب ودخَلت، وأَخْبَرَتها خبرَ الرجل، وحَدَّثتها بموته، وأَعْلَمتها الحال، فبَكَت وفتَحَت صندوقها، وأخْرَجَت منه رقعة، وقالت للجارية:
عودي إلى سيِّدتك، وسَلِّمي عليها عني، وأَعْلميها أنَّ الرجل طَلَّقني، وكتَب لي براءة، ورُدِّي عليها هذا المال؛ فإني ما أستحقُّ في تَرِكته شيئًا، فرَجَعت الجارية، فأَخْبَرَتها بهذا الحديث.
القصة الثانية:
ومن ورع نساء السلف ما حكاه الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: أن امرأة من الصالحات كانت تعجن عجينة، فبلغها وهي تعجن موت زوجها، فرفعت يدها منه، وقالت: هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء. أي: أن مال الرجل إذا توفي انتقل وصار ملكاً لورثته الشرعيين، فلم يصبح لها وحدها، فلذلك رفعت يدها من العجين، وقالت: هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء.
القصة الثالثة:
وأخرى كانت تستصبح بمصباح يعني: بالزيت أو شيء من هذا فجاءها خبر زوجها فأطفأت المصباح، وقالت: هذا زيت قد صار لنا فيه شركاء، يعني: ما يجوز لها أن تستقل بالانتفاع به.
فيا ويل من يأكلون أموال الميراث! وينفقون أموال الطفل اليتيم في السرادقات والتفاخر، وهم لا يخافون الله سبحانه وتعالى من أكل أموال اليتامى ظلماً، ويتلفون أموالهم في أشياء حرم الله أن تنفق فيها كالمباهاة والفخر.
الخاتمة..
عباد الله: يا من تأكل ميراث أهلك وذويك ، وتقطع أرحاما كان يجب عليك وصلها ، وتأكل أموالا كان عليك صيانتها ، وتؤصل عداوات تتوارثها الأجيال ، اتق الله وأعط كل ذي حق حقه . واحذر دعوة المظلوم فيقول حبيبنا (ﷺ) }اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تُحمَل على الغمام، يقول الله جل جلاله: وعزتي وجلالي، لأنصرنَّك ولو بعد حين{؛ ]حسن أخرجه الترمذي[
فإياكم  ودعوة مظلوم تسري بليل، نغفل عنها ولم يغفل عنها الله!
فإياكم وأكل الميراث؛ وإياكم ودعوة المظلوم!
فاللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، واغفر لنا وارحمنا وتولي جميع أمورنا وتوفنا وأنت راض عنا ، اللهمَّ انصُر المجاهدين الذين يُقاتِلون لتكونَ كلمة الله هي العُليَا، اللهم انصُرهم في كل مكان ،اللهم سدِّد سِهامهم وآراءهم، وثبِّت أقدامهم.
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286){ [البقرة].
إِنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون.. اذكُروا الله العظيم يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.

====================== 

رابط pdf

https://www.raed.net/file?id=908762


رابط doc

https://www.raed.net/file?id=908764