3 ديسمبر 2023

الإيجابية وأهميتها في الحياة

 

 

الحمد لله رب العالمين ..ميزنا وشرفنا وجعلنا خير أمة أخرجت للناس فقال تعالي }كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ (110){ ]آل عمران [
وأشهد أن لا إله إلا الله ..وحده لا شريك له ..له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير. وصف المسلمين بالإيجابية فقال تعالي}وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ (71){ ]التوبة[
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ).. أمرنا بالإيجابية .. فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله (ﷺ): } لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا، ولَكن وطِّنوا أنفسَكم، إن أحسنَ النَّاسُ أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا . {. ]أخرجه الترمذي [ 
اللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعـد فيا أيها المؤمنون... 
إن الله تعالي خلق الإنسان وندبه للعمل والسعي في الحياة وذم فيه السلبية واللامبالاة ، فأمر المسلم أن يكون إيجابيا نحو نفسه ، ونحو المجتمع ، لذلك كان حديثنا عن  }الإيجابية وأهميتها في الحياة{ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ....
 1ـ مفهوم الإيجابية. 
2ـ قيمة الإيجابية وأهميتها.
3ـ دوافع الإيجابية.
4ـ الإيجابية في القرآن الكريم.
5ـ الإيجابية في السنة النبوية المطهرة.
6ـ الإيجابية في التاريخ.
7ـ الطريق إلي الإيجابية.
8ـ الخاتمة.
العنصر الأول : مفهوم الإيجابية :
هي سمة من سمات الشخصية وتعنى الخروج من التمركز حول الذات إلى الانفتاح على العالم الخارجي ، والرغبة الحقيقية في إصلاح الذات وإصلاح المجتمع ، ووجود إرادة التغيير للأفضل ، والقدرة على التفاعل الجيد مع الآخرين.
العنصر الثاني : قيمة الإيجابية وأهميتها :
الإيجابية: هي الروح التي تدب في الأفراد فتجعل لهم قيمة في الحياة وتدب في المجتمع فتجعله مجتمعاً نابضاً بالحياة ، وهي الدليل الهادي والخريت الحاذق الذي لا يضل الطريق، والأمل الذي لا يتبدد ، والمطية التي لا تكبو ، وهي صمام أمان للجميع  من أي خلل يحدث ، حيث أنها تُعَد بمثابة الشمعة المضيئة التي تهدي الحيارى، وترشد التائهين إلى طريق رب العالمين . وهي جماع عدة أمور من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر،  وبر ووفاء، وصدق وعهد مع الله ...... الخ . 
وتكمن أهمية الإيجابية في الآتي...
1ـ تمنع من عذاب الله عز وجل :
المسلم الفطن هو الذي يعرف كيف يقي نفسه من السوء، بل ويقي غيره منه، وأعظم السوء أن يحل بقوم غضب الله وعقابه وانتقامه لذنوب اقترفوها ولم يرجعوا عنها. 
ولا يحل العذاب بقوم إلا إذا فشا فيهم المنكر غير عابئين بنصح ناصح أو إرشاد مرشد، والطامة الكبرى أن يقع الجميع في المنكر ، ولا يوجد من يردهم عنه. 
ولاشك أن الذي يتحرك لتغيير المنكر هو الذي ينجيه الله عز وجل من سوء العذاب، ويتضح هذا من تلك القصة التي أمر الله عز وجل رسوله محمدًا (ﷺ) أن يذكّر يهود بها، فقال تعالي}وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165){ ]الأعراف[.
 "انقسم سكان القرية الواحدة إلى ثلاث أمم:
1ـ أمة عاصية محتالة.
2ـ أمة تقف في وجه المعصية والاحتيال وقفة إيجابية بالإنكار والتوجيه والنصيحة.
3ـ أمة تدع المنكر وأهله، وتقف موقف الإنكار السلبي ولا تدفعه بعمل إيجابي.. وهي طرائق متعددة من التصور والحركة، تجعل الفرق الثلاث أممًا ثلاثًا! 
 فلما لم يُجْدِ النصح، ولم تنفع العظة، وسدر السادرون في غيهم، حقت كلمة الله، وتحققت نذره.  
فإذا الذين كانوا ينهون عن السوء في نجوة من السوء.  
وإذا الأمة العاصية يحل بها العذاب الشديد .
فأما الفرقة الثالثة أو الأمة الثالثة فقد سكت النص عنها ، ربما تهوينًا لشأنها وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب إذ إنها قعدت عن الإنكار الإيجابي، ووقفت عند حدود الإنكار
 السلبي، فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب. 
 وكذلك أكد القرآن على هذا الأمر في قوله تعالى}فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117){ ]هود[.
قال الحافظ ابن كثير: "يقول تعالى: فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير، ينهون عما كان يقع بينهم من الشرور والمنكرات والفساد في الأرض. 
 وقوله﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أي: قد وجد منهم من هذا الضرب قليل، لم يكونوا كثيرًا، وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه، وفجأة نقمته؛ ولهذا أمر تعالى هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. 
وقد أكد العلماء على أن هذه سنة كونية في الأمم؛ "فالأمة التي يقع فيها الفساد بتعبيد الناس لغير الله، في صورة من صوره، فيجد من ينهض لدفعه هي أمم ناجية، لا يأخذها الله بالعذاب والتدمير.
فأما الأمم التي يظلم فيها الظالمون، ويفسد فيها المفسدون، فلا ينهض من يدفع الظلم والفساد، أو يكون فيها من يستنكر، ولكنه لا يبلغ أن يؤثر في الواقع الفاسد، فإن سنة الله تحق عليها، إما بهلاك الاستئصال، وإما بهلاك الانحلال والاختلال!
 فأصحاب الدعوة إلى ربوبية الله وحده، وتطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بالدينونة لغيره، هم صمام الأمان للأمم والشعوب..
وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين لإقرار ربوبية الله وحده، الواقفين للظلم والفساد بكل صوره ، إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب، إنما هم يحولون بهذا دون أممهم وغضب الله، واستحقاق النكال والضياع . 
2ـ تمنع من الانحراف في الدين :
لو أن هذا الدين الذي ختم الله به الرسالات، وأكمل به الشرائع، تُرك لكل واحد أن يقول فيه ما شاء له أن يقول، بالزيادة أو النقصان، ماذا سيكون حال هذا الدين؟! 
لابد أن النتيجة الحتمية هي التحريف في هذا الدين، وضياع صورته الحقيقية، وتشويه شكله، وطمس معالمه الأصيلة، وتزييف أهدافه النبيلة. 
وهناك مواقف عظيمة سجلها التاريخ لرجال خافوا على هذا الدين من الزيادة والنقصان والتحريق  فهذا الصديق رضي الله عنه عندما امتنع الناس عن دفع الزكاة صاح في الجزيرة العربية وقال يا سبحان الله (أينقص الدين وأنا حي) "وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ " وبذلك قضى على مانعي الزكاة الذين كانوا يريدون أن يتملصوا من تعاليم الدين، ويتحللوا من فرائضه رويدًا رويدًا، لكنه رضي الله عنه أدبهم فأحسن أدبهم، وردهم إلى الجادة، وجعلهم يسيرون في قافلة التوحيد مرة أخرى، بعدما كادوا أن يَضلوا ويُضلوا.
فإيجابية الصديق رضي الله عنه إيجابية مشرقة، فهو مثال ونموذج أعلى في الإيجابية.
فلولا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ووقوفه في وجه المرتدين ومانعي الزكاة، لكان حال الإسلام في الجزيرة العربية، بل والعالم أجمع غير تلك الصورة الحقيقية التي ينبغي أن يكون عليها .
وكذلك الحال مع المتوكل الذي أبطل فتنة القول بخلق القرآن التي ابتدعها المعتزلة، واحتضنها ثلاثة من خلفاء بني العباس، وهم: المأمون، والمعتصم، والواثق.
هذه الفتنة التي لم يثبت أمامها من العلماء إلا إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل طيب الله ثراه الذي رفض الإذعان لأهل السلطان، ولم يخش الصولجان، وضحك في وجه المنايا بعين راضية، ونفس أبية، وشخصية قوية، وعقيدة صافية لا دخن فيها ولا شوائب، وتصدى لأعدائه وهو شامخ البنيان، ثابت الجنان، فصيح اللسان؛ فقد حاول أعداؤه أن يفرضوا عقيدتهم السقيمة بالقوة، واستعانوا بذوي المناصب، فأدخل أبو عبد الله السجن، وتكسرت السياط على البساط، وهو كالجبل الأشم الذي يصعب على الأعاصير المسمومة أن تنال منه شيئًا، وبعد ذلك منَّ الله تعالى عليه، وخرج من تلك المحنة مرفوع الرأس، مشرق الوجه، عالي الجبين، وثبت الله به المؤمنين، وهذا ما حدا بعلي بن المديني أن يقول: أيد الله هذا الدين برجلين لا ثالث لهما: أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة).
3ـ  صمام أمان للمجتمع يقيه ويحفظه من كل نازلة . 
الإيجابية هي التي تبني الفرد بناء سليماً ،وإذا شعر الفرد بمسئوليته تجاه مجتمعه أهمه ما قد يجده من سلبيات فيه فيعمل علي تغييرها أو إزالتها بالتعاون مع من ينتهجون نفس المنهج وتجمعهم نفس التصورات .  
وقد صور النبي (ﷺ) أفراد المجتمع كيف يكون حالهم إذا اتصفوا بالإيجابية ونتيجة ذلك علي المجتمع الذي يعيشون فيه ، وكذلك حالهم إذا كانوا سلبيين وأثر ذلك علي المجتمع نفسه،  في صورة سفينة تسير وسط الأمواج المضطربة ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهٌ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ:}مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ ، وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا علَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا{ ]رواه مسلم[.
وقد وضح القرآن الكريم أن العقاب يعم الجميع الصالح والطالح ،لو أصبح الناس سلبيين غير مبالين بما يحدث لهم وحولهم، قال تعالي: }وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (25){ ]الأنفال[ .
تجعل المرء يتحمَّل مصاعب الحياة ويتغلَّب عليها:
الحياة لا تسير دائمًا على وتيرةٍ واحدة؛ فيوم حلو وآخر مر، وكما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ             فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ          مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
والإنسان السلبي هو الذي تغلبه الأزمات، وتصرعه الملمات، وربنا عز وجل يأمر المسلمين بقوله: }وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا(139){﴾ (آل عمران) تهنوا: أي تضعفوا،؛ فالوهن هو سبب تكالب الأعداء علينا؛ فالهزيمة داخلية قبل أن تكون خارجية، وهذا هو الواضح من الحديث الشريف ،عن ثوبان مولى النبي (ﷺ): }يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا". فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ" فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ.. وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ{ ] صحيح أبي داود[ فما قيمة العدد الكثير الذي لا يقوى على تحمُّل المشاق، وينكص على عقبيه عند ملاقاة الأهوال؟! وكما يقال: العبرة بالكيف لا بالكم، وهذا معلوم من قوله تعالى: }كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(249){ ]البقرة[
 فبتوطين المرء نفسَه على الجلَد والصبر والمثابرة يكون قد أخذ عُدَّته التي بها
يلاقي أصعب الظروف وأحلكها، ويخرج من تلك الأزمات والشدائد معافاً بأمر الله تعالي فائزاً.  
وقد قيل في ذلك:
وبالصبر الجميل حملت نفسي         فنلت به المآرب والخلالا
5ـ تعصم من الإصابة باليأس والقنوط:
من ذاق طعم الفشل عرف لذة النجاح، والنجاح كوميض البرق؛ ما يلبث أن يظهر حتى يختفي؛ فالمحافظة على النجاح تحتاج إلى صبرٍ ومثابرةٍ وعزم أكيد، وكما قيل: الوصول إلى القمة سهل، ولكن الحفاظ عليها هو الصعب.
والمرء إذا أخطأ طريق النجاح مرةً لا بد أنه سيصيبها في مرة أخرى قادمة؛ فالمهم ألا نيأس وألا يدب القنوط في نفوسنا؛ فاليأس والقنوط عقبة كئود في طرق نجاح الدول، ولو أن كل إنسان صاحب غاية نبيلة أو هدف سامٍ قابلته مشكلة يترك ما يريد أو ما أُريد له من شدة الإحباط لما بُلِّغت الرسالات ولا عُرفَت الشرائع، ولنا الأسوة والقدوة في أصحاب الدعوات الربانيين من الأنبياء والرسل الذين واجهوا مجتمعاتهم المنحرفة عن النهج السليم وحدهم؛ فمنهم من فتح الله له القلوب بعد انغلاقها، ومنهم من لم يزدهم دعاؤه إلا فرارًا، ولكنه لم ييأس ولم يفتر حتى جاءه الفرج من الله عز وجل.  
العنصر الثالث : دوافع الإيجابية :
 1ـ دافع الإيمان :
الإيمان بالله هو منبعُ النُّور في الإنسانيَّة، يُضيء لها جوانبَ النَّفس والحياة، وهو المنار الهادِي إذا تاهتِ المعالم، والربْوة العالية العاصِمة من طوفان المبادئ الهدَّامة والأحقاد الطَّامعة ، فإذا أردْنا الإصلاح الحقيقي فإنَّه لن يَجري في حياتِنا إلاَّ إذا نبع من نفوسِنا، فإذا استنارتِ النُّفوس بنور الإيمان وأشْرقت بضياء الحبِّ والنيَّات الطيِّبة، ساد الخير وبسط السلامُ جناحيْه على هذا الكون.  
أما إذا أقْفرت النُّفوس من الإيمان، ساءت الفِتَن، وأظلم حاضر النَّاس ومستقبلهم، وصدق الله حيث يقول: }إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ (11){ [الرعد]. 
فحياة النَّاس صورة ظاهرة لما في قلوبِهم، وسلوكُهم يتلوَّن باللَّون الَّذي يبعثه ما في القلب من كُفر أو إيمان، من غيٍّ أو رُشْد، من خيرٍ أو شرٍّ، من هُدًى أو ضلال ، فتغْيِير الصُّورة الظاهريَّة أمر سهل ميْسور، ولكنَّ تغْيير صورة الباطن من الصُّعوبة بِمكان تغْييرها بين ليلة وضحاها بغير الإيمان، وليْس سهلاً أن نبْني سدًّا منيعًا يقِي النُّفوس من نوازِعها الشّرّيرة، فتغْيِير صورة الباطِن لا يتمُّ ولا يكون إلاَّ إذا اتَّخذ الإيمان قاعدة بواسطتِها يَحدثُ انقلابٌ شاملٌ في الكون، ويُحوِّل الإنسانَ الشرِّير إلى إنسان خيِّر يَجعله مهيَّأً لقبول الحقِّ وتحمُّل تبعاته.
في صحيح الإمام مسلم: رُوي أنَّ رجلا كافرًا نزل ضيفًا على رسولِ الله (ﷺ) فأمر له الرَّسول بِحلب شاةٍ، فشرب لبنَها ولم يشبع، فأمر له بحلب ثانية فلَم يشبع، وهكذا حلبت له ثالثةٌ ورابعة إلى سابعة، فشرب لبنها ولم يشبعْ، ثمَّ بات ليلته فلمَّا أصبح تفتَّحت نفسُه للإيمان فآمن، فقدّم له لبن شاة فشرِبه، وقدم له لبن شاة ثانية فلَم يستتمَّ شرْب لبنِها وشبع، فقال رسولُ الله (ﷺ) (إنَّ المؤمنَ ليشربُ في معًى واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء).
فما بين يومٍ وليلةٍ استحال الرَّجُل من إنسانٍ شرِه لا همَّ له إلاَّ بطنُه، إلى إنسانٍ قاصدٍ عفيفٍ، فما الَّذي تغيَّر فيه؟ تغيَّر قلبُه وعقيدته، كان كافِرًا يُسارع في إرْضاء شهواته، فأصبح مؤمنًا حسْبه من الطَّعام ما يُعينه على الحياة.  
فأكبر دافع للإيجابية هو الإيمان بالله عز وجل واليوم الآخر ، لذلك يسعي المرء بدافع الإيمان لذلك جعل الإسلام الحنيف خيرية المسلم في الانطلاق  نحو المجتمع لإصلاحه وتغييره فقال تعالي } كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) } ]آل عمران[ .
 وقال (ﷺ):(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) (ابن ماجة وأحمد) . 
 2ـ دافع حب الناس والحرص عليهم والرغبة في تقديم الخير لهم ، والطمع في الأجر والثواب: 
كان الدافع للرسل عليهم السلام في دعوتهم للناس هو حبهم للناس والحرص عليهم والشفقة بهم لذلك قال تعالي:{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ(128)} ]التوبة[
وما الشرع  إلا تعظيم أمر الله والشفقة على خلق الله  ، وقال تعالي{إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84)}]هود[   
وكان الأجر والثواب عظيم، كما ورد في قوله (ﷺ): ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في الجحر والحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس الخير ) (الترمذي : حسن صحيح)   
 وقوله (ﷺ): ( لئن يهدي الله بك رجلاً واحد خيرٌ لك من حمر النعم ) (رواه البخاري).
3ـ دافع الرغبة في بيان الحق وإقامة الحجة والإعذار إلى الله :
كما في قوله تعالى:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(164)} ]الأعراف[
4ـ دافع المسئولية الفردية :
استشعار المسئولية الفردية أمام الله عز وجل لأن السؤال يكون لكل فرد علي حده، فقال تعالي {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)} ]مريم[ وقوله تعالي}لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ (84){ ]النساء[.
وقال تعالى : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا(14)}]الإسراء[
والقرآن الكريم يؤكد علي هذه المسئولية الفردية ، والتي لا يتحمل فيها أحد وزر أحد ، فيقول سبحانه وتعالي :{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}]الطور[
ويقول تعالي :}أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى(41){ ]النجم [
 العنصر الرابع : الإيجابية في القرآن الكريم:
القرآن الكريم مليء بالأمثلة الإيجابية، بل إن المُتتبِّع للقرآن الكريم يجد أن مِن أكثر الأمثلة ضربًا في القرآن هي الإيجابيَّة. 
مؤمِن آل ياسين:
قال تعالى: }وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ(25){[يس].
إنها استجابة الفِطرة السليمة لدعوة الحق المُستقيمة؛ فيها الصدق، والبساطة، والحَرارة، واستِقامة الإدراك، وتلبية الإيقاع القويِّ للحق المبين، فهذا رجل سَمع الدعوة فاستجاب لها بعدما رأى فيها مِن دلائل الحقِّ والمَنطِق ما يتحدَّث عنه في مقالتِه لقومه، وحينما استشعَر قلبُه حقيقة الإيمان، تحرَّكت هذه الحَقيقةُ في ضميره فلم يُطقْ عليها سكوتًا، ولم يقبَع في داره بعقيدته وهو يرَى الضَّلال مِن حوله والجُحود والفُجور، ولكنه سعى بالحق الذي استقرَّ في ضميره وتحرَّك في شُعوره، وظاهرٌ أن الرجل لم يكن ذا جاهٍ ولا سُلطان، ولم يكن في عزوة من قومه ، أو منَعة مِن عشيرته ، ولكنها العقيدة الحيَّة في ضميره تَدفعُه وتجيء به مِن أقصَى المدينة إلى أقصاها.
مؤمن آل فرعون:
قال تعالى:}وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28){ [غافر].
انتدب الله عزَّ وجل رجلاً مِن آل فرعون، وقع الحق في قلبه، ولكنه كتَم إيمانه،انتدب يدفَع عن موسى، ويَحتال لدفع القوم عنه، ويَسلُك في خطابه لفرعون وملَئِه مسالكَ شتَّى، ويتدسَّس إلى قلوبهم بالنصيحة، ويُثير حساسيتها بالتخويف والإقناع ، إنها جَولة ضخمَة هذه التي جالها الرجل المؤمن مع المُتآمِرين مِن فرعون وملئه ، وإنه مَنطِق الفِطرَة المؤمنة في حذر ومَهارة  وقوة كذلك، وقد سجَّل مؤمن آل فرعون كلمته الحق خالدة في ضمير الزمان.
إيجابية نملة تنقذ قومها:
 يقول تعالى: }حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(18){ ]النمل[
سيدنا سليمان نبي الله هو وجيشه يمشون في الطريق وأمامهم مجموعة من النمل يسعون لطلب الرزق، تحملت نملة واحدة مسؤولية الإنذار والتحذير وصاحت في النمل " يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده " واعتذرت عن سليمان وجنوده فقالت وهم لا يشعرون".
" قالت نملة" نملة نكرة ليست معرفة ...!!! 
ومن ثم فأي واحد منا يتحمل المسؤولية يكون موضع تقدير واحترام  من الجميع.
إيجابية الهدهد سبب في هداية أمة كاملة:
قال تعالى: }وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26){ [النمل].
 ونحن نجد أنفسنا أمام هُدهدٍ عجيب صاحب إدراك وذكاء وإيمان، وبَراعة في عرض النبأ، ويقَظة إلى طبيعة مَوقفِه، وتلميح وإيماء أريب، فهو يُدرِك أن هذه مَلِكَة وأن هؤلاء رعيَّة، ويُدرِك أنهم يَسجُدون للشمس من دون الله، ويُدرِك أن السجود لا يكون إلا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض، وأنه هو ربُّ العرش العظيم، وما هكذا تُدرك الهداهد، إنما هو هدهد خاص أوتي هذا الإدراك الخاصَّ، على سبيل الخارِقة التي تُخالِف المألوف، ولكن الأعجب من ذلك المجهود الجبَّار الذي قام به الهُدهد، ولكي ترى كم مِن المسافات قطَع، وكم مِن الجهْد بذَل وضحَّى، لك أن تَعرِف أن مملكة سبأ تقع في جنوب الجزيرة باليمن فقطع الهدهد هذه المسافات الشاسِعة والفيافي وبلَّغ قائده بما رأى، وبسبب حركته الإيجابية كانت هداية بلقيس ملكة سبأ وقومها قال تعالى }قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (44){ ] النمل{
العنصر الخامس: الإيجابيَّة في السنة النبوية المطهرة :
إن الناظر في سيرة الرسول (ﷺ) يرى الإيجابية واضحة في كل معانيها، من يوم أن كان غلامًا يتيمًا إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام وهكذا ربى أصحابه على معاني الإيجابية الفاعلة، وكان يوجه كلامه إلى الأفراد: قال (ﷺ) "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده" وقال (ﷺ) "تبسمك في وجه أخيك صدقة"،
وقال (ﷺ) "سلّم على من عرفت ومن لم تعرف".
وكان(ﷺ) يقول لهم: "بادروا بالأعمال الصالحة". 
ويقول: "اغتنم خمسًا قبل خمس".  ويقول: "استعن بالله ولا تعجز".
وكان يكره أن يرى الرجل بلا عمل، وإذا اشتكى إليه الرجل القوي قلة المال، قال له: "اذهب فاحتطب". وكان يشجع عبد الله بن عمر ويقول: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل". 
بل كان يشجع الأعمال الصغيرة ويثيب عليها، حتى تلك التي زهد فيها الناس اليوم ويرونها عملاً قليلاً، كتنظيف المسجد مثلاً، فحينما ماتت تلك المرأة التي كانت تقُم المسجد وتطيبه بالبخور سأل عنها فأخبر بموتها وغضب لما لم يُخبر، فذهب وصلى عليها بعد أن دفنت.
قال ابن عمر: "ما رأيت أشجع، ولا أنجَد ولا أجوَد، ولا أرضى من رسول الله (ﷺ)"،  وقال علي رضي الله عنه : "إنَّا كنَّا إذا اشتدَّ البأس واحمرَّت الحدق، اتَّقينا برسول الله (ﷺ) فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتُني يوم بدر ونحن نَلوذ بالنبي (ﷺ)وهو أقرَبُنا إلى العدو، وكان مِن أشدِّ الناس يومئذٍ بأسًا"  
 وقال أنس رضي الله عنه :" كان عليه الصلاة والسلام أشجَع الناس، وأحسنَ الناس، وأجوَد الناس، لقد فَزِع أهل المَدينة ليلةً، فانطلَق ناسٌ قِبَلَ الصوت، فتلقَّاهم عليه الصلاة والسلام راجعًا قد سبَقهم إلى الصَّوت، واستبرأ الخبَر على فرس لأبي طلحة عُرْي والسيف في عُنقِه وهو يقول:(لن تُراعُوا){.
ولقد حض الرسول (ﷺ)على الاختلاط بالناس وحضور جُمَعِهم ومجالس الذكر وزيارة المريض وحضور الجنائز ومؤاساة المحتاج وإرشاد الجاهل ، وجميع المشاركات الإيجابية الفاعلة في المجتمع.
واهتم الرسول (ﷺ)بالمواقف الايجابية والأخلاق النبيلة التي كان يتمتع بها غير المسلمين في عصره وإشادته بها ودعوته إلى الأخذ بها مع التأكيد على أن من الضروري أن يشترك المسلم بالعمل الايجابي من أي جهة أتى بل و يبادر إلى ذلك ، مثل حلف الفضول الذي اهتم بنصرة المظلومين والفقراء وقال فيه رسول الله (ﷺ)"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت".
والسعي في نفع الناس جميعا كان ملازما للنبي (ﷺ) حتى قبل البعثة فقد استدلت أمنا خديجة رضي الله عنها ،على أن ما حصل في غار حراء لا يمكن أن يكون شرا للنبي (ﷺ) فقالت له :}كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم، وتَقْري الضيف، وتعين على نوائب الحق{
وعندما نعيش مع سنَّة رسول الله (ﷺ) نجد الحثَّ على الإيجابيَّة والإرشاد إليها، ومِن ذلك: عندما يأتيه سائل يَطلُب عونًا فيُرشِده النبي  (ﷺ) إلى إيجابيَّة العمل.
 فعن أنس بن مالك أن رجلا من الأنصار أتى النبي (ﷺ) يسأله:} فقال أما في بيتك شيء قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله (ﷺ) بيده وقال من يشتري هذين قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله (ﷺ) عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله (ﷺ) هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع{ ]سنن أبو داود[.
وحث المسلم أن يكون إيجابيا حتي لآخر نفس في حياته ،فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ) }إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها{ ]إسناده صحيح على شرط مسلم[
وفي ذلك حُكِيَ أن كسرى خرج يوماً يتصيد فوجد شيخاً كبيراً يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه؟
فقال: أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل. فقال له كسرى: زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل.
فقال له: أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها.
 فقال كسرى: زه فأعطى ألف دينار. فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين. فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى.
وساق جواده مسرعاً وقال: إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا.
إيجابية النبي (ﷺ) في رد الحقوق لأهلها رغم اختلاف الدين :
قصة مساعدة النبي (ﷺ) لبدوي غير مسلم ليسترجع دَيْنا له من أبي جهل رأس الكفر، فلم يمنع عدم إسلام الطرفين من بذل الجهد في عمل إيجابي.
قدم رجل من أراش (اسم قبيلة) بإبل له بمكة, فابتاعها منه أبو جهل, فمطله بأثمانها (تأخر متعمدا ), فأقبل الأراشي حتى وقف على ناد من قريش, ورسول الله (ﷺ) في ناحية المسجد جالس, فقال: يا معشر قريش, من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام فإني رجل غريب, ابن سبيل, وقد غلبني على حقي, قال: فقال له أهل ذلك المجلس: أترى ذلك الرجل الجالس لرسول الله (ﷺ), وهم يهزؤون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة- اذهب إليه فإنه يؤديك عليه.
فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله (ﷺ), فقال: يا عبد الله, إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله, وأنا رجل غريب ابن سبيل, وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه, يأخذ لي حقي منه, فأشاروا لي إليك, فخذ لي حقي منه يرحمك الله قال: انطلق إليه وقام معه رسول الله (ﷺ). فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ماذا يصنع قال: وخرج رسول الله (ﷺ) حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال: من هذا؟
فقال: محمد فاخرج إلي، فخرج إليه وما في وجهه من رائحة, قد انتقع لونه, فقال: " أعط هذا الرجل حقه"، قال: نعم, لا تبرح حتى أعطيه الذي له. قال: فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه. ثم انصرف رسول الله (ﷺ), وقال للأراشي: الحق بشأنك.
فأقبل الأراشي حتى وقف على ذلك المجلس, فقال: جزاه الله خيراً فقد والله أخذ لي حقي. قال: وجاء الرجل الذي بعثوا معه, فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟ قال: عجباً من العجب, والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه, فخرج إليه وما معه روحه, فقال له: أعطِ هذا حقه, فقال: نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه, فدخل فخرج إليه بحقه,
فأعطاه إياه. قال: ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء, فقالوا ويلك مالك والله ما رأينا مثل ما صنعت قط, قال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب عليّ بابي وسمعت صوته, فملئت منه رعبا, ثم خرجت إليه, وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط, والله لو أبيت لأكلني.
إيجابية الرسول (ﷺ) في تطلعه للمستقبل:
لما اشتد الأذى على رسول الله (ﷺ) بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها خرج  إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه فقرر الرجوع إلى مكة.
قال: }انطلقت  يعني من الطائف وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب ميقات أهل نجد  فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين  جبلان بمكة  فقال رسول الله (ﷺ): بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً { ]متفق عليه[.
وقد وقع الأمر كما تمناه النبي (ﷺ) وخرج من صلب فرعون الأمة أبي جهل عكرمة رضى الله عنه، وخرج من صلب الوليد بن المغيرة المبشر بالنار في سورة المدثر سيف الله المسلول خالد بن الوليد.
وهكذا المسلم يرى الأمل دائما غير منقطع وينظر إلى الواقع وإن اشتد عليه بإيجابية وتفاؤل.
العنصر السادس: الإيجابية في التاريخ :
إيجابية امرأة أحيت أمة كاملة:
ميسون امرأة أحيت أمه :
- المرأة: اسمها ميسون، - المكان: دمشق ، - الزمان: يوم من أيام سنة 607هـ
- المحنة: هجوم الصليبين الغزاة كالطوفان يُدمِّر كلَّ مَن يقف أمامه
- ومحنتها: استشهاد إخوتها الأربعة في الجهاد المقدس
- ماذا يمكن أن تفعل امرأة عزلاء في مواجهة هذه الجحافل؟
نعم.. امرأة وحدها لا تقوى على عمل شيء لكنها امرأة صاغها الإيمان خلقًا آخر،
 فقلبت الموازين وأدارت دفة الأمور وغيرت مجرى الأحداث، نزل الإيمان قلبها فإذا بها تحس أن في عضلاتها القوة التي تهز دمشق هزًّا وفي حنجرتها الصوت الذي يسمع الأموات، وفي قلبها العزم الذي لا يكل والمدد الذي لا ينقطع والبأس الذي يفل الحديد ويدك الحصون.
تلك المرأة جمعت النساء اللاتي حضرن يواسينها ويعزينها، وقالت لهن: إننا لم نخلق رجالاً نحمل السيوف، ولكن إذا عجز الرجال لم نعجز نحن عن العمل، وهذا والله شعري أثمن ما أملك، أنزل عنه اجعله قيدًا لفرس تقاتل في سبيل الله لعلي أحرك به هؤلاء الأموات.. وأخذت المقص فجزَّت شعرها وصنعت النساء صنيعها، ثم جلسن يضفرن لجمًا وقيودًا لخيل المعركة الفاصلة، لا يضفر ليوم زفاف أو ليلة عرس وأرسلت هذه اللجم والقيود إلى خطيب الجامع الأموي "سبط بن الجوزي" فحمله إلى الجامع يوم الجمعة، وقعد في المقصورة (المنبر) وحبس هذه اللجم والقيود بين يديه والدمع يترقرق من عينيه ووجهه ممتقع شاحب، والناس يلحظون ذلك كله وينظر بعضهم إلى بعض، حتى قام وخطب خطبة حروفها من نار تلدغ أكباد من يسمعها وكلماتها سحر.
ومما قام الإمام "سبط بن الجوزي":
- يا مَن أمرهم دينهم بالجهاد حتى يفتحوا العالم ويهدوا البشر إلى دينهم فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم وفتنهم في دينهم.
- يا مَن باع أجدادهم نفوسهم لله بأن لهم الجنة وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة، ولذائذ حياة ذليلة.
يا أيها الناس: ما لكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم، وحسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل العزة له ولرسوله وللمؤمنين.
- أما يهز قلوبكم ويزيد حماستكم إخوان لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف؟!!.
- أما في البلد عربي؟! أما في البلد مسلم؟! أما في البلد إنسان؟!.
- أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يسربلون باللهب ويخوضون النار ويتألمون على الجمر؟!.
- مَن لم يهب لنصرة فلسطين فلن يكون عربيًّا ولا مسلمًا ولا إنسانًا.
يا أيها الناس: إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وفُتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها، وخذوا أنتم المجامر والمكاحل! فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها يا ناس، أتدرون مم صُنعت هذه اللجم والقيود؟!..
لقد صنعتها النساء من شعورهن؛ لأنهن لا يملكن شيئًا غيرها يساعدن به فلسطين، هذه والله ضفائر النساء التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظًا قطعنها؛ لأن تاريخ الحب قد انتهى، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة الحرب في سبيل الله والأرض والعروبة.
 فإذا لم تقدروا على الخيول تقيدونها بها فخذوها واجعلوها لكم ذوائب وضفائر، فإنها من شعور النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور؟!.
وألقاها من فوقِ المنبر على رءوس الناس وصرخ: تصدعي يا قبة النسر، وصيدي يا عُمد المسجد، وانقضى يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم.
فصاح الناس صيحةً ما سُمع مثلها، ووثبوا يطلبون الموت ، فجاء النصر المبين على يد امرأة واحدة أيقظت أمةً نائمة .  
العنصر السابع : الطريق إلي الإيجابية :
1ـ  الوعي والمعرفة، فالمتابعة الدائمة للمجالات المختلفة تساعد الفرد على استكشاف أبعاد كثيرة من الممكن أن تكون غائبة عنه، فيساعده هذا الوعي على استكشاف فرص جديدة، ومنافذ تكون في كثير من الأحيان مبهمةً له؛ مما يساعده على اقتحامها.
 2ـ  الاستعانة بالله تعالى والانشغال بتقوية الإيمان من ذكر وصلاة وتلاوة وصدقة وتذكر للآخرين وقيام ليل وصيام نهار، وغير ذلك من الأعمال الصالحة..
3ـ  الحفاظ على الهمة وهو العامل المهم في حياة المسلم، أن يحتفظ بهمته ولا يضيعها، قال الجنيد رحمه الله "عليك بحفظ الهمة؛ فإن الهمة مقدمة الأشياء"، 
وقال بعضهم: "إذا فتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه، فإنه لا يدري متى يغلق عنه".
4ـ النفسية المتفائلة، وهذه من أهم مميزات المسلم خاصة، فإنه في غمار الحركة يصنع من الشمعة ضوءًا، ومن المصائب مغنمًا، ومن الموت حياةً، لا ييأس إذا قنط الناس، ينظر للحياة بعين الرضا لا بعين السخط، ويدفع مكاره الحياة بالصبر والتسليم، ولا يعني هذا أنه لا يحزن ولا يتألم، بل يصيبه ذلك كله، ولكنه لا يقعد ولا يفتر عن الحركة والعمل.
يظل شعور المسلم بالعجز وافتقاره إلى الله تعالى وعونه وتسديده هو العامل المحرك لكل أسباب هذه الإيجابية، فبقدر إظهار ذله لربه تعالى واستمداد العون منه، بقدر ما ينال التوفيق والإعانة، حتى إنه ربما سن سننًا في الخير لم يسبقه إليها أحد؛ قال تعالى: }ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذُنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُو الفضل الكبير(32){ [فاطر].
الخاتمة ...
إن الأمة الإسلامية اليوم تحتاج من أبناء الإسلام أن يرجعوا إلى ربهم، وأن يتفوَّقوا في كل ميادين العلوم؛ لا فرقَ بين علم شرعي وعلم دنيوي ، فالكل يخدم الإنسان المسلم في دنياه وآخرته، فلو علم كل مسلم أنه على ثغر من ثغور الإسلام لأدَّى ما عليه من واجبات على أحسن ما يكون الأداء، ولأدَّى ذلك إلى الارتقاء بالمجتمع والنهوض بالأمة واستعادة مجدها التليد المفقود ، فما فقدت الأمة السيادة وما نزلت عن عرش الريادة إلا بعدما شبَّت فيها نيران السلبية فحوَّلتها من أمة قوية فتية إلى أمة مغصوبة منكوبة ، انشرخ جدارها وانكسر ساقها، ولا سبيل إلى رفعتها واسترداد مكانتها إلا بالعودة إلى كتاب ربها وسنة نبيها.
نسأل الله العظيم أن يحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء ، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين ويتوفنا مسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه .
=========================
رابط pdf
 رابط doc

ليست هناك تعليقات: