26 مايو 2024

الزكاة حق الله في المال

 




الحمد لله رب العالمين ...الغني الحميد دعا المؤمنون إلي التجارة الرابحة  فقال تعالي  }مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(261){ [البقرة].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير جعل الزكاة ركن ركين من أركان الإسلام وعنوان الدخول في الإسلام واستحقاق إخوة المسلمين فقال تعالي }فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5){ ]التوبة[
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ)....فتح الباب أمام أصحابه للتجارة مع الله فعن أبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري قال: قال رسول الله (ﷺ): } ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه : ما نقص مال عبد من صدقة ، ولا ظُلم عبد مظلمةً فصبر عليها إلا زاده الله بها عزًا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر{.  ]رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح[.
 فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين . 
أما بعــد.. فيا أيها المؤمنون ...  
إن الله تعالي شرع لنا الدين سموا بالإنسان إلي معارج الكمال وكريم الخصال وجعل للدين خمسة أركان يقوم عليها وأمر بالمحافظة عليها فقال تعالى }وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ (110){ ] البقرة[ .
وقال (ﷺ):}بنى الإسلام على خمس ، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان { ]رواه البخاري[ .  
 فمن الأركان الأساسية في الإسلام ركن الزكاة. ففى الصحاح أن النبى (ﷺ) حين أرسل معاذًا الى اليمن قال له :}إنك تأتى قومًا أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله وأنى رسول الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم{.
ولا يكتمل إسلام العبد حتى يؤدى الزكاة كما قال تعالى }فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ... {[التوبة ]
فنفى عنهم أخوة الدين حتى يؤتوا الزكاة . 
وحديثنا عن }الزكاة حق الله تعالى في المال ... وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية وهي :
1ـ تعريف الزكاة وبيان منزلتها ومكانتها في الإسلام . 
2ـ حق الزكاة .
3 ـ أهداف الزكاة .
4ـ عقوبة مانع الزكاة .
5 ـ من أحكام الزكاة . 
6 ـ الخاتمة . 
 العنصر الأول : تعريف الزكاة وبيان منزلتها ومكانتها في الإسلام :
تعريف الزكاة :
هي البركة والطهارة والنماء والصلاح‏.‏ وسميت زكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه‏, ‏وتقيه الآفات‏. ‏ 
والزكاة شرعا: هي حصة مقدرة من المال فرضها الله عز وجل للمستحقين الذين سماهم في كتابه الكريم‏ .
‏أو هي مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة‏ . 
والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة كما قال تعالى‏:‏ }خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)‏{ ] التوبة [
وفي الحديث الصحيح قال (ﷺ) لمعاذ حين أرسله إلى اليمن‏:‏ }‏أعْلِمْهُم أن اللّه افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم‏.‏‏{]أخرجه الجماعة‏[.‏ 
وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وعمود من أعمدة الدين التي لا يُقام إلا بها، يُقاتَل مانعها، ويُكفر جاحدها، فُرِضت في العام الثاني من الهجرة، وردت في كتاب الله عز وجل ثلاثين مرة في مواطن مختلفة. 
منزلتها ومكانتها في الإسلام :
للزكاة منزلة عظيمة ومكانة كبيرة عند الله تعالى وجعل لها من السمات والخصائص التي تميزها منها ..
1 ـ وصية الله تعالى لأنبيائه عليهم السلام :
الزكاة عبادة قديمة عُرفت في الرسالات السابقة ذكرها الله تعالي في وصاياه إلي رسله عليهم السلام فيقول تعالى : }وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ (73{ ]الأنبياء[
ويتحدث عن إسماعيل عليه السلام فيقول: }وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا (54) وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا (55){ ]مريم[
ويتحدث عن ميثاقه لبنى إسرائيل فيقول تعالى:} وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا
تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ (83){   ]البقرة[
وقال تعالى }وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ (12){ ]المائدة[
وقال على لسان المسيح عيسى عليه السلام في المهد: }وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا (31){ ]مريم[ 
وقال تعالى في أهل الكتاب عامة:}وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ (5){ ]البينة[
2ـ  الزكاة من موجبات رحمة الله تعالى:
 قال تعالي : {وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤۡمِنُونَ (156){ ]الأعراف[
وقال تعالي {وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ (71)} ]التوبة[
3ـ شرط لاستحقاق نصر الله سبحانه وتعالى :
 قال تعالي }وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41){ ]الحج[
4ـ شرط لأخوة الدين:
 قال تعالي {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ (11)} ]التوبة[
5ـ صفات عمار بيوت الله تعالى:
قال تعالي{إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ (18)} ]التوبة[
6ـ من أخص خصائص المجتمع الإيماني الذي حقق الله له الفلاح في الدنيا والفردوس في الآخرة :ـ 
فقال تعالي }وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38){ ]الشوري[ .
وقال تعالي  }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11){ ]المؤمنون[
وبينت السنة مكانة الزكاة، ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (ﷺ)  قال: }أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة..{ ] رواه البخاري ومسلم[
وعن جرير بن عبد الله قال" } بَايَعْتُ رَسولَ اللَّهِ (ﷺ)علَى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والسَّمْعِ والطَّاعَةِ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. {.] البخاري[
العنصر الثاني:  حق الزكاة :
الزكاة في الإسلام ليست "تبرعا" يتفضل به غني على فقير أو يحسن به واجد على معدوم، إنها أبعد من ذلك غورا، وأوسع أفقا. إنها جزء هام من نظام الإسلام الاقتصادي، ذلك النظام الفريد الذي عالج مشكلة الفقر أومشكلة المال على وجه عام، قبل أن تعرف الدنيا نظاما عني بعلاج هذا الجانب الخطير من حياة الإنسان.
فالزكاة حق لا تفضل ومن هذا كله نعلم أن الزكاة ليست تفضلا وإحسانا من إنسان إلى آخر وإنما هي "حق معلوم" كما قال الله. فهي حق لثلاث:
 أولا : هي حق للفقير :
حق للفقير بوصفه أخا للغني في الدين والإنسانية، فقد جعل الإسلام المجتمع كالأسرة الواحدة يكفل بعضه بعضا، بل كالجسد الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، فمن حق الفقير الذي لا يستطيع أن يعمل، أو يستطيع ولا يجد عملا، أو يعمل ولا يجد كفايته من عمله، أو يجد ولكن حل به من الأحداث ما أفقره إلى المعونة، من حقه أن يعان ويشد أزره ويؤخذ بيده، وليس من الإيمان ولا من الإنسانية أن يشبع بعض الناس حتى يشكو التخمة، وإلى جواره من طال حرمانه حتى أن من الجوع.
ولا يجوز للمؤمن أن يعيش في دائرة نفسه مغفلا واجبه نحو الآخرين من ضعفاء ومساكين، فهذا نقص في إيمانه، موجب لسخط الله في الدنيا والآخرة، وفي هذا يقص علينا القرآن مشهدا من مشاهد الآخرة بين أهل اليمين في الجنة وأهل الشمال في النار، فأصحاب اليمين}فِي جَنَّٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ (40) عَنِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ (42) قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ (43) وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ (44){ ] المدثر[ . فهنا كان ترك إطعام المسكين من موجبات الخلود في سقر.
وأروع من ذلك وأعجب أن القرآن لا يكتفي بإيجاب إطعام المسكين ومثل إطعامه كسوته ورعاية ضروراته وحاجاته ، بل يزيد على ذلك فيجعل في عنق كل مؤمن حقا للمسكين أن يحض غيره على إطعامه ورعايته، ويجعل ترك هذا الحض من لوازم الكفر بالله، والتكذيب بيوم الدين، نقرأ في هذا قول الله تعالى: }أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (3) فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ (4) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ (5) ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ (6) وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ (7){ ] الماعون[ .
فقهر اليتيم وإهمال الحث على رعاية المسكين جعلا دليلا على أن القلب خلو من الإيمان بالآخرة والتصديق بالجزاء وما كان لمثل هذا الشخص من صلاة فهي صلاة الساهين المرائين.
ويقول تعالى في شأن أصحاب الشمال: }وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُوتَ كِتَٰبِيَهۡ (25) وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِيَهۡ (26) يَٰلَيۡتَهَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِيَةَ (27) مَآ أَغۡنَىٰ عَنِّي مَالِيَهۡۜ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ (29)) ثم يصدر الله عليه الحكم الذي يستحقه: }خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ ٱلۡجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ (32){ ثم يذكر أسباب هذا الحكم الشديد:}إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ ٱلۡعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ){. ] الحاقة[
ولم تر الدنيا كتابا كالقرآن يجعل إهمال الحث على العناية بالمسكين من موجبات الجحيم، والعذاب الأليم!
ثانيا :  حق المجتمع :
والزكاة مع أنها حق الفقير فهي حق المجتمع أيضا، فالإنسان لم يكسب المال بجهده وحده، بل شاركت فيه جهود وأفكار وأيد كثيرة، بعضها عن قصد، وبعضها عن غير قصد، بعضها ساهم من قريب، وبعضها ساهم من بعيد، وكلها أسباب عاونت في وصول المال إلى ذي المال، فإذا نظرنا إلى التاجر مثلا كيف جمع ماله وحقق كسبه؟
رأينا للمجتمع عليه فضلا كبيرا، فممن يشتري؟
ولمن يبيع؟ ومع من يعمل؟ وبمن يسير إذا لم يكن المجتمع؟
وهكذا الزارع والصانع وكل ذي مال، فمن حق المجتمع ممثلا في الدولة التي تشرف عليه وترعى مصالحه، وتسد خلات أفراده أن يكون لها نصيب من مال ذي المال، فلو لم يكن في المجتمع المسلم أفراد فقراء أو مساكين لوجب على المسلم أن يؤدي زكاته ولا بد، لتكون رصيدا للجماعة، تنفق منه عند المقتضيات، ولتبذل منه "في سبيل الله" وهو مصرف عام دائم ما دام في الأرض إسلام.  
ثالثا : حق الله تعالي :
 والزكاة بعد ذلك وقبل ذلك ـ حق الله تعالى، فالله هو المالك الحقيقي لكل ما في الكون أرضه وسمائه، والمال في الحقيقة ماله، لأنه خالقه وواهبه وميسر سبله، ومانح الإنسان القدرة على اكتسابه. 
إذا زرع الإنسان زرعا فأنبت حبا، أو غرس غرسا فآتى ثمرا فكم يوازي عمل يده في الحرث والسقي والتعهد بجانب عمل يد الله الذي جعل الأرض ذلولا، وأنزل الماء من السماء مطرا؟
وأجراه في الأرض نهرا، وهيأ للحبة في باطن التراب غذاءها حتى صارت شجرة مورقة مثمرة؟
ألا ما أقل عمل الإنسان وجهده بجانب رعاية الله! 
ثم ما عمل الإنسان إذا لم يهبه الله الأدوات التي بها يعمل، والعقل الذي به يفكر ويدبر؟  
لهذا يبين القرآن فضل الله على عباده، ويرد الحق إلى نصابه، فيقول تعالى: }أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ (63) ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّٰرِعُونَ (64) لَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَٰهُ حُطَٰمٗا فَظَلۡتُمۡ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ (66) بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ (67) أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلۡمَآءَ ٱلَّذِي تَشۡرَبُونَ (68) ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ (69) لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ (70){ ]الواقعة[  
ويقول تعالى: } فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ (24) أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَآءَ صَبّٗا (25) ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقّٗا (26) فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا حَبّٗا (27) وَعِنَبٗا وَقَضۡبٗا (28) وَزَيۡتُونٗا وَنَخۡلٗا (29) وَحَدَآئِقَ غُلۡبٗا (30) وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا (31) مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ (32){.]عبس[ 
ويقول تعالى: } ءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ (33) وَجَعَلۡنَا فِيهَا جَنَّٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ وَفَجَّرۡنَا فِيهَا مِنَ ٱلۡعُيُونِ (34) لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ (35؟!{ ]يس[ نعم "أفلا يشكرون" وهم يأكلون من ثمار لم تعملها أيديهم وإنما عملتها يد الله، الله الذي أحيا الأرض الميتة وأخرج منها الحب، وأنشأ الجنات وفجر العيون.                               
وليس عمل يد الله في الزراعة فحسب، بل في كل ناحية من الحياة: زراعة أو تجارة أو صناعة أو غيرها، 
ففي الصناعة مثلا نجد المادة الخام من خلق الله لا من إنتاج الإنسان، ومن هنا امتن
 الله على الناس بمادة الحديد فقال: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس)
والتعبير بـ (أنزلنا) يعني أن الله خلقه بتدبير سماوي علوي لا دخل للإنسان فيه. 
 ونجد الاهتداء إلى الصناعات من إلهام الله وتعليمه للإنسان ما لم يكن يعلم كما قال تعالى عن نبي الله داود (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون؟).
والنتيجة من هذا أن المال رزق يسوقه الله للإنسان فضلا منه ونعمة، ومهما ذكر الإنسان عمله وجهده فليذكر عمل القدرة الإلهية في الإيجاد والإمداد. 
فلا غرابة بعد هذا أن ينفق الإنسان عبد الله بعض ما رزقه الله، على إخوانه عباد الله، قياما للواجب المنعم بحق الشكر على نعمائه، ومن أجل هذا يقول الله في كتابه (أنفقوا مما رزقناكم) (ومما رزقناهم ينفقون) ويقرر أن المال مال الله والإنسان ما هو إلا مستخلف فيه أو موظف مؤتمن على تنميته وإنفاقه والانتفاع والنفع به، يقول تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) (أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)الحديد. 
وهذا المعنى في الزكاة ـ أنها حق الله ـ يؤديها المسلم طاعة لأمر الله، وشكرا له، واعترافا بفضله. 
ولذلك أوصى النبي دافع الزكاة أن يقول عند أدائها: "اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما". 
العنصر الثالث : أهداف الزكاة :
لقد فرض الله الزكاة لحكم جليلة، وأهداف سامية نبيلة، منها ما يعود على الفرد، سواء كان معطياً للزكاة أم آخذاً لها.
ومنها ما يعود على المجتمع بحفظ أمنه، وتحقيق مصالحه، وحل مشاكله. 
 إنّ الهدف الأصلي للزّكاة في الإسلام هو تحقيق العبودية لله والانقياد له، بإخراج قدر مخصوص من المال في زمن مخصوص.      
 وقد شُرعت الزّكاة بغرض تحقيق العديد من المقاصد المعنوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للفرد والمجتمع المسلم.                                
ومن هذه الأهداف:
1 ـ تطهير المجتمع من الأمراض الاجتماعية  :
قال تعالي {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلواتِكَ سَكَنٌ لّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة:102).  
 وقال صلي الله عليه وسلم }والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار{.  
 إذا أُدِيت فريضة الزّكاة كما أمر الله سبحانه ووزّعت حصيلتها بالحقّ وفقًا لنظامها الدّقيق الّذي شرعه الله شفيت النّفوس من الحقد والكراهية، وطهرت من الشّحّ والبخل والطمع، وتربّت على الصِّدق والأمانة والإخلاص والإنفاق والبذل
والتّضحية والقناعة والإيثار والتّراحم..                                            
وبذلك فإنّها تقضي على الرّذائل الاقتصادية ومنها: الغش والغَرر والتّدليس والرِّبا والقمار وأكل أموال النّاس بالباطل، وبذلك تعالج النّفوس الأمّارة بالسّوء، ويأمن المجتمع من الخوف، ويحيا النّاس حياة طيّبة رغدة في الدّنيا... إخوة في الله متحابين، ويفوزوا برضاء الله في الآخرة راضين مرضيين.. 
2 - تطهير المال من الآفات والنّقصان والتّلف والتّآكل:
فقد جاء في كثير من الأدلة أنّ الزّكاة والصّدقات تزيد المال كمًا وبركة وتنمية، وتبعد عنه الآفات والكوارث والجوائح. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ، وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) } ]سبأ[
وقال الله تعالى : { يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) } [البقرة  ]
وقال تعالى : {وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ (39) } [ الروم  ] . 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من تصدق بعدل تمرة - أي ما يعادل تمرة - من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " ]رواه البخاري ومسلم[ .  
حتى تصبح أضعاف مضاعفة يوم القيامة ، قال تعالى : ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ " سبعمائة ضعف ؛ ثم " وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء " وأكثر من ذلك من فضل الله : " وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) . وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:}إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره{. وأكثر من ذلك ما روي أنه قال صلى الله عليه وسلم: }حصنوا أموالكم بالزكاة{
3- تحقيق قيمة التضامن والتكافل :
الإنسان في التصور الإسلامي ، لا يعيش مستقلا بنفسه ، منعزلا عن غيره ، وإنما ينطلق من مبدأ الولاية المتبادلة بين المؤمنين في المجتمع ، يقول الله تعالى : }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71){ ]التوبة[
والتكافل في الإسلام ، يعني التزام القادر من أفراد المجتمع تجاه أفراده , قال تعالى
 في وصف المؤمنين الصالحين  }وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ
مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9){ ]الحشر[
وعَنْ أَبي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفر مَعَ اَلنبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم ، إِذْ جَاءَ رَجُل عَلَى رَاحِلَة لَهُ ، قَالَ : فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينأ وَشِمَالاً ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : }مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْل مِن زَاد فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ ، قَالَ : فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ اَلْمَالِ مَا ذَكَر ، حَتُّى رَأَيْنَا أَنَهُ لاحق لأَحَدٍ منا فِي فَضْل{.] أخرجه أحمد  ومسلم وأبو داود[ 
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية المجتمع عن كل فرد محتاج فيه ، في عبارة قوية في إنذارها للفرد والمجتمع : } ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره
 جائع إلى جنبه { ]رواه البخاري في الأدب المفرد[.    
 ولا يقتصر التكافل الاجتماعي في الإسلام ، على الجوانب المادية فحسب ، بل يمتد إلى ما يعد تعاونا شاملا على البر. قال تعالى :}وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2){ ]المائدة[. فالمسلمون متآلفون متعاونون , يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم . 
4ـ علاج مشكلة الفقر:
من بين مقاصد الإسلام في تشريع الزّكاة رفع مستوى الفقراء والمساكين وتحويلهم إلى طاقة إنتاجية في المجتمع، فلا يقتصر الأمر على إعطائهم إعانة وقتية بل يمكن أن نشتري لهم وسائل الإنتاج مثل الآلات الحرفية والحيوانات، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر فقال الله سبحانه وتعالى: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ، وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7)} ]الحشر[
الزكاة عصب الاقتصاد :
تعدّ الزكاة عصب النِّظام الاقتصادي الإسلامي، ففيها الحلول للمشكلات الاقتصادية المعاصرة والّتي فشلت النّظم الاقتصادية الوضعية في علاجها، ومن بين هذه المشكلات مشكلة تكدّس الأموال في يد فئة قليلة من النّاس ما أدّى إلى زيادة الفوارق بين الطبقات، ومشكلة عدم الاستقرار الاقتصادي، ومشكلة التّضخّم، ومشكلة الاكتناز، ومشكلة الفوائد الربوية، ولقد أدّت هذه المشكلات وغيرها إلى الحياة الضنك الّتي تتقلب فيها الطبقة الفقيرة، وانخفاض مستوى الدخول، وعدم توفير الحاجات الأساسية للحياة. 
وبذلك صارت الزكاة باعثة لهمم أصحاب الأموال، لكي يستثمروها وينموها، ومن ثم ينتعش الاقتصاد، وتنشط الحركة التجارية، ويكثر الإنتاج، وتفتح مجالات رحبة للعمل والكسب، فتنحسر البطالة، وتتوفر فرص العمل، ويستغني القادرون على العمل بما يكسبونه بجهودهم وكد أيمانهم.
 العنصر الرابع : عقوبة مانع الزكاة : 
أجمع علماء الإسلام أن من أنكر أو جحد الزكاة فقد كفر ، وأجمعوا على أنه لو تمالئ قوم وتواطئوا واجتمعوا على منع الزكاة ؛ وجب على إمام المسلمين أن يقاتلهم حتى يعودوا إلى حظيرة الإسلام ؛ كما فعل الصحابي الجليل والخليفة الراشد أبو بكر – رضى الله تعالى عنه – الذى قاتل ما نعي الزكاة قائلا : ( والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم فيه ) وفى رواية : (والله لو منعونى عناقًا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم فيه ) وهو كناية عن منعهم أصغر الأشياء .
ولقد حذر الإسلام من منع الزكاة وتوعد مانع الزكاة بثلاث عقوبات :ـ
1ـ عقوبة شرعية :
وهذه العقوبة الشرعية القانونية يتولاها الحاكم أو ولى الأمر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة: }من أعطاها مؤتجرًا فله أجره، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء{ ]رواه أحمد والنسائي وأبو داود [ تضمن هذا الحديث الكريم جملة مبادئ هامة في باب الزكاة .
أحدها: أن الأصل في الزكاة أن يعطيها المسلم مؤتجرًا، أي طالبًا الأجر، ومحتسبًا الثواب عند الله تعالى، لأنه يتعبد لله بأدائها، فمن فعل ذلك فله أجره، ومثوبته عند ربه.
الثاني: أن من غلب عليه الشح وحب الدنيا، ومنع الزكاة لم يترك وشأنه، بل تؤخذ منه قهرًا، بسلطان الشرع، وقوه الدولة، وزيد على ذلك فعوقب بأخذ نصف ماله تعزيرًا وتأديبًا لمن كتم حق الله في ماله، وردعًا لغيره أن يسلك سبيله. 
الثالث: أن هذا التشديد في أمر الزكاة إنما هو لرعاية حق الفقراء والمستحقين الذين فرض الله لهم الزكاة، وأما النبي صلى الله عليه وسلم وآله، فليس لهم نصيب في هذه الزكاة ولا يحل لهم منها شئي. 
ولم يقف الإسلام عند عقوبة مانع الزكاة بالغرامة المالية، أو بغيرها من العقوبات التعزيرية، بل أوجب سل السيوف وإعلان الحرب على كل فئة ذات شوكة تتمرد على أداء الزكاة، ولم يبال في سبيل ذلك بقتل الأنفس، وإراقة الدماء التي جاء لصيانتها والمحافظة عليها، لأن الدم الذي يراق من أجل الحق لم يضع هدرًا ، والنفس التي تقتل في سبيل الله وإقامة عدله في الأرض لم تمت ولن تموت.
روى الشيخان عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم إلا بحق
الإسلام وحسابهم على الله".
وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم }أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي، وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله{]أخرجه الشيخان والنسائي[
ولندع راوية الصحابة الأول أبا هريرة - رضى الله عنه - يروى لنا هذا الموقف الرائع: قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب فقال عمر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا منى دمائهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله تعالى"؟ 
فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها.
 قال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبى بكر للقتال، فعرفت أنه الحق (رواه الجماعة إلا ابن ماجة). وفي رواية بعضهم: "عقالاً" بدل "عناقًا" 
وأولئك الذين امتنعوا عن دفع الزكاة تمسكوا بظاهر الآية الكريمة من سورة التوبة: } خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) { ]التوبة[
قالوا: فهذا: خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقتضي بظاهره اقتصاره عليه، فلا يأخذ الصدقة سواه، ويلزم على هذا سقوطها بسقوطه، وزوال تكليفها بموته. 
وقالواإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطينا عوضًا عن الزكاة التطهير والتزكية لنا، والصلاة علينا، وصلاته سكن لنا، وقد عدمنا ذلك من غيره. 
والشبهة التي تمسك بها القوم واهية الأساس، حتى قال القاضي أبو بكر بن العربى: هذا كلام جاهل بالقرآن، غافل من مآخذ الشريعة، متلاعب بالدين، متهافت في النظر (أحكام القرآن:2/995). 
فإن الخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم - في الأصل، فهو خطاب لكل من يقوم بأمر الأمة من بعده. فهو ليس من الخطاب الخاص به . 
2 ـ العقوبة الأخروية :
 قال تعالي (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)) التوبة . 
 روى البخاري عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع، له زبيبتان، يُطَوِّقُه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعنى بشدقيه - ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) (آل عمران: 180). الشجاع: الحية الذكر... والأقرع: الذي لا شعر له، لكثرة سمه، وطول عمره. الزبيبتان: نقطتان سوداوان فوق العينين وهو أخبث الحيات.  
وروى مسلم عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدِّى حقها إلا جُعلت له يوم القيامة صفائح، ثم أُحْمِىَ عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدى حقها إلا أُتِىَ بها يوم القيامة تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، كلما مضى عليه أخراها رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ". 
3 ـ العقوبة الدنيوية لمن منع الزكاة:
ولم تقف السنة عند حد الوعيد بالعذاب الأخروي لمن يمنع الزكاة. بل هددت بالعقوبة الدنيوية  الشرعية والقدرية كل من يبخل بحق الله وحق الفقير في ماله. 
وفي العقوبة القدرية  التي يتولاها القدر الأعلى يقول عليه الصلاة والسلام:}ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين{ ]رواه الطبراني في الأوسط ورواته ثقات[ جمع سنة  وهي المجاعة والقحط. 
وفي حديث ثان: }ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا{ ]رواه ابن ماجة والبزار البيهقي واللفظ له من حديث ابن عمر[
ورأينا هذا الأمر واضحا في القرآن الكريم في سورة "القلم" يقص الله على عباده قصة أصحاب الجنة الذين تواعدوا أن يقطفوا ثمارها بليل ! ليحرموا منها المساكين الذين اعتادوا أن يصيبوا شيئًا من خيرها يوم الحصاد، فحلت بهم عقوبة الله العاجلة: قال تعالي } فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ (19) فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوۡاْ مُصۡبِحِينَ (21) أَنِ ٱغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ (22) فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ (23) أَن لَّا يَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكُم مِّسۡكِينٞ (24) وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوۡهَا قَالُوٓاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ (26) بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ (27) قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُواْ سُبۡحَٰنَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ (29) فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَلَٰوَمُونَ (30) قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَٰغِينَ (31) عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبۡدِلَنَا خَيۡرٗا مِّنۡهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ (32) كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ
 (33){ ]القلم [
العنصر الخامس : من أحكام الزكاة :
1 ـ هل للزكاة شروط ؟
 نعم ، شروط زكاة المال هي :
1ـ الإسلام  2ـ الملك التام . 3ـ بلوغ النصاب.
4ـ مرور الحول أي (مرور عام كامل على ملكية المال .
والنصاب يقدر بـ ( 85 جرام من الذهب الخالص ) .
والمقدار الواجب خروجه ربع العشر (2.5 % )  
 2 ـ زكاة الذهب : 
إذا كانت تتحلي به المرأة فلا زكاة فيه ، أما إذا كان محتفظا به كمال وبلغ الشروط السابقة ( الإسلام ، والملك التام ، والنصاب ، ومرور الحول )  وفيه ربع العشر (2.5%). 
 3ـ  زكاة المال :
نصاب الزكاة من الأوراق النقدية هو ما يساوي خمسة وثمانين جرامًا من الذهب الخالص تقريبًا، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جرامًا من الفضة الخالصة، ويعتبر أقل النصابين؛ لكونه الأحظ للفقراء، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما نصه: "مقدار نصاب الزكاة في الدولار، وغيره من العملات الورقية، هو ما يعادل قيمته عشرين مثقالًا من الذهب، أو مائة وأربعين مثقالًا من الفضة، ويكون ذلك بالأحظ للفقراء من أحد النصابين؛ وذلك نظرًا إلى اختلاف سعرها باختلاف الأوقات والبلاد". اهـ.
ونجد أن المشهور عند الناس أن من كان يملك مقدارًا من المال يبلغ ما يساوي ٨٥ جرامًا من الذهب فهو الذي تجب عليه الزكاة.
لكن الراجح في المسألة عند كثير من أهل العلم أن بلوغ المال نصاب الفضة هو أيضًا معمول به ، بل الواجب العمل به في هذا الوقت وقد كان  معمولا به في زمن النبوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:}هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهَا
خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ{. وهو حديث صحيح.
أما الآن فيجب أن يكون المقياس هو نصاب الفضة في استخراج الزكاة ، ليس لمراعاة مصلحة الفقراء وإنما لحفظ حياتهم ،خاصة  بعد أن ارتفع سعر الذهب ارتفاعاً كبيراً ، ولو ارتبط الناس به  فإن ٩٠٪ من أصحاب الأموال لن يخرجوا
زكاة أموالهم .
ونصاب الفضة ٢٠٠ درهم تساوي ٥٩٥ جراما
وجرام الفضة بالجنيه المصري اليوم ٦١ جنيها  ، أي ٦١ × ٥٩٥ = ٣٦٢٩٥ تقريبا أي ( ٣٧٠٠٠  سبعة وثلاثون ألفا)
فمن كان دخله في العام هذا المبلغ أو يتاجر فيه أو يدخره واجب عليه زكاته ومقدار الزكاة ٢.٥% في العام . وهذا رأي الفقهاء المالكية والشافعية الحنابلة
4ـ زكاة الزروع والثمار :
قال تعالي }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267){  ]البقرة[ .
 وقال تعالي }وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141){ ]الأنعام [
و عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:}فيما سقَتِ السماء والعيون أو كان عَثَريًّا: العُشْرُ، وفيما سُقِي بالنَّضح: نصف العُشر{  ]رواه البخاري ، وأبو داود ، والترمذي، وابن ماجه ، والنسائي[. 
من هنا نقول إن كل ما خرج من الأرض فيه زكاة وينقسم إلي قسمين :
 أـ ما يكال مثل القمح والأرز والذرة والفول وغيره ... ونصابه خمسين كيلة ،أو أربع أرادب وكيلتين ، وفيه نصف العشر إذا بلغ النصاب  
ب ـ ما يوزن مثل البنجر والقطن والكتان واللب وغيره.... ونصابه ستمائة وخمسين كيلو جرام ، وفيه نصف العشر إذا بلغ النصاب . 
5ـ زكاة الأرض المستأجرة : 
تكون الزكاة علي المالك والمستأجر ، المستأجر يؤدى زكاة ما أخرج الله له منها من زرع حصده وثمر اجتناه سالمًا من الدَّيْن والأجرة ونفقات الزرع. 
 والمالك يؤدى زكاة ما يسر الله له من أجرة عادت عليه من الأرض خالصة سائغة سالمة من الدَّيْن وضريبة الأرض ونحوها. كل منهما عليه نصف العشر إذا بلغ
النصاب . 
4ـ لمن تخرج الزكاة ؟!  
هل تخرج للمتسولين الذين يأتون إلينا من بلاد بعيدة ، لا نعرفهم ولا يعرفوننا ،
ولا نعرف إن كانوا يستحقون فعلا للزكاة أم أنهم امتهنوها مهنة لهم . 
وأهل كل محلة أعلم بفقرائها ، فنحن في هذه القرية ، يعلم كل منا الأحوج فالأحوج من جيرانك ومن أقاربك : 
فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة"[ رواه أحمد والنسائي وابن حبان والترمذي وحسنه]. 
 فكلما تصدقت على أقاربك الفقراء كان ذلك أولى وأنفع وأستر له ، فيجوز لك أن تتصدق على أخيك أو أختك أو عمك أو أولاد أعمامك .. وجميع أقاربك إن كانوا هم الأحوج لهذا المال وإن كنت تعرف أنهم فقراء وفى حاجة عن غيرهم . 
 كما يجوز للمرأة إن كانت غنية أن تتصدق على زوجها لأنه لا يلزمها نفقته ، وقد جاءت امرأة عبد الله ابن مسعود تسأله عن قول ابن مسعود لها أنه أولى بصدقتها هو وأولاده فقال – صلى الله عليه وآله وسلم ( صدق ابن مسعود ) .
 أما الرجل فلا يجوز أن يعطى الزكاة لزوجته لأنه يجب عليه الإنفاق عليها . 
كما لا يجوز لك أن تعطى زكاتك لأولادك وإن نزلوا ( أى أحفادك ) ، ولا لأبيك وإن علا ( الجد ) لأنه يجب عليك الإنفاق عليه فأنت ومالك لأبيك .وكذلك الأم وإن علت (الجدة) 
وقد حدد الله تعالي مصارف الزكاة فقال تعالي }إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60){ ]التوبة[
6ـ من مات وعليه زكاة : 
إذا مات الإنسان وعليه زكاة ،فعلى ورثته أن يدفعوها من ماله عنه لأن دين الله أحق بالأداء ، قبل ديونه ، وقبل تنفيذ وصيته ، وقبل توزيع ميراثه، فالزكاة لا تسقط بموت رب المال وإنما تصير دينا علي صاحبه . 
الخاتمة : 
تلك هي الزكاة في الإسلام، وذلك بعض أهدافها وأسرارها، وبهذا تكون الزكاة أول تشريع منظم لتحقيق الضمان الاجتماعي، ولو أن أهل الأموال جميعهم أخرجوا زكاة أموالهم، وصرفوها لمستحقيها، لما بقي في المسلمين فقير، وما احتاج فقير إلا بما منع غني. 
  "ولو أقام المسلمون هذا الركن من دينهم لما وجد فيهم  بعد أن كثرهم الله، ووسع عليهم في الرزق  فقير مدقع، ولا ذو غرم مفجع. ولكن أكثرهم تركوا هذه الفريضة، فجنوا على دينهم وأمتهم، فصاروا أسوأ من جميع الأمم حالاً في مصالحهم المالية والسياسية"     
فأصبح الالتزام بأداء الزكاة كاف لإعادة مجد الإسلام فلا سعادة لنا ولا فلاح إلا بالعودة لأحكام الإسلام العظيم والحفاظ علي أركان الإسلام ففيها الرحمة والعز والسعادة والفلاح والنصر والتمكين والسيادة والريادة والغني .  
} رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286){ [البقرة].
 

============================

رابط pdf

https://www.raed.net/file?id=817212

رابط doc

https://www.raed.net/file?id=817223



ليست هناك تعليقات: