20 أغسطس 2023

قضاء حوائج الناس جِماع كل خير

 


الحمد لله رب العالمين .. أمر بالسعي في قضاء حوائج الناس، وجعل ذلك من باب التعاون على البر والتقوى فقال تعالى:{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (2) } ]المائدة[.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ..جعل فعل الخير من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة فقال تعالى } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77){ ]الحج[
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) بين أن الله تعالى ينعم على بعض عباده فيجعلهم مفاتيح للخير والإحسان فعَن  سَهلِ  بن سَعد، عن النبِّي (ﷺ) قَالَ:}إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر ، وويل لعبد جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير{.]أخرجه ابن ماجة والطبراني[
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ......
أما بعد: فيا أيها المؤمنون
لقد حث الشرع الحنيف على  نفع الناس ، وقضاء حوائجهم، والسعي إلى تفريج كرباتهم، وبذل الشفاعة الحسنة لهم، تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء الألفة، وزيادة في روابط الأخوة، قَالَ تَعَالَى:}لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً (114) { [النساء]، وقَالَ تَعَالَى:}مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا (85){[النساء].. واعتبر قضاء الحوائج جماع كل خير ، لذلك تسابق الأولون في هذا المجال وتنافسوا فيما بينهم على النفع العام والخاص لذلك كان حديثنا عن } قضاء حوائج الناس جِماع كل خير{ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية .....
1ـ  قضاء الحوائج  من أفضل الأعمال والقربات .
2ـ قضاء الحوائج من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
3ـ مجالات قضاء الحوائج.
4ـ صور مشرقة في قضاء الحوائج.
5ـ الآداب المتعلقة بقضاء الحوائج.
6ـ التحذير من عدم قضاء الحوائج مع الاستطاعة .
7ـ الخاتمة .
العنصر الأول: قضاء الحوائج  من أفضل الأعمال والقربات :
يُعتبر قضاء الحوائج في الإسلام من أهم الأعمال شأنها شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة ، وقد أكثر الله سبحانه وتعالي، من الدعوة إلى الخير، وقضاء الحوائج ، وقد أحسن الله تعالى إلى الإنسان أيما إحسان ، وأمره أن يقابل هذا الإحسان بالإحسان إلى الآخرين ، وتقديم الخير لهم، سواء بالمال، أو بالمشورة الصادقة، أو بالمواساة ، فقال تعالى{وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ (77)} ] القصص[
وهذه بعض الأدلة القرآنية والنبوية التي تدعوا إلي قضاء حوائج الناس.
1- قضاء الحوائج عنوان الإيمان الصحيح والعقيدة السليمة :
فقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ(177)} [البقرة].
والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير 2ـ زاد إلى الجنة:
الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ، قال تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(110)} [البقرة].
وقال تعالي{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(20)}[المزمل].
وعن ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قال: }مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ{[ البخاري ومسلم].
ولقد جلس النبي (ﷺ) ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالاً دون سابق إخبار فقال
لهم: }من أصبحَ منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر الصِّدِّيقُ: أنا، قال: فمن تَبِع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فَمَنْ أطعم منكم اليومَ مِسْكِينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال رسولُ الله (ﷺ): "ما اجْتَمَعْنَ في رجل إلا دخل الجنة{.]أخرجه مسلم[.
والملاحظْ أنَّ أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدًا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادًا أن يبادر أيامه الخوالي بالاستكثار من الباقيات الصالحات.
3ـ القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالي :
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ (ﷺ): }لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) وفي رواية طليق{. [ مسلم، الترمذي، الدارمي ].
ويقول تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7)} [الزلزلة].  والمعنى أن أي فعل مهما كان قليلاً، حتى لو كان مثقال ذرة فإن الله يجزيه على عمله، ويرى نتيجة فعله.
واعلموا أنَّ الله تعالى لا يضيعُ عمل عاملٍ من ذكرٍ أو أنثى، قال تعالي } فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ (195){ ]آل عمران[.
وجاء أعرابي إلي النبي (ﷺ) وقال: }يا رسول الله! عظني ولا تطل, فتلا عليه هذه الآية (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8){  [الزلزلة] فقال هذا الأعرابي: قد كفيت, فلما قال: قد كفيت, قال عليه الصلاة والسلام : فقه الرجل {.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي (ﷺ): }أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة{.
والساعي لقضاء حوائج الأرملة والمسكين كالمجاهد ،فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:} الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر{ ]رواه مسلم[
قال أبو العتاهية:
اقض الحوائج ما استطعـت         وكن لهمِ أخيك فارج
فلخـــــــير أيام الفــــــتى           يوم قضى فيه الحوائج
4ـ عون الله تعالى لقاضي الحوائج:
الساعي لقضاء الحوائج موعود بالإعانة مؤيد بالتوفيق ، فعَن  أبِي هُرَيرَة َ قَالَ :
 قَالَ رَسُولُ  اللّهِ صَلىَّ اللَّه ُ عَلَيهِ  وَسَلمَّ : }مَن نفَسَّ  عَن مُؤمِن  كُربَة ً مِن  كُرَبِ  الدنُّيَا نفَسَّ اللَّه ُ عَنه ُ كُربَةً مِن كُرَبِ  يوَمِ  القِيَامَةِ  وَمَن  يسَّرَ عَلَى مُعسِر يسَّرَ  اللَّه عَلَيهِ  فِي الدنُّيَا وَالآخِرَةِ  وَمَن سَترَ  مُسلِمًا سَترَه ُ اللّه ُ فِي الد نُّيَا وَالآخِرَةِ ،وَاللّهُ فِي عَونِ ا لعَبدِ  مَا كَانَ العَبد ُ فِي عَونِ أخِيهِ  وَمَن  سَلكَ  طَرِيقاً يلَتمِسُ فِيهِ  عِلمًا سَهَّلَ  اللَّه ُ لَهُ بهِ  طَرِيقاً إلِى ا لجَنةِّ وَمَا اجتمَعَ  قَوم  فِي بَيت مِن بيُوُتِ اللّه يَتلوُ نَ كِتاَبَ   اللَّهِ وَيَتدَاَرَسُونَهُ  بيَنهُم إِلّاَ نزَلَت  عَلَيهِم  السَّكِينةُ وَغَشِيتَهُم  الرَّحمَةُ وَحَفتَّهُم المَلَائكِة ُ وَذكَرَهُم  اللَّه فِيمَن  عِندهَ وَمَن  بطَّأَ بِهِ عَمَلهُ لَم  يسُرع  بِهِ  نسَبهُ ُ]{مسلم[
5ـ قضاء الحوائج من أسباب جلب الخير ودفع السوء :
قال ابن القيِّم رحمه الله: "وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها، ومللها، ونحلها، على أن التقرب إلى رب العالمين، والبر والإحسان إلى خلقه ، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه، بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه"[الجواب الكافي]. اهـ
وروى الطبراني في معجمه الكبير مِن حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قَالَ: }صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ  تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ{ [المعجم الكبير وقال المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب إسناده حسن. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة] .
وقَالَ حَكِيمُ بنُ حِزَامٍ رضي اللهُ عنه: "مَا أَصْبَحتُ وَلَيسَ عَلَى بَابِي صَاحِبُ حَاجَةٍ إِلَّا عَلِمْتُ أَنَّهَا مِنَ المَصَائِبِ، فكانوا يعتبرون صاحب الحاجة هو المنعم المتفضل على صاحب الجاه والمال حين أنزل حاجتهُ به".
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: " ثَلَاثَةٌ لَا أُكَافِئُهُمْ: رَجُلٌ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ لِي فِي المَجلِسِ، وَرَجُلٌ اغبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي المَشيِ إِلَيَّ إِرَادَةَ التَّسلِيمِ عَلَيَّ، فَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يُكَافِئُهُ عَنَّي إِلَّا اللهُ، قِيلَ: وَمَن هُوَ؟ قَالَ: رَجُلٌ نَزَلَ بِهِ أَمرٌ فَبَاتَ لَيلَتَهُ يُفَكِّرُ بِمَن يُنزِلُهُ ثُمَّ رَآنِي أَهلًا لِحَاجَتِهِ فَأَنزَلَهَا بِي.
6ـ اصطفاء الله تعالي للذين يقضون الحوائج :
روي الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله (ﷺ) { إِنَّ  لِلَّه ِ أقَوَامًا اختصَّهُم بِالنعِمِ  لِمَنَافِع العِبَادِ، وَيقِرُّهَا فِيهِم مَا بذَلَوُهَا، فَإذِاَ مَنعَوُهَا نزَعَهَا عَنهُم  وَحَوَّلهَا إلِى غَيرِهِم }]حسن صحيح أخرجه الطبراني، وابن عساكر[
7ـ شرف المكانة وعلو المنزلة لمن يقضون الحوائج:
إن الله تعالى يرفع مكانة هؤلاء من يقومون بقضاء الحوائج ، فينالون محبة الله تعالي ،روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ﷺ):}أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس{ ]حديث حسن[
ويجعلهم الله تعالي مفاتيح الخير: روى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ﷺ): }إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطُوبَى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه{؛ ]حديث حسن[
 قوله: (إن من الناس مفاتيح للخير)؛ أي: إن الله تعالى أجرى على أيديهم فتح أبواب الخير؛ كالعلم والصلاح على الناس، حتى كأنه ملَّكهم مفاتيح الخير ووضعها في أيديهم.
ويجعل لهم الفضل والخيرية : روى الطبراني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ﷺ): }المؤمن يَألف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخيرُ الناس أنفعهم للناس{ ]حديث حسن[
قوله: (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف): لأن التآلف سبب الاعتصام بالله وبحبله، وبه يحصل الاجتماع بين المسلمين، وبضده يحصل التفرقة بهم.
قوله: (أنفعهم للناس): أي: بالإحسان إليهم بماله وجاهه وعلمه؛ لأن الخلق كلهم عيالُ الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله.
8ـ قضاء الحوائج أمان يوم القيامة:
روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ﷺ):}أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد  (يعني مسجد المدينة) شهرًا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل{؛ ]حديث حسن[
في هذا الحديث أشار النبي (ﷺ) إلى فضل الذين يقضون حوائج الناس، ويعم نفعهم لغيرهم بأنهم آمنون من عذاب الله تعالى يوم القيامة، ولا سيما أنهم حققوا صفة الإيمان الحق، فالذي يسعى مخلصًا لله تعالى في قضاء حاجة أخيه، قد أحب لغيره ما يحب لنفسه، وهكذا يتحقق الإيمان. 
روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال: }لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه{ ]رواه البخاري ومسلم[.
قوله: (لا يؤمن)؛ أي: إيمانًا كاملًا.
وروى مسلم عن أبي اليسر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ﷺ):}من أنظَر معسرًا أو وضع عنه، أظلَّه الله في ظله{ ]رواه مسلم[ 
قوله: (من أنظر معسرًا)؛ أي: أمهل مديونًا فقيرًا.
قوله: (وضع عنه)؛ أي: قليلًا أو كثيرًا من الدَّين.
قوله: (أظله الله في ظله)؛ أي: أوقفه الله تعالى في ظل عرشه .
9ـ السعي في قضاء حوائج الناس من الشفاعة الحسنة التي أمرنا الله تعالى بها:
 فقال تعالى: }مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85){  ]النساء[ .
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ أَبِيهِ ، قال: كَانَ رَسُولُ الله (ﷺ) إذَا جَاءَهُ السَّائِلُ ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ . قال : "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا ، ويقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (ﷺ) مَا شَاءَ{.]أخرجه أحمد ، والبخاري ،ومسلم ، وأبو داود [
العنصر الثاني : قضاء الحوائج من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام :
نفع الناس، والسعي في كشف كروباتهم، من صفات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فكان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله (ﷺ) ، يوم أن نزل عليه الوحي الالهي ودخل علي زوجه السيدة خديجة ويقول}زملوني .. زملوني .. فوصفته (ﷺ) بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سبب في حفظ الله تعالي له ، فقالت  "كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق{ ]البخاري[ .
فكَانَ (ﷺ) إِذَا سُئِلَ عَن حَاجَةٍ لَم يَرُدَّ السَّائِلَ، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه أَنَّهُ قَالَ: "مَا سُئِلَ النَّبِيُّ (ﷺ)عَنْ شَيْءٍ قَطُّ؟ فَقَالَ: لَا"  ]البخاري ومسلم[
وروى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ عُثمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي اللهُ عنه قَالَ: }إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ (ﷺ) فِي السَّفَرِ، وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ{[مسند الإمام أحمد وقال محققوه: إسناده حسن.].
 وروى البخاري عن أنس بن مالك، قال: }كانت الأَمَة (الجارية المملوكة) من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله (ﷺ) ،فتنطلق به حيث شاءت{ ]رواه البخاري[
قوله: (فتنطلق به حيث شاءت)؛ أي: يذهب النبي (ﷺ) مع الجارية إلى حيث شاءت من الأمكنة، ولو كانت حاجة الجارية خارج المدينة، والتمست منه (ﷺ)  مساعدتها في قضاء تلك الحاجة، لساعدها النبي (ﷺ) على ذلك، وهذا الحديث دليل على مزيد تواضعه وبراءته (ﷺ) من جميع أنواع الكبر؛]فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني[. وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن امرأةً كان في عقلها شيء (أي من الخفة) فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجةً، فقال يَا رَسُولَ الله ، إِنَّ لِي إلِيكَ حَاجَةً ، فَقَا لَ : يَا أمَّ  فلُا نَ ،انظُرِي أيَّ السِكَكِ  شِئتِ ،حَتىَّ أقَضِيَ  لكِ حَاجَتكِ ، فخَلا َ مَعهَا فِي بعَضِ الطُّرُقِ ،حَتىَّ فرَغَت مِن حَاجَتهِا{. ]أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود[
قال الإمام النووي رحمه الله: هذا الحديث فيه دليل على صبره (ﷺ) على المشقة في نفسه لمصلحة المسلمين، وإجابته من سأله حاجةً؛ ]مسلم بشرح النووي[
وهذا نبي الله يوسف عليه السلام .... مع ما فعله إخوته به جهزهم بجهازهم ولم يبخسهم شيئًا منه.
وهذا نبي الله موسي عليه السلام .. لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، فرفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رويت أغنامهما.
العنصر الثالث :مجالات قضاء الحوائج:
أبواب نفع الناس كثيرة:   كقضاء ديونهم، أو الصدقة على الفقراء منهم، أو تفريج كربهم، أو الصلح بينهم، أو إدخال السرور عليهم، وإماطة الأذى عن الطريق ، وغراس الأشجار ، والمحافظة على البيئة من التلوث ، وإغاثة الملهوف ،ورعاية الحيوان ، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالمجتمع فهو خير، والدعوة إلي الله تعالي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والعدل بين الناس.. فمجالات عمل الخير ونفع الناس كثيرة ومتعددة . 
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ سَعِيدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ: عَنِ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَ: }كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ: تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ{ [البخاري و مسلم] .
و تعليم الناس العلم الشرعي هو من أعظم النفع، فإن حاجتهم إلى العلم الشرعي أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وَفِي الحَدِيثِ: }إِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ
 فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ{[سنن أبي داود].
وفي رواية: }إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ{[رواه الترمذي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.].
ومنها السعي في نصرة المظلوم : لقد حكي القرآن الكريم موقف مؤمن آل فرعون عندما علم بتآمر فرعون وقومه علي كليم الله موسي عليه السلام ، فخرج يسعي لكي يقوم بواجبه تجاه المظلوم مرة بنصح أهل الشر وتحذيرهم من الظلم فقال تعالي{وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ (28) } ]غافر[
ومرة بالإسراع إلي المظلوم نفسه مشفقا عليه من ظلم الظالمين .. فقال تعالي {وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ (20) }]القصص[
وهكذا ينبغي علي كل مسلم أن يسعي لنصرة المظلوم لما لهذا الأمر من أجر وثواب عظيم عند الله تعالي 
روى الإمام أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله وأبي طلحة بن سهل الأْنصاري أنهما قال: قال رسول الله (ﷺ): {ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته}.
العنصر الرابع : صور مشرقة في قضاء الحوائج :
لقد اقتدى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بالنبي (ﷺ) في الحرص على السعي لقضاء حوائج الناس ، فيخدمون الناس ويقومون بقضاء حوائج الجميع...
1ـ أبو بكر الصديق رضي الله عنه :
فأبو بكر الصديق رضي اللهُ عنه أسلم وله أربعون ألفًا، فأنفقها في سبيل الله، وأعتق سبعة كلهم يعذَّب في سبيل الله، أعتق بلالًا، وعامر بن فهيرة، وزنيره، والنهدية وابنتها، وجارية بن مؤمل، وأم عبيس.
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استخُلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأْرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .
2ـ الفاروق عمر رضي الله عنه:
كَتبَ عُمَرُ  بنُ الخَطَّابِ  رَضِيَ  اللُه عَنهُ إلِى أبِي مُوسَى الأشَعرِي رضي الله عنهما: أنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائج الناس ، فأكرم وجوه الناس ، فبحسب المسلم الضعيف من العدل أن ينصف في العدل والقسمة .
وعمر بن الخطاب كان يتعاهد الأرامل يسقي لهن الماء ليلًا، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل عليها طلحة نهارًا، فإذا عجوز عمياء مقعدة، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا منذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى. 
ومما روي عنه قال أسلم (مولى عمر): إن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قِدر على النار قد ملأتها ماءً، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، لماذا بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالتْ: بكاؤهم من الجوع، قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماءً أُعللهم بها حتى يناموا، أُوهمهم أن فيها شيئًا من دقيق وسمن، فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة، فأخذ غرارة  (أي كيسًا كبيرًا) وجعل فيها شيئًا من دقيق وسمن وشحم، وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل علي، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله؛ لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة، قال: فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة، قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئًا من دقيق، وشيئًا من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده، وينفخ تحت القدر، قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض (جلس) بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أُكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟
قلت: لا، يا أمير المؤمنين، قال: رأيتهم يبكون، فكرِهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي؛ ]تاريخ دمشق؛ لابن عساكر[
 3ـ أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه :
وأبو طلحة الأنصاري؛ جاء إلى النبي  (ﷺ) فقال يا رسول الله: يقول الله تبارك وتعالى في كتابه }لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ(92){[آل عمران]
 وإنّ أحب أموالي إليّ بَيْرُحاء، وكانت حديقة يدخلها النبي (ﷺ) ويستظل بها، ويشرب من مائها، فهي إلى الله عز وجل، وإلى رسوله (ﷺ) أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال (ﷺ): بخ يا أبا طلحة، ذاك مال رابح، ذاك ما رابح، قبلناه منك، ورددناه عليك، فاجعله في الأقربين، فتصدق به أبو طلحة على ذوي رحمه {[البخاري ومسلم].
 4ـ عثمان بن عفان رضي الله عنه:
 روى الترمذي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: إنَّ رسول الله (ﷺ) قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال رسول الله (ﷺ): }مَن يشتري بئر رومة، فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟، فاشتريتها من صلب مالي{ ]حديث حسن صحيح رواه الترمذي[
(ماء يستعذب) ؛ أي: ماء عذب يصلح للشرب منه.
(بئر رومة): بئر كانت لرجل يهودي يبيع ماءها للمسلمين.
(دلوه مع دلاء المسلمين)؛ أي: يجعل البئر سبيلًا للمسلمين.
اشترى عثمان بن عفان رضي الله عنه بئر رومة، وكانت لرجل يهودي يبيع ماءها للمسلمين، فأتى عثمان اليهودي، فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله سبيلًا للمسلمين يشربون منها، ثم اتفق عثمان واليهودي على أن يكون له يوم وللمسلمين يوم، فكان إذا كان يوم للمسلمين استقوا ما يكفيهم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك، قال لعثمان: أفسدت عليَّ بئري، فاشترِ النصف الآخر، فاشتراه عثمان بثمانية آلاف درهم" ]الاستيعاب؛ لابن عبدالبر[
5ـ عبدالله بن عباس:
 عبد الله بن عباس رضي الله عنه يقدم حاجة أخيه المسلم علي اعتكافه في المسجد النبوي ، روي أنه كان معتكفا في مسجد رسول الله (ﷺ), فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس , فقال له ابن عباس : يا فلان أراك مكتئبا حزينا ؟! قال : نعم يا ابن عم رسول الله لفلان علي حق ولاء , وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه , قال ابن عباس : أفلا أكلمه فيك , فقال : إن أحببت قال : فانتعل ابن عباس ثم خرج من المسجد فقال له الرجل : أنسيت ما كنت فيه ؟؟!! قال : لا ولكني سمعت صاحب هذا القبر (ﷺ) والعهد به قريب فدمعت عيناه وهو يقول : }من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين , ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين { ]رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي واللفظ له والحاكم مختصرا وقال صحيح الإسناد[ . لم يترك ابن عباس رضي الله عنه اعتكافه في أي مسجد , بل ترك الاعتكاف في مسجد رسول الله (ﷺ) مع ما له من أجر مضاعف وعظيم , ولم يتركه لينقذ مسلما من الموت جوعا أو بردا أو خوفا وذعرا , بل خرج ليكلم له دائنه بالتأجيل والنظرة إلى الميسرة فحسب , وهي حاجة ربما يستصغرها بعض المسلمين اليوم , إلا أنها كانت كافية لإخراج ابن عم الرسول (ﷺ) من معتكفه وعبادته .
أفلا تستحق آلام المسلمين المنكوبين اليوم , بأن نخرج من شح النفوس وهواها إلى كرمها وتقواها , و من قسوة القلوب وغفلتها إلى لينها و ذكرها لخالقها ومولاها, ومن إغلال الأيدي إلى الأعناق إلى بسطها بعض البسط في الإنفاق.
6ـ علي زين العابدين :
كان علي بن الحسين زين العابدين رحمه الله يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل.
ولما غسلوه رحمه الله وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقله بالليل إلى بيوت الأرامل . [سير أعلام النبلاء]
7ـ عبدالله ابن المبارك :
وهذا عبد الله بن المبارك كان ينفق من ماله على الفقهاء، وكان من أراد الحج من أهل مرو إنما يحج من نفقة ابن المبارك، كما كان يؤدي عن المديون دينه ويشترط على الدائن أن لا يخبر مدينه باسمه[سير أعلام النبلاء]
عبدالله ابن المبارك يقدم حاجة اليتامى علي حجة النافلة ، كان عبد الله بن المبارك رضي الله عنه يحج عاماً ويغزو في سبيل الله عاماً آخر، وفي العام الذي أراد فيه الحج.. خرج ليلة ليودع أصحابه قبل سفره.. وفي الطريق وجد منظراً ارتعدت له أوصاله. واهتزت له أعصابه!!
وجد سيدة في الظلام تنحني على كومة أوساخ وتلتقط منها دجاجة ميتة ، تضعها تحت ذراعها ، وتنطلق في الخفاء ،  فنادى عليها وقال لها: ماذا تفعلين يا أمة الله؟
فقالت له: يا عبد الله اترك الخلق للخالق فلله تعالى في خلقه شؤون، فقال لها ابن المبارك: ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك ، فقالت المرأة له : أما وقد أقسمت عليّ بالله ، فلأخبرنَّك، فأجابته دموعها قبل كلماتها : إن الله قد أحل لنا الميتة ، أنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات غيب راعيهم الموت واشتدت بنا الحال ونفد مني المال وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوبا رحيمة فخرجت ألتمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن فرزقني الله هذه الميتة ، أفمجادلني أنت فيها؟  وهنا تفيض عينا ابن المبارك من الدمع وقال لها: خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي به الحج، وأخذتها أم اليتامى، ورجعت شاكرة إلى بناتها، وعاد ابن المبارك إلى بيته، وخرج الحجاج من بلده فأدوا فريضة الحج، ثم عادوا، وكلهم شكر لعبد الله ابن المبارك على الخدمات التي قدمها لهم في الحج.
يقولون: رحمك الله يا ابن المبارك ما جلسنا مجلسا إلا أعطيتنا مما أعطاك الله من العلم ولا رأينا خيرا منك في تعبدك لربك في الحج هذا العام .
 فعجب ابن المبارك من قولهم، واحتار في أمره وأمرهم، فهو لم يفارق البلد، ولكنه لا يريد أن يفصح عن سره ، وفي المنام يرى رجلا يشرق النور من وجهه يقول له: السلام عليك يا عبدالله ألست تدري من أنا؟ أنا محمد رسول الله أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة جزاك الله عن أمتي خيرا.
يا عبد الله بن المبارك، لقد أكرمك الله كما أكرمت أم اليتامى ، وسترك كما سترت اليتامى، إن الله سبحانه وتعالى خلق ملكاً على صورتك ، كان ينتقل مع أهل بلدتك في مناسك الحج ، وإن الله تعالى كتب لكل حاج ثواب حجة وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة.
ومن هنا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أشد حرصا من غيرهم على المشي في قضاء حوائج المسلمين، روي أن الحسن البصري رحمه الله بعث نفرا من أصحابه في قضاء حاجة لرجل مسلم، وأمرهم أن يمروا بثابت البناني فيأخذوه معهم، فأتوا ثابتا فأخبروه فقال: إني معتكف، فرجعوا إلى الحسن.
فقال لهم: قولوا له يا أعمش! أما تعلم، مشيك في قضاء حوائج المسلمين خير لك من حجة بعد حجة، فرجعوا إلى ثابت فترك اعتكافه وخرج معهم.
قال ابن القيم رحمه الله  في وصف شيخ الإسلام ابن تيميه : كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس
قيل لابن المنكدر أي الأعمال أفضل ؟ قال : إدخال السرور على المؤمن . قيل أي الدنيا أحب إليك ؟ قال الإفضال على الإخوان . أي التفضل عليهم والقيام بخدمتهم .
العنصر الخامس : الآداب المتعلقة بقضاء الحوائج:
1-  الإخلاص والإسرار بالعمل وعدم انتظار العوض من الناس:
قال تعالى{إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً(9)}[الإنسان]
وهذا عدي بن حاتم لما سأل النبي (ﷺ)عن المعروف والخير الذي كان يصنعه أبوه في الجاهلية ابتغاء المدح والذكر الحسن، فقال (ﷺ)}إن أباك أراد شيئاً فأدركه   { [رواه أحمد] أي الأجر من الناس بالثناء. 
وعن أبي أمامة عن النبي (ﷺ) أنه قال }من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا{ [رواه أبو داود]
 ومن الإخلاص الإسرار بالمعروف، قال تعالى {إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ (271)}[البقرة] .
قال رسول الله (ﷺ) }إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء{[الحاكم]،
وقال في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))[البخاري ومسلم]
وليحذر صاحب المعروف من المن، فإنه يفسد العمل، ويوغر الصدر ويحبط ، قال تعالى:{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَيۡهِ تُرَابٞ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٞ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدٗاۖ لَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّمَّا كَسَبُواْۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ (264){ ] البقرة [ .
قال الشاعر:
أَفسَدتَ بِالمَنِّ مَا أَسدَيتَ مِن حُسنٍ          لَيسَ الكَرِيمُ إِذَا أَسدَى بِمَنَّانِ
وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قَالَ:}ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". ذَكَرَ مِنْهُمْ: "الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ{ ]صحيح مسلم[ 
2- أن يبذله لمن يستحقه ويحتاج إليه من إنسان أو حيوان.
 فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال (ﷺ)}لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا طائر ولا شيء إلا كان له أجر{ [رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد]
3- أن يعلم أن معروفه نوع من المعاملة مع الله قبل أن يكون معاملة مع الخلق، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله(ﷺ): }إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرِضتُ فلم تعدني(تَزُرْني) قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟
قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟
قال: أما علمت أنه استطعمتك عبدي فلان، فلم تطعمه؟
أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟
 قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي{ ]مسلم[
قوله: (يا ابن آدم مرضت فلم تعدني): أراد به مرض عبده، وإنما أضاف إلى نفسه تشريفًا لذلك العبد، فنزَّله منزلة ذاته سبحانه.
قوله: (كيف أعودك)؛ أي: المرض إنما يكون للمريض العاجز، وأنت القاهر القوي المالك لكل شيء.
قوله: (استطعمتك)؛ أي: طلبتُ منك الطعام. 
قوله: (كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟!)؛ أي: كيف أطعمك وأنت تطعم جميع الخلائق، وأنت غني قوي على الإطلاق، وإنما العاجز يحتاج إلى الطعام والشراب والإنفاق.
 قوله: (لوجدت ذلك عندي)؛ أي: لوجدت ثواب ذلك  العمل الصالح   عندي؛ فالله تعالى لا يُضيع أجر المحسنين. قوله: (استسقيتك)؛ أي: طلبت منك الماء.  
4- أنه يقع عند الله بمكان مهما صغر شأنه عند الله:
 فعن أبي هريرة عن النبي (ﷺ) قال: }لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس{ [البخاري ومسلم] 
وعن عائشة أنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله (ﷺ) فقال}إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها  من النار{[مسلم]
5- أن يبادر إلى حاجة أخيه ولو لم يطلبها منه :
جاء مديون إلى سفيان بن عيينة يسأله العون على قضاء حاجته، فأعانه ثم بكى، فقالت له زوجته: ما يبكيك ؟ قال: أبكي أن احتاج أخي فلم أشعر بحاجته حتى سألني.
 6- المسارعة بالخير والمسابقة إليه :
قال تعالى: {فاستبقوا الخيرات(148)}[البقرة] .
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعاً أو موقوفاً : }التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة {[أبو داود]
العنصر السادس: التحذير من عدم قضاء الحوائج مع الاستطاعة:
كما أن الله تعالى رغب في قضاء حوائج الناس ، نجده سبحانه وتعالى يُحذر من عدم قضاء الحوائج ، وجعله بعد التكذيب بيوم الدين فقال تعالى }مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ (42) قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ (43) وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ (44){ ] المدثر[
وقال تعالى }أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (3) فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ (4) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ (5) ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ (6) وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ (7){ ] الماعون[
وقال تعالي {وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (34) فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٖ (36) لَّا يَأۡكُلُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡخَٰطِـُٔونَ (37)}[الحاقة]
وروى الترمذي عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه أنه قال لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: إني سمعت رسول الله (ﷺ) يقول:}ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخَلَّة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خَلَّته وحاجته ومسكنته { ] صحيح الترمذي[ فجعل معاوية رجلًا على حوائج الناس، قوله: (يغلق بابه دون ذوي الحاجة)؛ أي: يحتجب ويمتنع من الخروج عند احتياجهم إليه. قوله: (الخَلة)؛ أي: الفقر.
قوله: (إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته)؛ أي: أبعَده ومنعه عما يبتغيه من الأمور الدينية أو الدنيوية، فلا يجد سبيلًا إلى حاجة من حاجاته الضرورية؛ ]تحفة الأحوذي؛ للمباركفوري[.
و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال }ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم  فذكر منهم (ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك{ [رواه البخاري]
وروى مالك أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فقال له الضحاك: لم تمنعني وهو لك منفعة، تشرب به أولاً وآخراً ولا يضرك، فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله فقال محمد: لا فقال عمر: }لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع، تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك، فقال محمد: لا والله. فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك فأمره عمر أن يمر به ففعل الضحاك{.[الموطأ] 
الخاتمة :  أيها المسلم الحبيب كن في قضاء حوائج الناس يكن الله تعالى في قضاء حاجتك , واسع لتفريج كرباتهم يفرج الله عنك كربات الدنيا والآخرة .
وبادروا في اغتنام حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها بفعل الخيرات والاكثار من الطاعات، فإن الفرص لا تدوم، والعوارض التي تحول بين الانسان وبين العمل كثيرة وغير مأمونة.
يقول النبي (ﷺ) }بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعرْض من الدُّنْيَا{ [مسلم].
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المسارعين المسابقين إلى مغفرة ربنا وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .

تمت بفضل الله وتوفيقه

======================================== 

رابط doc

https://www.raed.net/file?id=332042

رابط pdf

https://www.raed.net/file?id=332045

ليست هناك تعليقات: