16 نوفمبر 2023

مصادر الأمل عند المسلم

 


الحمد لله رب العالمين ...وعد المؤمنين بالنصر والتمكين في الأرض فقال تعالى } وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ (55){ ] النور[.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. جعل ميراث الأرض للصالحين من عباده وسجل ذلك في كتبه السماوية فقال تعالى }وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ (105){ ]الأنبياء[
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) بشر بنصر الإسلام وبسط سلطانه على الأرض جميعا فعن تَميم الداري رضي الله عنه ، قال: سمعتُ رسول الله (ﷺ)  يقول: }ليَبْلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهارُ، ولا يترك اللهُ بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين، بعِزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل، عزا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلا يُذل الله به الكفر{ [رواه أحمد]
فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
أما بعد: فيا المؤمنون
لقد أمرنا الله تعالى ببث روح الأمل في النفوس وقتل الهزيمة النفسية ولذلك ذم الله تعالى اليأس وندد باليائسين ،لأن الهزيمة النفسية أخر شيء يصيب المسلم ، فإذا أُصيبت الأمة بهزيمة نفسية تمكن منها عدوها ، وأكل خيراتها ، ونهب ثرواتها ، لذلك كان حديثنا عن }مصادر الأمل عند المسلم{ ، وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ..
1ـ حقيقة الأمل .
2ـ ذم اليأس والتنديد باليائسين .
3ـ حاجة الناس إلى الأمل .
4ـ مصادر الأمل والمبشرات عند المسلم .
5ـ الخاتمة .
 العنصر الأول : حقيقة الأمل :
الأمل : هو  تعلق القلب بالله وحده في تحصيل ما ينفع ودفع ما يضر، وقطع التعلقَ بالمخلوقين، فهم لا يملكون لأحد ولا لأنفسهم نفعاً ولا ضرا.
الأمل : هو اليقين الثابت بكمال بصفات الله تعالى، وبصدق وعده، وعظيم قدرته، وإحاطة علمه بكل شيء.
الأمل : هو التسليم والانقياد المطلق بالجوارح كلها لله جل وعلا.
الأمل : هو توقع حدوث شيء طيب في المستقبل مستبعد حصوله , وانشراح النفس في وقت الضيق والأزمات ، وهو عبادة الوقت .
فالأمل من العبادات القلبية والأصول الإيمانية
الأمل من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبها تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة].
وقد كان ابن القيم رحمه الله تعالى يقول: سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ رحمه الله يَقُولُ: بِالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ تُنَالُ الْإِمَامَةُ فِي الدِّينِ. ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ(24)} [السجدة].
وهو العبادة التي جمعت بين التفويض والتسليم لله رب العالمين، وقد خلق الله الخلق جميعا لغاية واحدة؛ وهي عبادته وحده لا شريك له قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ الْإِنسَ إلَّا ليَعْبُدُونِ(56)}[الذاريات]
فالأمل هو عمود التوكّل، وهو ساقُ التفويض التي يقوم عليها، فلا توكّلَ بدون أمل، وعلى قدر الأمل تكون قوة التوكل.
العنصر الثاني : ذم اليأس والتنديد باليائسين :
لقد حرم الله تعالي اليأس  واعتبره قرين الكفر فقال تعالي }يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(87){ ]يوسف[ .
وندد بالقنوط واعتبره قرين الضلال فقال تعالي علي لسان نبيه إبراهيم عليه السلام }قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56){ ]الحجر[ .
ـ وحكم علي اليائسين بالبوار فقال تعالي :{بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا(12)} ]الفتح[
وماذا يكون حال القلب إذا خلا من حسن الظن بالله؟ يكون بوراً، ميتاً أجرد نهايته إلى البوار والدمار لأنه انقطع عن الاتصال بروح الله.
وأجمع العلماء أنهما من الكبائر بل أشد تحريما، وجعلهما القرطبي في الكبائر بعد الشرك من حيث الترتيب .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:}الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، والأمن من مكر الله{ .
ـ واليأْس فيه سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى: فقال تعالي }وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا (83){ [الإسراء].
واليأس سبب لفساد القلب:  قال ابن القيم وهو يعدد الكبائر: الكبائر: القنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله..  
ولقد عاب النبي (ﷺ) على الذين ينفّرون الناس، ويضعون الناس في موقع الدونية والهزيمة النفسية فعن أبي هريرة  رضي الله عنه قال رسول الله (ﷺ) }إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم{  ]رواه مسلم[
العنصر الثالث : حاجة الناس إلى الأمل :
 لَقدْ جعلَ اللهُ  تعالَى الحياةَ الدنيا كثيرةَ التقلُّبِ لا تستقيمُ لأَحدٍ علَى حالٍ ولا تَصْفُو لمخلوقٍ مِنَ الكَدَرِ، فَفِيها خيرٌ وشرٌّ، وصلاحٌ وفسادٌ، وسُرورٌ وحُزْنٌ، وأملٌ ويأْسٌ، ويأتِي الأملُ والتفاؤلُ كشُعاعَيْنِ يُضِيئانِ دياجِيرَ الظلامِ، ويشقَّانِ دُروبَ الحياةِ للأنامِ، ويَبْعَثان في النَّفْسِ البشريَّةِ الجِدَّ والمثُابَرةَ، ويلقِّنانِها الجَلَدَ والمصُابَرَةَ.
فالأمل للأمة كالروح للجسد ، فلولا الأمل ما بني بان ,ولا غرس غارس , ولولا الأمل لما تحققت أي إنجازات ولا أهداف.
فإنَّ الذي يُغْرِي التاجرَ بالأسفارِ والمخاطر، ومفارقة الأهل والأوطان ، أَمَلُهُ في الربحِ.
والذي يَبْعثُ الطالبَ إلى الجدِّ والمثُابرةِ ، أملُهُ في النجاحِ.
والذي يحفِّزُ الجنديَّ إلى الاستبسالِ في أرضِ المعركةِ ، أمله في إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة ..
والذي يُحبِّبُ إلى المريضِ الدواءَ المُرَّ ، وربما في بعض الأحيان أن يقطع من جسده في عملية جراحية ،أملُهُ في الشِّفاءِ والعافية.
وما الذي يدفع الزارع إلي الكد والعرق ويرمي بحبات البذور في الطين ؟
إنه أمله في الحصاد وجني الثمار .
والذي يدعو المؤمنَ أنْ يُخالِفَ هَواهُ ويُطيعَ مَوْلاهُ، أملُه في الفوزِ بجنَّتِهِ ورِضاهُ، فهوَ يُلاقِي شدائِدَها بقلبٍ مُطْمَئِنٍ، ووجْهٍ مُسْتبشرٍ، وثَغْرٍ باسمٍ، وأمَلٍ عَريضٍ، فإذا حارَبَ كانَ واثِقًا بالنصرِ، وإذا أعْسَرَ لم يَنقطِعْ أملُهُ في تبدُّلِ العُسْرِ إلى يُسْرٍ، وإذا اقترفَ ذنبًا لم ييأسْ مِنْ رحمةِ اللهِ ومغفرَتِهِ تَعلُّقاً وأملاً بقولِ اللهِ تعالىَ:}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53){ ]الزمر[.
فالأمل لابد منه لتقدم العلوم، فلو وقف عباقرة العلم والاختراع عند مقررات زمنهم ولم ينظروا إلا إلى مواضع أقدامهم، ولم يمدهم الأمل بروحه في كشف المجهول، واكتساب الجديد من الحقائق والمعارف، ما خطا العلم خطواته الرائعة إلى الأمام ووصل بالإنسان إلى القمر.
والأمل لابد منه لنجاح الرسالات والنهضات، وإذا فقد المصلح أمله فقد دخل المعركة بلا سلاح يقاتل به، بل بلا يد تمسك بالسلاح، فأنَّى يرتقب له انتصار وفلاح؟
فالأمل قوة دافعة تشرح الصدر وتبعث النشاط في الروح والبدن , واليأس يولد الإحباط فيؤدي إلي الفشل .
وإذا استصحب الأمل فإن الصعب سيهون، والبعيد سيدنو، والأيام تقرب البعيد، والزمن جزء من العلاج.
فبالأملِ يذوقُ الإنسانُ طَعْمَ السعادَةِ، وبالتفاؤُلِ يُحِسُّ بِبَهْجَةِ الحياةِ. 
العنصر الرابع : مصادر الأمل والمبشرات عند المسلم:
نجد أن الله تعالى قطع الطريق على كل من يرسل الرسائل السلبية وينشر بين الناس الهزيمة النفسية ، فينادون بين الناس بالعزلة الكاملة والتزام البيوت اعتقاداً منهم أنه لا سبيل إلى إصلاح الأمة ، وأنه لا أمل في استعادة مجدها واسترجاع عزتها وكيانها ، ويردد الحديث الذي رواه البخاري أن النبي (ﷺ) } يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن { فالحديث محمول كما قرر الفقهاء على من يُفتن في دينه ويُجبر على الردة .
لذلك هناك مصادر يستقي منها المسلم الأمل والتفاؤل بنصرالإسلام وهي كالآتي:
1ـ المبشرات من القرآن الكريم .
2ـ المبشرات من السنة النبوية .
3ـ المبشرات من السيرة والتاريخ .
4ـ المبشرات من الواقع .
أولا: المبشرات من القرآن الكريم :
إن الله تعالى بعث في نفوس المؤمنين الروح المعنوية في كتابة الكريم ، فانظر إلى السورة القصيرة سورة الشرح التي تتضمن اليسر والأمل والتفاؤل للنبي (ﷺ) وتذكر بنعم الله عليه ، ثم اليسر بعد العسر، والطريق لهذا اليسر هو النصب والطاعة لله عز وجل والرغبة والأمل في موعود الله عز وجل ، قال تعالى :
}أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8){  .[ الشرح ].
وقد ذكر الله تعالى أكثر من آية في القرآن الكريم تبشر بانتصار الإسلام من هذه ..
1ـ وعد بظهور الدين كله :
فهذا وعد من الله تعالى بظهور دين الحق الإسلام على الدين كله، وكان وعد الله حقًا، فلن يخلف الله وعده، والتعبير القرآني يسخر من هؤلاء حين يشبه محاولاتهم في إطفاء نور الإسلام، كالذي يحاول أن يطفئ الشمس بنفخة من فيه، كأنما يحسبها شمعة ضئيلة من شموع البشر.
قال تعالى }يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ (32) هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (33){ ] التوبة[
وقد تكررت هذه الآية بهذه الصيغة مرتين، في التوبة وفي الصف، وفي سورة الفتح }هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا (28){ ]الفتح[ .
2ـ وَعْدُ الله المؤمنين بالتمكين والأمن وتولي القيادة:
قال الله تعالى:}وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولَيُمَكِّنَنَّ لهم دينَهمُ الذي ارتضى لهم ولَيُبدّلنّهم من بعد خوفهم أَمْناً يَعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومَن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون(55){ [النور].
3ـ قصص انتصار الرسل والمؤمنين السابقين وإهلاك ودمار المكذبين:
قال الله تعالى: }إنّ فرعون عَلا في الأرض وجَعَل أهلَها شِيَعاً يَستضعف طائفةً منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين (4) ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (5) ونمكِّنَ لهم في الأرض ونُرِيَ فرعونَ وهامانَ وجنودَهما منهم ما كانوا يحذرون(6){ [القصص].
وقال تعالى:}أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ (7) ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ (8) وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ (9) وَفِرۡعَوۡنَ ذِي ٱلۡأَوۡتَادِ (10) ٱلَّذِينَ طَغَوۡاْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ (11) فَأَكۡثَرُواْ فِيهَا ٱلۡفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ (14){ ] الفجر[
4ـ وَعْدُ الله المؤمنين بالنصر والإنجاء والدفاع عنهم:
قال الله تعالى: }وكان حقّاً علينا نصرُ المؤمنين(47){ [الروم].
وقال عز وجل:}ثمّ نُنَجّي رُسُلَنا والذين آمنوا كذلك حقّاً علينا نُنْجِ المؤمنين (103){ [يونس].
وقال تعالى }إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٖ كَفُورٍ(38){ ] الحج[.
وقال تعالى }وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40){ ] الحج[
وقال تعالى :}وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِينَ (171) إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ (173){ ] الصافات[.
وقال تعالى }إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ (51){ ] غافر[
وقال تعالى }كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ (21){ ] المجادلة[
وبين صفات جيل النصر والتمكين في قوله تعالى }يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ (56){ ] المائدة[
5ـ وَعْدُ الله بإحباط كيد الكافرين ومؤامراتهم:
قال الله تعالى:}ويمكرون ويمكر الله والله خيرُ الماكرين(30){ [الأنفال].
وقال سبحانه: }إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ (36){ ]الأنفال[
6ـ وعد بأنه لا يغفل عن أفعال الظالمين وأنه يمهل ولا يهمل:
قال تعالى:} وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ (42){ ] إبراهيم[
7ـ تأكيد وعد الله تعالى عند حلول المحن والشدائد:
ويتأكد هذا الوعد الإلهي عند حلول المحن والشدائد بساحة المؤمنين، حين تمسهم البأساء في الأموال، والضراء في الأبدان، والزلزلة في النفوس، هناك يكون النصر أقرب ما يكون من المؤمنين.
كما قال تعالى:}أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ(214){ ]البقرة[
يقولون: متى نصر الله؟ استبطاء لمجيء النصر، وكان الإنسان عجولاً وهنا يطمئنهم الله:[أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ]. لا يعجل بعجلة أحدنا، وكل شيء عنده بمقدار، وبأجل مسمى، لا يستأخر ولا يستقدم.
وقال تعالى في خواتيم سورة يوسف: }حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ(110){ ]يوسف[.
وظنوا أي: الأقوام الذين أرسل إليهم الرسل، أن الله أخلف رسله ما وعدهم ، وهنا تكون المفاجأة بعد الاستيئاس وظن السوء:}جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ (110){ ]يوسف[
فهذا من سنن الله مع المجرمين، فالأزمة كلما اشتدت وتفاقمت آذنت بالانفراج، وإن أحلك سويعات الليل سوداً هي السويعات التي تسبق الفجر.
اشتدي أزمة تنفرجي                قد آذن ليلك بالبلج
ولرب نازلة يضيق بها الفتى     ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها          فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
8ـ إطْلاعُ الله الناس على آياته الباهرة:
قال الله تعالى: }سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَ لَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ (53){ [فصلت].
ثانيا : المبشرات من السنة النبوية :
لقَدْ بشَّرَنا النبيُّ (ﷺ) بانتصارِ الإسلامِ وظُهورِهِ مَهْما تكالبَتْ عليهِ الأعداءُ وتألَّبَتْ عليهِ الخُصومُ؛ من هذه المبشرات ما يلي..
1- عن ثوبان أن النبي (ﷺ) قال:}إن الله زوى لي الأرض  أي جمعها وضمها فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها. . . {
]رواه مسلم وأبو داود  والترمذي  وصححه، وابن ماجه ،وأحمد[
وهو يبشر باتساع دولة الإسلام، بحيث تضم المشارق والمغارب، وهذا لم يتحقق من قبل بهذه الصورة، فنحن بانتظاره كما أخبر الصادق المصدوق.
2ـ عن تَميم الداري رضي الله عنه ، قال: سمعتُ رسول الله (ﷺ)  يقول: }ليَبْلغنَّ هذا الأمرُ (يعني الإسلام) ما بلغ الليلُ والنهارُ، ولا يترك اللهُ بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين، بعِزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل، عزا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلا يُذل الله به الكفر{ [رواه أحمد]
فإذا كان الحديث السابق يبشر باتساع دولة الإسلام، فهذا يبشر بانتشار دين الإسلام، وبهذا تتكامل قوة الدولة وقوة الدعوة، ويتحد القرآن والسلطان.
3ـ عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسئل: أي المدينتين تفتح أولاً: القسطنطينية أو روميَّة؟ فدعا عبد الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله (ﷺ) نكتب، إذ سئل رسول الله (ﷺ) أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله (ﷺ): مدينة هرقل تفتح أولاً يعني قسطنطينية{ ]رواه أحمد والدارمي وابن أبي شيبة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي[.
]ورومية هي ما ننطقها اليوم: "روما" عاصمة إيطاليا[.
وقد فتحت مدينة هرقل(قسطنطينية) ، على يد السلطان محمد الفاتح ،وهو في الثالثة والعشرين من عمره فتحها في 12 ربيع الآخر 857هـ / 21أبريل1453م
وبقى فتح المدينة الأخرى: رومية، وهو ما نرجوه ونؤمن به.
ومعنى هذا أن الإسلام سيعود إلى أوربا مرة أخرى فاتحًا منتصرًا، بعد أن خرج منها مرتين: مرة من الجنوب، من الأندلس، ومرة من الشرق بعد أن طرق أبواب أثينا عدة مرات.
ويفهم من هذا الحديث أن الرسول (ﷺ) قد بشر أصحابه والمسلمين من بعده بفتح القسطنطينية وروما.
وأن السائل كان يعرف أنهما ستفتحان ولكن لا يدري أيهما سيفتح أولاً.
وقد بيًن عليه الصلاة والسلام أن القسطنطينية ستفتح أولاً. وقد بشر بذلك النبي  (ﷺ) بقوله: }لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش{ ]رواه أحمد في المسند والبخاري في التاريخ الكبير[.
4ـ عن النعمان بن بشير عن حذيفة: أن النبي (ﷺ) قال: } تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت{.]رواه أحمد والبزار والطبراني ببعضه في الأوسط ورجله ثقات[
]الملك العاض أو العضوض : هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وتجاوز، كأنما له أسنان تعضهم عضًا[:
]الملك الجبري : هو الذي يقوم على التجبر والطغيان[
إن هذه الأحاديث تبشر بأن المستقبل للإسلام، وإن بعد الليل فجرًا، وإن مع العسر يسرًا، وإن وقد بدت بشائر الفجر، والحمد لله.
5ـ عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : }لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ, إِلَّا الغرقد فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ{ ]البخاري ومسلم [
]الغرقد: نوع من شجر الشوك معروف ببلاد بيت المقدس، وهناك يكون قتل الدجال واليهود[.
فيه إثبات الملحمة الكبرى بين المسلمين واليهود، وتأييد الله لنا بالجمادات، وأن هذه الأمة غالبة مهما عظم التآمر، واشتد العداء، وإنهم ليعرفون هذا الحديث ويؤمنون بمحتواه، حتى إنهم ليكثرون من زراعة (الغَرقد) شجر معروف تفاديا من الخطر القادم عليهم..!
6ـ عَنْ ثوبان رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): }لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ{ ]مسلم[
7ـ عن خباب رضي الله عنه في حديث شكواه لرسول الله، وفيه قال(ﷺ): }وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وإلى حَضْرَمَوْتَ، مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تستعجلون{ ]رواه البخاري[
فيه أن الدين غالب منتصر، وسيتمه الله، ولن تحول قوة دونه وتمكينه، وسيعم الأمن من خلاله، وما ذاك إلا لصدق مبادئه، وتوقير الناس له، وانشراحهم بأحكامه .
8ـ عَنْ أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): }بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بالسَّناء والرِّفْعَةِ، وَالدِّينِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ{ ]رواه أحمد[ .
في هذا الحديث تصريح أكيد بنصر هذه الأمة وتمكينها، وظهورها على أعدائها المختلفين، وأنها في محل عال من الرفعة والسناء الذي هو علو القدر والمكانة، وحسن العاقبة .
9ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (ﷺ) قال: }إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها { ]رواه أبو داود [
10ـ عن أبي عِنبةَ الخولاني رضي الله عنه، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ قال: سمعت رسول (ﷺ) يقول : }لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته، إلى يوم القيامة{ ]رواه ابن ماجة بسند حسن[
فيه خلود هذا الدين، ودوام رسالته، وأن غراسه ثابتة، وينابيعه متدفقة، تتمثل في علماء عاملين، أو مجاهدين باذلين، أو مصلحين مضحين، أو دعاة مثابرين.
11ـ عَنْ أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : }بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي {.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَأَنْتُمْ تَنتثِلونها أي تستخرجونها{. ]رواه البخاري مسلم [ 
فيه عظمة هذا الدين، وغناه بعد فقر أهله، وانتهاء تلك الخزائن إلى دولته، وقد حصل ذلك أيام الفتوحات، ولا يزال يحصل ما عزّت الأمة ، واستعصمت بمنهاج ربها تعالى .
12ـ عن أبي هريرة أن رسول الله (ﷺ) قال: }لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً { ] رواه مسلم[.
ثالثا : المبشرات من السيرة النبوية والتاريخ :
اقرؤوا التاريخَ إذ فيه العِبَر.... ضلَّ قومٌ ليس يَدْرُون الخَبَر
إن التاريخ كله يعطي رسالة واضحة: قال تعالى: }وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ(140){[آل عمران]، فدوام الحال من المحال، مما لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، والضعيف لا يظل ضعيفا أبد الآبدين، والقوي لا يظل قوي أبد الآبدين، فالتاريخ يُكرِّر نفسَه وإنْ على صُوَر متجدِّدة، ومآسي الماضي هي عِبَرُ المستقبَل، وسُنن اللهِ لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، ففرعون اليوم هو فرعون الأمس، وقارون اليوم لم يتخلَّف سلوكُه عن قارون الماضي، ومُنافِقُو اليومِ نسخةٌ ممسوخة مِن عبد الله بن أبيِّ بن سلول وحزبه!!!
يوم الأحزاب والأمل في الله تعالى :
المبشرات في السيرة والتاريخ كثيرة وكثيرة منها على سبيل المثال ، ما حدث يوم الخندق وما أدراكم ما يوم الخندق ، حيث اجتمعت دولُ الكفر والإلحاد، وتكالبت وتحزبت على المؤمنين، ومع عظم الخطب واشتداد الأمر وضيق الحال، كما قال الله تبارك وتعالى: }هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11){ [الأحزاب]
نعم.. الله أكبر في هذا الموقف العظيم، الكفار مجتمعون حول المدينة بعدتهم وعتادهم، والموقف صعب وشديد كما وصفه الله في كتابه }إِذْ جَآءُوكُم مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَاْ (10){[الأحزاب]
ينادي النبي (ﷺ) مبشراً بفتح فارس والروم وسلب كنوزها، هذا كلام لا يصدر إلا عن ثقة تامة بنصر الله لأوليائه، وتعلق كبير بالله خالق الأسباب، وهازم الأحزاب، وأن النصر بيد الله وحده، وإن كانوا في مثل هذا الموقف العصيب.
فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "لما كان حين أمرنا رسولُ اللهِ (ﷺ) بحَفْرِ الخَنْدَقِ عَرَضَتْ لنا في بعضِ الخَنْدَقِ صخرةٌ لا نأخذُ فيها المَعَاوِلَ، فاشتَكَيْنا ذلك إلى النبيِّ (ﷺ)، فجاء فأخذ المِعْوَلَ فقال : بسمِ اللهِ، فضرب ضربةً فكسر ثُلُثَها، وقال : اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ فقال : اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضرب الثالثةَ وقال : بسمِ اللهِ، فقطع بَقِيَّةَ الحَجَرِ فقال : اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ "] ابن حجر العسقلاني ، أخرجه النسائي في السنن الكبرى ، والبيهقي في دلائل النبوة[
وكانت النتيجة !!
}وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا (25) وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا (26) وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا (27){ ] الأحزاب[
يوم الردة باعث على الأمل  الكبير:
من كان يظن أن تقوم للإسلام قائمة بعد موت المصطفى (ﷺ)، وظهرت فتنة الردة بصورة تكاد أن تلتهم الأخضر واليابس، من كان يظن في هذا اليوم العصيب الذي جسده عروة بن الزبير رضوان الله عليه وقال: [كان المسلمون كالغنم المبعثرة في الليلة الشاتية الممطرة؛ لفقد نبيهم ولقلة عددهم وكثرة عدوهم].
انظر إلى هذا الواقع، وإلى هذا الحال، مات النبي فارتد كثيرٌ من العرب، وظهرت فتنة الردة، وفتنة من يدعي النبوة بعد النبي (ﷺ)، وكانت الجمعة لا تقوم في بلد إلا في مكة والمدينة ، بل ذهب أحد المسلمين لـ أبي بكر رضي الله عنه ليقول له: يا خليفة رسول الله! الزم بيتك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، فماذا قال الرجل الذي يزن في ميزان الرجال أمة؟
ماذا قال الصديق الذي قيضه الله للأمة يوم الردة ؟
قيض الله للإسلام وللأمة أبا بكر فقال قولته الخالدة: [والله لو منعوني عقال بعيرٍ كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه بالسيوف] وأمر بإرسال وبإنفاذ بعث أسامة.
قالوا: يا خليفة رسول الله! لقد ظهرت فتنة الردة، وظهر مدعو النبوة، ولا داعي الآن لأن ترسل هذا الجيش، ولا بد أن يبقى هذا الجيش في المدينة ليؤمنها، فقال الصديق قولته الخالدة: [والله لأنفذن بعث أسامة وإن تخطفتني الذئاب]، وفي لفظ: [وإن جرت الكلاب بين أرجل أمهات المؤمنين لأنفذن بعث أسامة، كيف يبرم رسول الله (ﷺ) عقداً ولا أبرمه أنا].
وسار جيش أسامة الذي كان فتحاً عظيماً من الله على أبي بكر رضي الله عنه، حيث أن المرتدين خارج جزيرة العرب قد نظروا إلى هذا الأمر نظرة عجيبة، وقالوا: لولا أن أبا بكر يملك من القوة ومن الجيوش في المدينة ما يستطيع أن يدفع بها الشر عن المدينة ما أرسل بعث أسامة.
انظر إلى الفتح والتأييد والمدد من الله جل وعلا! وانطلق الجيش، وانتهت فتنة الردة، وقيض الله للأمة خالد بن الوليد رضي الله عنه، وانتهت حروب الردة، وقتل من ادعى النبوة، وخرج الإسلام من هذه الفتنة قوياً شديداً، وفي أول الأمر ظن كثير من الناس أنه لن تقوم للإسلام قائمة.
ـ تاريخ الصليبيين في بيت المقدس يبعث على الأمل :
يقول ابن كثير في البداية والنهاية : في ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة للهجرة دخل ألف ألف مقاتل بيت المقدس وصنعوا فيه ما لا تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما لا ترتكب أكثر منه الشياطين لبثوا فيه أسبوعا يقتلون المسلمين حتى بلغ عدد القتلى أكثر من ستين ألفا منهم الأئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون وكانوا يجبرون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البيوت لأنهم يشعلون النار عليهم وهم فيها فلا يجدون مخرجا إلا بإلقاء أنفسهم من السطوح جاسوا فيها خلال الديار وتبروا ما علوا تتبيرا، وأخذوا أطنان الذهب والفضة والدنانير ثم وضعت الصلبان على بيت المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على مآذن لطالما أذن بالتوحيد من عليها : أن الله ثالث ثلاثة- جل اله وتبارك- فذهب الناس على وجوههم مستغيثين إلى العراق وتباكى المسلمون في كل مكان لهذا الحدث وظن اليائسون ألا عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين .
ويمضي الزمن ويُعِد الرجال وفي سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة للهجرة أعد صلاح الدين جيشا لاسترداد بيت المقدس وتأديب الصلبيين على مبداهم هم : إن القوي بكل أرض يتقي وفي وقت الإعداد تأتيه رسالة على لسان المسجد الأقصى تقول:
يا أيها الملك الـذي            لمعالم الصلبان نكس
جاءت إليك ظلامة تسعى           من البيت المقدس
كل المساجد طهرت وأنا             على شرفي أنجس
فانتخى وصاح وا إسلاماه وامتنع عن الضحك وسارع في الإعداد ولم يقارف بعدها ما يوجب الغسل .
وعندها علم الصلبيون أن هذا من جنود محمد (ﷺ) فتصالح ملوك النصارى وجاؤا بحدهم وحديدهم وكانوا ثلاثة وستين ألف فتقدم صلاح الدين إلى طبريا ففتحها بلا إله إلا الله فصارت البحيرة إلى حوزته استدرجهم إلى الموعد الذي يريده هو ثم لم يصل إلى الكفار بعدها قطرة ماء إذ صارت البحيرة في حوزته فصاروا في عطش عظيم.
وعندها تقابل الجيشان وتواجه الفريقان وأسفر وجه الإيمان وأغبر وجه الظلم والطغيان ودارت دائرة السوء على عبدة الصلبان عشية الجمعة واستمرت إلى السبت الذي كان عسيرا على أهل الأحد إذ طلعت عليهم الشمس واشتد الحر وقوي العطش وأضرمت النار من قبل صلاح الدين في الحشيش الذي كانت تحت سنابك خيل الكفار فاجتمع عليهم حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح وحر رشق النبال وحر مقابلة أهل الإيمان.
وقام الخطباء يستثيرون أهل الإيمان ثم صاح المسلمون وكبروا تكبيرة اهتز لها السهل والجبل ثم هجموا كالسيل الدفاع لينهزم الكفار ويؤسر ملوكهم ويقتل منهم ثلاثون ألفاً حتى قيل لم يبق أحد ويؤسر منهم ثلاثون ألفا حتى قيل لم يقتل أحد، فلم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله إلا في عهد الصحابة، حتى ذكر ان بعض الفلاحين رؤي وهو يقود نيفا وثلاثين أسيرا يربطهم في طنب خيمته، وباع بعضهم أسيرا بنعل يلبسها، وباع بعضهم أسيرا بكلب يحرس غنمه.
ثم أمر السلطان صلاح الدين جيوشه أن تستريح لتتقدم إلى فتح بيت المقدس، ففي هذه الاستراحة كيف كانت النفوس المؤمنة التي لا تيأس ؟ : الرؤوس لم ترفع من سجودها، والدموع لم تمسح من خدودها، يوم عادت البيع مساجداً ، والمكان الذي قال فيه : إن الله ثالث ثلاثة صار يشهد فيه : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم سار نحو بيت المقدس ليفتح من الجهة الشرقية ويخرجهم منه فكان له ذلك على أن يبذل كل رجل منهم ويخرج ذليلا عن نفسه عشرة دنانير وعن المرأة خمسة وعن الطفل دينارين ومن عجز كان أسيرا للمؤمنين، فعجز منهم ستة عشر ألفاً كانوا أسراء للمسلمين.
ودخل المسلمون بيت المقدس، وطهروه من الصليب وطهروه من الخنزير، ونادى المسلمون بالآذان ووحدوا الرحمن وجاء الحق وبطلت الأباطيل وكثرت السجدات وتنوعت العبادات وارتفعت الدعوات وتنزلت البركات وتجلت الكربات وأقيمت الصلوات وأذن المؤذنون وخرس القسيسيون وأحضر منبر نورالدين الشهيد عليه رحمة الله الجليل الذي كان يأمل أن يكون الفتح على يديه فكان على يدي تلميذه صلاح الدين، ورقى الخطيب المنبر في أول جمعة بعد تعطل للجمعة والجماعة في المسجد الأقصى دام واحد وتسعين عاما، فكان مما بدأ به الخطيب خطبته بعد أن حمد الله أن قال: }فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(45){ ]الأنعام[، }لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4){ ]الروم[
ـ غزو التتار لبلاد الإسلام يعطي الأمل :
من كان يظن أن تبقى للإسلام قائمة عندما غزا المغول والتتار بلاد الإسلام، ودخلوا بلاد الإسلام  كالريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، دمروا المدن وخربوا العمران ، وأسالوا الدماء وأسقطوا الخلافة وعطلوا الصلوات وألقوا أسفار المكتبات في نهر دجلة حتى اسودّ ماؤه من كثرة ما سال من مداد الكتب حتى أصبحت حضارة الإسلام والبشرية مهددة من هذا الغزو الوحشي الذي لا يبقي ولا يذر والذي يذكر بما جاء في وصف يأجوج ومأجوج، حتى جسَّد العلامة المؤرخ ابن الأثير الجزري رحمه الله تعالى هذه المأساة المروعة، فقال: "لقد انصرفت عدة سنين عن تسجيل هذه الحادثة، فأنا أقدم قدماً وأؤخر أخرى؛ فمن ذا الذي يسهل عليه أن يكتب بيديه نعي الإسلام والمسلمين، فليتني لم أولد قبل هذا اليوم وكنت نسياً منسيا".
حيث خرب التتار العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ، ونهبوا الأموال ، وداسوا القيم ، وفتكوا في الأنفس والأعراض فتكاً ذريعاً حتى قيل إن جبالاً شامخة وأهرامات عالية أقامها هولاكو من جماجم المسلمين كانت المياذيب على السطوح كانت تسيل دماً وكانت خيول التتار تسبح في بحار من دماء المسلمين ، حتى وصل الأمر بالمسلمين إلى الهزيمة النفسية لدرجة أن الرجل التتري يأتي بالعشرات من المسلمين فيقول لهم ناموا فوق هذا الرصيف حتى آتي بسكين وأقتلكم ، وظن اليائسون حينها أن راية الإسلام نكست ولن ترتفع بعد ذلك اليوم أبداً وأن أمة الفتح والنصر قد حقت عليها الهزيمة فهيهات أن تعود إلى الميدان من جديد، ولم يمضِ سنتين من كلام ابن الأثير إلا وقيض الله للأمة الإسلامية البطل الفاتح سيف الدين قطز، فحرر البلاد والعباد في عين جالوت ، وخرج الإسلام من هذه الأزمة الطاحنة قوياً شديداً صلباً، ويصبح للمسلمين من العظمة والمجد والرفعة ما تفخر به الأجيال .
انظروا إلى المحن! {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3)} [العنكبوت]
إنه التمحيص: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ(214)} [البقرة].
إنه وعد الله، ولا بد أن يبقى هذا الإسلام، ولا بد في النهاية أن ينتصر الإسلام،إن التفاؤل بالنصر هو الذي يهيئ النصر، وإن القوة المعنوية في الأمة هي التي تدفع شبابها وأبنائها إلى تحقيق المزيد من الانتصارات الحاسمة في كل زمان ومكان ، قال تعالى : }وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً(44){  ]فاطر[
رابعا : المبشرات من الوقع:
هذه الأمة تمتلك من القوى ما يجعل لها مكانا بين الأمم إذا تمسكت بالعروة الوثقى ، فالأمة تمتلك القوة البشرية العددية أكثر من مليارين من البشر ، هذه قوة هائلة ، فإن المسلمين يملكون قوة من الأسباب ما يجعلهم قوة كبرى في العالم ، إن المسلمين أمة ولود عندها قدرة على التناسل والتكاثر ،وأيضا الأمة تمتلك القدة المادية حيث يعيش المسلمون في أرض خصبة ، وأهم من ذلك كله القوة الروحية حيث عد المسلمين ،رسالة سماوية توازن بين المادية والربانية ، رسالة جمعت بين الدنيا والآخرة ، رسالة شاملة لكل مناحي الحياة.
الخاتمة ....
إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت وتغفو لكنها لا تنام وتخبو لكنها لا تطفأ أبداً .
فالمؤمن لا يعر ف اليأس ولا يفقد الرجاء إذ هو واثق بربه ثم هو واثق بحق نفسه ثم هو واثق بوعد الله، إن مرت به محنة اعتبرها دليل حياة وحركة .
إن المستقبل لهذا الدين بلا منازع ، ولكنه لا يتحقق بالمعجزات السحرية ، ولا بد من العمل والبذل والتضحية ،والدعوة إلى الله عز وجل من منطلقات صحيحة على كتاب وسنة رسوله  (ﷺ)، ووعد الله لن يتخلف أبداً لكنه لن يتحقق أبدا على يد أقوام لا يستحقونه ولا يفهمون سننه ولا يضحون من أجله.
فلا بد من إعداد الرجال والأبطال ، فالحياة بلا أبطال لا وزن لها ،والأرض بلا شهداء لا يمكن أن تنبت إلا الخور والضعف والهزيمة..
يا ناصر الحق في بدرٍ وفي أحـــد   وفي حنين غداة الجــيشُ قد لان
يا منجيًا نوح في الطوفان من غرقٍ  يا صادق الوعد لما وعـــده حـــانَ
يا رب أيـــوب يا كشـــاف كربتـــه     ورب ذي النـــون إذ نـــاداك ولهانا
يا جامعًا شمل يعـــقوب وكم ذرفت   عيناه فابيــــضت العـــــينان أحزانا
يا رب يوسف بعد الســـجن مكنه     فنال مُلــــكًا وآبـــــاءً وإخــــــــوانًا
يا رب موسى وهارون وقـــد عبرا       يا ملقمَ البحر فرعون وهــــــامانَ
يا واهبا مريم عــــيسى بدون أبٍ        لما اصطفيت قـــــديمًا آل عمران
يا رب جبريل والأملاك قـــــــاطبة     يا رب كـل تقــــي بالــتقى ازدانَ
فاقصـــم بعزك يا جـــبار شِـرذمةً      عاثت بإخــــــواننا فتكًا وعـــــدوانًا

فاللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين وأعلى بفضلك كلمتي الحق والدين ، وعليك بأعدائك أعداء الدين ،

واحقن دماء المسلمين ، وارحم شهداء المسلمين .

ليست هناك تعليقات: