14 سبتمبر 2019

المعايشة الإيمانية لاسم الله الوكيل




الحمد لله الحق الوكيل ... مدبر الملك والملكوت المنفرد بالعزة والجبروت ،صرف أعين ذوي القلوب والألباب عن ملاحظة الوسائط والأسباب إلى مسبب الأسباب ، من توكل عليه كفاه ، ومن اعتمد عليه اجتباه ووقاه ، وجعله من أهل رضاه ،فقال تعالى :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2)} [الأنفال].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. يكفي من توكل عليه فقال تعالى{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً(81)} [النساء].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله ()...سيد المتوكلين علي الله الواثقين في معية الله تعالي ، علمنا حقيقة التوكل والمعايشة مع اسم الله الوكيل سبحانه وتعالي  فقال ():{اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك؛ لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون} . [متفق عليه].
فاللهم صل علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ....
أما بعد : فيا أيها المؤمنون ..
إن الحديث عن أسماء الله الحسني يزيد الإيمان بالله تعالي فتكثر محبتنا ويقيننا بالله الواحد الأحد الرقيب الحسيب الولي الوكيل.
حيث قال ابن القيّم رحمه الله: أطيَبُ ما في الدنيا معرفتُه سبحانه ومحبَّته.
ومعرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لهي من أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه بالله تبارك وتعالى.
فمن أسماء الله الحسني الوكيل ، فإذا ما أيقنا بالوكيل سكنت نفوسنا وهدأت ، وامتلأ القلب إيماناَ ،وانضبط عندنا الولاء والبراء ، لذلك كان موضوعنا علي [المعايشة الإيمانية لاسم الله الوكيل] وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية..
1ـ معني الوكيل.
2ـ اسم الله الوكيل في القرآن الكريم والسنة .
3ـ المعايشة الإيمانية لاسم الله الوكيل .
4ـ الآثار الإيمانية للمعايشة لاسم الله الوكيل.
==========
العنصر الأول : معني الوكيل:ـ
المعنى اللغوي لاسم الله الوكيل:
وَكِلَ بالله وتوكَّل عليه واتكل، أي: استسلم له، ويقال: توكَّل بالأمر إذا ضَمِنَ القيام به.
ووكَلْت أمري إلى فلان، أي: ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه.
ووكل فلانٌ فلانًا: إذًا اسْتَكفاه أَمْرَه، إما ثقةً بِكفايَتِه أو عَجزًا عن القيام بأمر نفسه.
ووَكَلَ إليه الأمر، أي: سَلَّمهُ، وَوَكَلَهُ إلى رأيه، أي: تركه.
قال الجوهري: "والتوكُّل: إظهار العجز والاعتماد على غيرك، والاسم التُّكلان".
وقال الزجاجي: "الوكيل فعيل، من قولك: وكلت أمري إلى فلان وتوكَّل به، أي جعلته يليه دوني وينظر فيه.
والوكيل: الكفيل كما في قول الله: {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ(66)} [يوسف].
والكافل، أي: العائل، كما في قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(37)} [آل عمران]، أي: قام على أمورها وكان عائلاً لها".
معنى الاسم في حق الله تعالى:
معنى الاسم يدور حول الاستسلام لأمر الله سبحانه وتعالى، والركون إليه وصدق اللُجأ عليه وإليه، والاعتماد على الله سبحانه وتعالى والاعتصام بهِ، فلا بد للمتوكل أن يستشعر افتقاره وضعفه لله تبارك وتعالى، ولا يرى لنفسه شيئًا، وبذلك يُحفَظ من العُجب.
إن الله سبحانه وتعالى هو الوكيل الذي توكل بالعالمين خلقًا وتدبيرًا، وهداية وتقديرًا.
فهو المتوكل بخلقه إيجادًا وإمدادًا، كما قال تبارك وتعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(62)} [الزمر].
والوكيل الكفيل بأرزاق عباده ومصالحهم، وهو سبحانه وكيل المؤمنين الذين جعلوا اعتقادهم في حوله وقوته، وخرجوا من حولهم وطولهم وآمنوا بكمال قدرته، وأيقنوا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فركنوا إليه في جميع أمورهم، وجعلوا اعتمادهم عليه في سائر حياتهم، وفوضوا إليه الأمر قبل سعيهم واستعانوا به حال كسبهم، وحمدوه بالشكر بعد توفيقهم، والرضا بالمقسوم بعد ابتلائهم، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2)} [الأنفال].
قال الفراء في قوله تعالى: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا(9)} [المزمل]، "أي: كفيلاً بما وعدك"
وقال في قوله تعالى: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا(2)} [الإسراء]، "أي: كافيًا وربًّا".
وقال ابن جرير في قوله تعالى: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(173)} [آل عمران]، "أي: يكفينا الله وهو نعم المولى لمن وليه وكفله، وإنما وصف الله تعالى نفسه بذلك.
لأن الوكيل في كلام العرب هو: المُسْنَد إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره، فلما كان القوم الذين وصفهم الله تعالى في هذه الآيات كانوا قد فَوَّضُوا أمرهم إلى الله ووثقوا به وأسندوا ذلك إليه، وصف نفسه بقيامه لهم بذلك، وتفويضهم أمرهم إليه بالوكالة، فقال: ونعم الوكيل الله تعالى لهم"، فمن ذا الذي لجأ إليه وأدبَر عنه؟!
فهو سبحانه لا يخذل من لجأ إليه بصدقٍ أبدًا.
وقال في قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا(3)} [الأحزاب]، "أي: توكَّل يا محمد على الله، وفوِّض أمرك إليه، وثق به في أمورك، وولِّها إياه {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}"،
فالله تعالى كافيك وهو حَسْبُكً وناصُرك ووليًا لك ودافعًا عنك، وقال في قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(102)} [الأنعام]، "أي: الله على كل ما خلق من شيء رقيبٌ وحفيظ، يقوم بأرزاق جميعه وأقواته وسياسته وتدبيره وتصريفه بقدرته".
فيتلخَّص في الوكيل ثلاثة معان:
 1- الكفيل. 2- الكافي. 3- الحفيظ.
قال الحليمي: "الوكيل هو الموكَّل والمفوَّض إليه علمًا بأن الخلق والأمر له، لا يملك أحد من دونه شيئًا".
وهذا ما ينبغي أن يترسخ في القلوب تجاه ربِّكَ الوكيل جلَّ جلاله.
العنصر الثاني : اسم الله الوكيل في القرآن الكريم والسنة :ـ
ورد الاسم مُطلقًا مُعرفًا في قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(173)} [آل عمران].
وورد في عدة مواضع أخرى مقرونًا بمعاني العلو، والعلو يزيد الإطلاق كمالاً على كمال كما ورد في قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(102)} [الأنعام].
وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)}[الأحزاب].
وقال تعالى لرسوله  (): {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(12)}[هود].
وقد خاطب الله تعالي  نبيه () فقال:{وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (84)} [الأحزاب] .
أما وروده في السُّنَّة النبوية، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}" (صحيح البخاري).
وفي سنن الترمذي أن النبي () قال : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته ، وأصغى السمع متى يؤمر ؟ قال : فسمع بذلك أصحاب النبي () فشق عليهم ، فقال رسول الله (): قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل " [الترمذي] .
العنصر الثالث : المعايشة الإيمانية لاسم الله الوكيل :ـ
لكي نعيش مع اسم الله الوكيل لابد أن نحقق معني التوكل الحقيقي، وهو صدق اعتماد القلب على الله تعالي في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة.
ومن أسباب المعايشة الايمانية لاسم الله الوكيل ...
أن تتخذ الله تعالي وكيلًا:
قال تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا(9)}[المزمل]، ملك الملوك وربُّ الأرباب جل جلاله، يأمرك أن تتخذه وكيلًا، يأمرك ألا تُلجِئ ظهرَك إلا إليه، ولا تضع ثقتك إلا فيه، ولا تعلِّق آمالك إلا به.
وحذر المولي جل وعلا من عكس ذلك فقال تعالي{أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا(2)}[الإسراء].
وكيف نتَّخِذ الله وكيلًا؟
أولا: أن يكون اللسانُ دائمًا لاهجًا بالركون إليه والتوكل عليه:
عن أمِّ سَلَمة أن النبي ()إذا خرج من بيته، قال: ((بسم الله، توكلت على الله، اللهم إنا نعوذ بك أن نَزِلَّ أو نضل، أو نَظلم أو نُظلم، أو نَجهل أو يُجهل علينا)
وقال (): ((مَن قال إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ يُقال له: كُفِيت ووُقيت، وهُديت وتنحَّى عنه الشيطان)) فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدِي وكُفي ووقِي)).
وقال ():(أكثِرْ مِن "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإنها كنزٌ مِن كنوز الجنة).
وقال ((تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم)
و"لا حول ولا قوة إلا بالله" معناها:
لا يَحُولُ بينك وبين ما تكرَهُ إلا الله، ولا يقودك إلى ما تحب إلا الله، أو لا تَحوُّلَ للعبد من حال إلى حال إلا بالله، فما شاء الله كان وما لم يشَأْ لم يكن.
وكان النبي () يُعلِّمنا دعاء الكرب، فيقول: (دعواتُ المكروب: اللهم رحمتَك أرجو، فلا تَكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت).
وكان النبيُّ ()يعلمنا دعاء النوم، فيقول: (إذا أتيتَ مضجعَك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شِقِّك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمتُ وجهي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك، وألجأت ظهري إليك؛ رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنتُ بكتابِك الذي أنزلت، ونبيِّك الذي أرسلت، فإن متَّ مِن ليلتك متَّ على الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيرًا، واجعلهنَّ آخر ما تتكلم به).
• بل كان النبي () يُعلِّمنا أن نتعلق بالله ونستعينه ونستخيره، عندما نريد أيَّ عمل ونعزم على أيِّ شيء؛ عن جابر رضي الله عنه قال: "كان النبي () يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، (إذا همَّ أحدُكم بالأمر، فليركَع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرُكَ بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلَمُ ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى - أو قال: عاجل أمرى وآجله - فاقدُرْه لي ويسِّره لي، ثم بارِك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى، فاصرِفْه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به))، قال: ((ويُسمِّي حاجتَه).
كل هذا ما يُسمى بالتفويض اللساني؛ أن يلهج لسانُك بالتوكل على الله الوكيل، "لو أن شخصًا لديه قضيةٌ في المحكمة ونصَحوه أن يُفوِّض محاميًا ماهرًا مشهورًا بالعمل في القضايا الشائكة، فكلما كانت خبرة المحامي أكبر، زاد شعورك بالاطمئنان، فكيف لو كان الذي فوَّضتَه هو الوكيل جل جلاله؟!
ومِن هنا نهى أهلُ العلم أن يقول رجلٌ لآخر: "توكَّلت على الله وعليك"، وعَدُّوا هذا نوعًا من الشرك بالله، فلا يتوكَّل إلا على الله وحدَه، ولا يركن إلا إلى الله وحده، وإن كان الإنسان لا بد قائلًا، فليقل: (توكلتُ على الله ثم عليك)، وما بعد ثُمَّ إنما هو الأخذ بالأسباب، مع تعلق القلب برب الأرباب ومسبب الأسباب جل جلاله.
ثانيا : أن يتعلَّق قلبُك بربك، ويرضى قلبُك بربك، ويَثِق قلبك في ربك، ويركن قلبك إلى ربك، وهذا هو بيت القصيد، وحقيقة التوكل، وعُنوان الإيمان باسم الله الوكيل.
فالتوكل: "صدقُ اعتمادِ القلب على الرب في استجلاب المنافع ودفع المضارِّ؛ من أمور الدنيا والآخرة ، والاعتقاد أنه لا يعطي ولا يَمنَع، ولا يضر ولا ينفع سواه"
وقيل: "انطراح القلب بين يدي الرب؛ كانطراح الميتِ بين يدي المغسِّل، يُقلِّبه كيف يشاء".
وقال بعضهم: "يقول بعض الناس: توكَّلتُ على الله، وهو يكذب على الله، لو توكل على الله رضي بما يفعَل"؛ لأنه سبحانه وتعالى الضامنُ لرزق عباده، المدبر لشؤونهم، الراعي لمصالحهم بحكمة وعلم وقدرة مطلقة.
إن عقيدة التوكل يجب أن تنغرِسَ في الأذهان، وتنقدح في الأفئدة، فيكون المؤمن في كل أموره وجميع أحواله وشتى أفعاله، متوكلًا على ربه وخالقه، مستعينًا بمعبوده، واثقًا بإلهه، وعلى المرء بذلُ الأسباب، والباقي على منشئ السَّحاب.
فإن قال قائل: في أي شيءٍ نتخذ الله وكيلًا ؟
أن نتخذ الله تعالي وكيلا في كل شيء؛ فالتوكل على الله عُنوان الإيمان وأمارة الإسلام؛
قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(23)}[المائدة].
وقال تعالى:{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)}[يونس].
فالتوكل على الله حالُ المؤمن في جميع الأحوال والأحيان:
1- فمَن أراد أن يقوم بالعبادة على وجهها، فليتوكل على الله؛ قال تعالى:{ وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (23)}[هود].
، وأمرنا تعالى أن نقرأ في صلواتنا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5)}[الفاتحة]؛ لأنه تعالى إذا لم يُعِنْك على عبادته، فلن تفعل شيئًا!
2- ومَن أراد أن تنجَحَ دعوتُه، ويظهر أثرها، فليتوكل على الله؛ قال تعالى:{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)}[التوبة].
3- ومَن أراد سَعة الرزق وطيب الكسب، فليتوكل على الله؛ فعن عمر بن الخطاب أن رسول الله () قال : " لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " [الترمذي] .
4- ومَن أراد أن يُصيب في حكمه ويقضي بالعدل، فليتوكل على الله؛ قال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}[الشورى].
5- ومَن أراد أن ينتصرَ على عدوِّه، فليتوكل على الله:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}[آل عمران].
6- ومَن أراد أن تتمَّ عهوده وتنجح مواثيقه، فليتوكل على الله:{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)} [يوسف].
7- وفي كل ما يقوله الإنسان ويقوم به ويعزم عليه، ينبغي أن يتوكَّل فيه على الله تعالى؛ قال الله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)}[آل عمران]، وقال الله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (3)}[الطلاق].
8ـ إذا أعرضت عن أعدائك ورفقاء السوء، فليكن رفيقك التوكُّل. قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)} [النساء].
9 ـ إذا تلوت القرآن أو تُليَّ عليك، فاستَنِدْ على التوكُّل. ثق في إن هذا البيان هو الحق من ربُّك واخضع لحكمه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2)} [الأنفال].
10- إذا طلبت الصُلح والإصلاح بين قومٍ، لا تتوسل إلى ذلك إلا بالتوكُّل. يقول الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(61)} [الأنفال].
11- إِذا وصلت قوافل القضاءِ، استقبِلْها بالتَّوكُّل. قال تعالي {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)}[التوبة].
12- إِذا نَصبتِ الأَعداءُ حِبالات المكر، ادخُلْ أَنت فى أَرض التوكُّل.قال تعالي {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ(71)} [يونس].
13- إِذا علمت أنَّ الله هو الواحدُ على الحقيقة، فلا يكن اتِّكالك إِلاَّ عليه. قال تعالي{قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30)}[الرعد].
14- إِذا عرفت أَنَّ هذه الهداية من عند الله تعالى، فاستقْبِلها بالشُّكر والتَّوكُّل. قال تعالي{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ(12)} [إبراهيم] .
15- إِذا خشِيت بأْس أَعداءِ الله، والشيطان الغدّار، لا تلتجئ إِلاَّ بباب العزيز الغفار. قال تعالي {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(99)} [النحل].
وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}[الإسراء].
16- إِن أَردتَ أَن يكون الله وكيلك فى كلّ حال، فتمسَّك بالتَّوكُّل فى كلِّ حالٍ. قال تعالي{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا(3)} [الأحزاب].
ثالثا: أن تطلب من الله الكفاية:
إذا علِم العبدُ أن الله هو الكافي عبادَه؛ رزقًا ومعاشًا، وحفظًا ونصرًا وعزًّا  اكتفى به عمَّن سواه، وطلب منه وحده الكفاية، قال () : ((ومَن استكفى كفاه اللهُ)) .
قال بعض السلف: جعل الله تعالى لكلِّ عمل جزاءً من جنسه، وجعل جزاءَ التوكل عليه كفايتَه لعبده، فقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (3)}[الطلاق]، ولم يقل: نُؤْتِه كذا وكذا من الأجر، بل جعل نفسه سبحانه كافِيَ عبده المتوكِّل عليه وحسبَه وواقيه".
فهناك لا تسأَلْ عن كل أمر يتيسر، وصعبٍ يتسهل، وخطوب تهون، وكروب تزول، وأحوال وحوائج تُقضى، وبركات تنزل، ونقم تُدفع، وشرور ترفع.
ألم ترَ قول النبي () لصاحبِه وهما في الغار: ((ما ظنُّك يا أبا بكر باثنينِ اللهُ ثالثُهما))
ألم ترَ قول الله تعالى عن مؤمنِ آل فرعون حين قال لقومه:{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)}[غافر].
ألم ترَ قولَ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين اجتمعَتْ عليهم أحزاب الكفر؛ قال تعالى:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)}[آل عمران].
• فمن وقع في شدة وضائقة، فليطلب من الله الكفاية، فإن الله كافيه:
فإن الغلامَ المؤمن لَمَّا أبَى أن يرجِعَ عن دينه، دفعه الملك إلى نفرٍ من أصحابه، وقال لهم: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فإذا بلغتُم ذروته فاطرحوه، فلما بلغوا به قمة الجبل وهمُّوا بطرحه، قال: "اللهم اكفنِيهم بما شئت"، فرجف بهم الجبل، فسقطوا فهلكوا، ورجع الغلام إلى المَلِك، قال: ما الذي جاء بك؟
أين أصحابك؟ قال: كفانيهم اللهُ، فدفعه إلى جماعةٍ آخرين، وأمرهم أن يركبوا البحر في قرقور، فإذا توسطوه عرَضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن لم يفعل رمَوه في البحر، ففعلوا وهمُّوا، فقال: "اللهم اكفنيهم بما شئت"، فانقلبت السفينة وغرِقوا، وأنجاه الله".
• ومن كان عليه دَينٌ، فليتضرَّع إلى الله، وليطلُبْ منه الكفاية، فإنه كافِيهِ:
عن عليٍّ أن مكاتبًا جاءه فقال: إني قد عجَزتُ عن كتابتي، فأعنِّي، قال: ألا أُعلِّمك كلمات علَّمَنيهنَّ () ؟ لو كان عليك مثل جبلِ صِيرٍ دَينًا، أدَّاه الله عنك، قال: قل: ((اللهم اكفِني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك))"
وفي صحيح البخاري أن رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يُسلفه ألف دينار، فقال: ائتِني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدًا، فقال: ائتِني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلًا، قال: صدقتَ، فدفعها إليه إلى أجلٍ مسمًّى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبًا يقدم عليها للأجل الذي أجَّله، فلم يجِدْ مركبًا، فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجَّ موضعها - أصلحه - وقال: اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلانًا ألف دينار، فسألني كفيلًا فقلت: كفى بالله كفيلًا، وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا، فرضِي بك، وإني جهدتُ أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له، فلم أجد، وإني أستودِعُكها، فرمى بها إلى البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف فخرج الرجل الذي كان أسلف لعلَّه يجد مركبًا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبًا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم لما قدم الذي كان أسلفه، فأتى إليه بألف الدينار، وقال: والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك، فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه، فقال: أكنت بعثت إليَّ شيئًا؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدَّى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بماله راشدًا".
وفي كل شيء يطلب العبد كفايتَه مِن الكافي الكفيل الوكيل جل جلاله.
رابعا : الأخذ بالأسباب :ـ
يقول ابن القيم: " التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ولكن من تمام التوكل: عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها"[مدارج السالكين]
فالتوكل الحقيقي أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
الأخذ بالأسباب مع تفويض أمر النجاح لله والثقة بأنه لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، أما إن قعد عن الأسباب ولم يسعى في اتخاذها، فليس هذا من التوكُّل في شيء، وإنما هو اتكالٌ وتواكل حذرنا منه النبي () عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: "كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ () عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ، قَالَ «لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا»" (متفق عليه).
عن عمر بن الخطاب أن رسول الله () قال : " لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " [الترمذي] .
فهنا يضع الرسول قاعدة جليلة، هي: إن كل ما يؤدي إلى ترك العمل، أو يكون مظنة للاتكال والتواكل فليس من التوكُّل في شيء..
فالاتكال يعني: ترك العمل وعدم الأخذ بالأسباب.
فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله، بل هو مِن تمامه وكماله، لكن الحذر من ركون القلب إلى الأسباب، فهذا هو المنافي للتوكل؛ قال الله تعالى لمريم عليها السلام: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}[مريم]، وهي الضعيفة، الواضعة، النُّفساء، والنخلةُ لا تُهز، ولكن الله تعالى أراد أن نتلقَّى درسًا مهمًّا، وهو أن الأخذ بالسبب ولو كان ضعيفًا دون أن يتعلق به صاحبه، تكون وراءه النتيجة المثمرة.
فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السماوات والأرض ومن فيهن لجعل الله له مخرجاً وكفاه رزقه ونصره .
ولذلك يروى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما كان في عهد خلافته جاءه رجل من الأعراب ممن يطلب الرزق فجلس عند بابه، وصار عمر يعطيه لأنه خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، فمكث عند بابه لينال رزقه، فجاء إليه رجل وقال له: يا هذا! أنت هاجرت إلى عمر أو إلى رب عمر ؟
قال: وما ذاك؟ قال: اذهب فاقرأ القرآن، فإن الله يغنيك عن عمر فاستيقظ الرجل وذهب لقرآة القرآن وعبادة الله وطلب العلم فأغناه الله، ولكن عمر الذي كان يرعى رعيته سأل عن الرجل؛ لأنه انقطع عنه أياماً، فبحث عنه في المدينة حتى لقيه، فقال له: يا فلان! كنت عندنا فإلى أين ذهبت؟
فقال: يا أمير المؤمنين! جاءني رجل فقال لي هذا الكلام: اقرأ القرآن واعتمد على الله لا على عمر فقرأت القرآن فأغناني الله سبحانه وتعالى فقال له عمر : يا أخي! وماذا وجدت في القرآن يعني ما الذي لفت انتباهك في القرآن؟
قال: قول الله تبارك وتعالى{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ(22)} [الذاريات].   
ورحم الله القائل
تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ          وَلا تَرْغَبَنْ فِي العَجْزِ يَوْمًا عَنِ الطَّلَبْ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمٍ        وَهُزِّي إِلَيْكِ الجِذْعَ يَسَّاقَطِ الرُّطَبْ
وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ هَزَّةٍ            جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ.
خامسا : الدعاء باسم الله الوكيل:
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (): «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ، فكأن ذلك ثَقُل على أصحاب النبي فقال لهم قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وهو من الأذكار المهجورة التي ينبغي على كل من يؤمن باليوم الآخر ويخشى أهواله أن يُكثِر من ترديده.
ومما ورد من الدعاء بالوصف، قول الرسول (): «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت»[رواه أبو داوود وحسنه الألباني، صحيح الجامع].
العنصر الرابع : الآثار الإيمانية لاسم الله تعالى الوكيل:
1- الزهد في الدنيا وما فيها.
فلا يركن على أحدٍ سوى الله، ويعلم أنه وحده سبحانه وتعالى الذي يكشف عنه الضُرَّ، وأنت عند ما تُبتلى، هل تهرع إلى الله وتركن بقلبك عليه؟ أم تعتمد على منصبك ومعارفك؟ فإذا ركنت إلى أيٍ من تلك الأمور الدنيوية اعلم أن هناك قدحٌ في إيمانك بهذا الاسم.
والله تعالي يقول{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا(58)} [الفرقان]، لِمَ تتوكَّل على عبادٍ يموتون ويفنون ولا يقدرون على نفعك أو ضرك؟! توكَّل على الحي الذي لا يموت.
وقال سبحانه وتعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(123)} [هود].
فلو كُشِفَ الحجاب ورأينا مآلات الأمور، لرضيَّ كل واحدٍ منا بقدر الله سبحانه وتعالى، فوكِّل له أمرك؛ فإنه يعلم ما لا تعلمه وهو سبحانه وتعالى يُقدِّر لك الخير..
يحكي أن حاتم الأصم عزم عامًا على الحج: فأخبر أبناءه بذلك، فقالوا: إلى مَن تَكِلُنا؟ وكانت له ابنةٌ مباركة قد رزقها الله تعالى نعمةَ الإيمان والتوكل واليقين، فقالت: دَعُوه يذهب، فليس برازق، فخرج فباتوا جياعًا، فجعلوا يوبِّخون تلك البنت، فقالت: اللهم لا تخجلني بينهم، فمرَّ بهم أمير البلد، فقال لبعض أصحابه: اطلبْ لي ماءً، فناوله أهل حاتم كوزًا جديدًا، وماءً باردًا، فشرِب، وقال: دار مَن هذه؟ فقالوا: دار حاتم الأصم، فرمى فيها صرَّةً من ذهب، وقال: مَن أحبَّني فليصنع مثل ما صنعت، فرمَى العسكر ما معهم من مال في هذه الدار، فجعلت البنت تبكي، فقالت أمها: ما يبكيكِ، وقد وسَّعَ الله علينا؟ فقالت: لأن مخلوقًا نظر إلينا فاغتَنَينا، فكيف لو نظر الخالق إلينا؟.
ورحم الله القائل:
توكلتُ في رزقي على اللهِ خالقي      وأيقنتُ أن اللهَ لا شكَّ رازقي
وما يك مِن رزقي فليس يفوتُني       ولو كان في قاعِ البحارِ العوامقِ
سيأتي به اللهُ العظيمُ بفضلهِ          ولو لم يكن مني اللسان بناطقِ
ففي أي شيء تذهبُ النفس حسرةً     وقد قسَّم الرحمنُ رزقَ الخلائقِ.
2ـ الثقة واليقين في الله تعالي:
يقول ابن القيم: "قال صاحب المنازل: الثقة سواد عين التوكل ونقطة دائرة التفويض وسويداء قلب التسليم، وصدَّر الباب بقوله تعالى لأم موسى: قال تعالي{فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ(7)} [القصص].
فإن فعلها هذا هو عين ثقتها بالله تعالى؛ إذ لولا كمال ثقتها بربِّها لما ألقت بولدها وفلذة كبدها في تيار الماء تتلاعب به أمواجه وجرياته إلى حيث ينتهي أو يقف..
وأيضا سيدنا يونس عليه السلام  فجأة وجد نفسه في بطن حوت ، الأمل صفر ، الحوت وجبته المعتدلة بين الوجبتين أربعة طن ، معناها لقمة واحدة ، في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر .
قال تعالي { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء].
 فالله عز وجل قلب القصة إلى قانون : " وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ "  في أي زمان ، في أي مكان، وأيضا سيدنا موسي عليه السلام وجد نفسه في معركة ضارية ليست متكافئة مع قلة ضعيفة من بني اسرائيل ضد طاغية كبير " فرعون " قوي جداً ، معه أسلحة فتاكة ،حاقد ، متغطرس ، هو خلفهم ، والبحر أمامهم ، هل هناك أمل ؟ الأمل صفر
قال تعالي {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء]
من توكل على الله شعر بالأمن والراحة والطمأنينة ، يصبح عنده أمن ، عنده شعور أن الله لن يتخلى عنه .
3ـ التخلص من التشاؤم والإقبال على التفاؤل:
التشاؤم من أفعال الجاهلية، ومن صفات الذين لا يؤمنون بالله، والتشاؤم: التطيُّر بالمكروه؛ من قول أو فعل أو مرئي، فبعض الناس إذا خرج لعمله عاد! فإذا سئل في ذلك قال: رأيتُ فلانًا فتشاءمت فرجعت، أو سمعت كذا، فتشاءمت فرجعت، وإذا حدَث له شيء يكرهه، قال: أنا اصطبحت بوجهِ مَن اليوم؟!
فحذَّر النبي () من ذلك، وقال: ((الطِّيرةُ شركٌ، ولكن الله يُذهِبها بالتوكل)).
فالإيمان باسم الله الوكيل يُلقِي السكينة والطمأنينة في قلوب المتوكِّلين، ويجعلهم يسيرون هادئين غير مبالينَ بشيءٍ.
4ـ التوكل علي الله يورث القوة :ـ
التوكل على الله سبحانه وتعالى يعطي الإنسان القوة والعزة بالله وحده لا شريك له، فعن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال {مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكْتَفِ بِرِزْقِ اللَّهِ} رواه أحمد .
لأن الإنسان إذا توكل على الله وحده لا يخاف أحداً مهما كان، لو اجتمعت الدنيا كلها بعروشها وجيوشها على أن يكيدوك -أيها الإنسان- لا يملكون، كما قال النبي () لـابن عباس وهو غلام صغير: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).  رواه الترمذي .   
إذاً التوكل على الله سبحانه وتعالى يجعل الإنسان قوياً في إيمانه، قوياً في حياته، قوياً في صبره على البلاء، قوياً في مواجهته للمحن والابتلاء، قوياً حينما تدلهم الفتن وتضطرب الأمور ويحيص الناس. ويحار الحليم، يقف قوياً لأنه يتوكل على الله وحده لا شريك له، ويعتصم به، ويعتمد عليه وحده لا شريك له.
والتوكل يكسب المسلم القوَّة الروحيَّة التي تضعف أمامها القوَّة المادِّيَّة، ويبدو ذلك جليًّا في موقفِه () وهو يَحفِر الخندق، والمشركون اجتمعوا عليْه يحاصرون المدينة، فإذا به يَعِدُ أصحابَه بفتح اليَمَن، وفتح مَمْلكتَي كسرى وقيصر.
في يوم الأحزاب ونحن نعرف ما يوم الأحزاب حين تجمعت الجزيرة العربية بأكملها بكافة قبائلها إلا القليل وحتى اليهود الذين كانوا في عهد مع المسلمين وحاصروا المدينة من كل جانب ويصفه الله تعالى في كتابه { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)} [الأحزاب].
وكان موقف المؤمنين كما قال الله تعالي {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)}[الأحزاب].
وماذا كان رد الله على ذلك الإيمان الصادق {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)}[الأحزاب] .
5ـ الشعور بالعزة:
العزة التي يشعر بها المتوكِّل على الله، ويستمِدُّها من عزَّة الله، وتُعْطِيه مكانة كبيرة؛ قال تعالى:{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)﴾ [الأنفال].  
عزيز: لا يُذَلُّ مَن استجار به، ولا يضيع مَن لاذ بجنابه والتجَأ إليه.
حكيم: يضع الأشياء في مواضعها ولا يظلم أحدًا. 
 قال الخليفة سليمان ابن عبدالملك للإمام أبو حازم أحد علماء السلف في أحد مواسم الحج : ارفْع إليْنا حوائج دُنياك نقضِها لك، قال: "إني لم أطْلُبْها من الخالق فكيف أطلُبها من المخلوق؟!"، يُريد أنَّ الدنيا أهونُ عنده من أن يَسْأَلها من الله تعالى، فهو إذا سأل ربَّه يسأله ما هو أعظمُ وهو الآخرة والجنَّة، ورضوان الله تبارك وتعالى، إنَّ العزَّة لا تطلب إلاَّ من باب واحد؛ قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعاً (10)﴾ [فاطر].
ولله در الإمام الشافعي حين قال : 
أمطري لؤلؤاًجبالَ سرنديـ                           ـبَ وَفِيضي آبارَ تكرورَ تِبْرَا  
أَنَا إنْ عِشْتُ لَسْتُ أعْدَمُ قُوتاً                       وَإذا متّ لَسْتُ أعْدَمُ قَبْرَا
همتي همَّة  الملوكِ ونفسي                نَفْسُ حُرٍّ تَرَى الْمَذَلَّة  كُفْرَا  
وإذا ما قنعتُ بالقوتِ عمري               فَلِمَاذَا أزورُ زَيْداً وَعَمْرَا
6ـ الوصول إلى محبة الله:
إِن شئت النزول محلَّ المحبَّة، اقصد أَولاً طريق التوكُّل. قال تعالي{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)} [آل عمران].
وإذا أحب الله عبدًا لا يُعذِّبه في النار أبدًا، وإذا أحب الله عبدًا ألقى محبَّته في قلوب عباده، وإذا أحبَّ الله عبدًا استجاب دعاءه وأعطاه سُؤْله.
7ـ دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب:
إِن أَردتَ أَن يكون الفردوس الأَعلى منزلك، انزل فى مقام التوكُّل. قال تعالي{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)} [العنكبوت].
وعن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه أن رسول الله ()قال: ((يدخلُ الجنةَ مِن أمتى سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب))، قالوا: مَن هم يا رسول الله؟ قال: ((هم الذين لا يَكْتَوُون، ولا يستَرْقون، وعلى ربهم يتوكَّلون)).
الاكتواء: استعمال الكيِّ في البدن، وقد نهى عنه النبي () نَهْيَ تنزيهٍ، فتركه إمعان في التوكل.
الاسترقاء: طلب الرقية، وتركه علامة على التوكل.
8ـ زوال الهموم وتفريج الأحزان والغموم:
يَحكِي أحدُ الدعاة أن رجلًا فُصِل من وظيفته، تنكدت عليه معيشته، وصار في حزن وهمٍّ، قال الشيخ: وشاء الله أن يقابلني، فسألني عن فلان الذي يتوسط له في إرجاعه إلى وظيفته، قلت: لا أعرف الذي تريد، ولكن أعرف مَن يحل لك مشكلتك ويكفيك همك، فقال الرجل في لهفة وشوق: أيؤثِّر على فلان رئيس الإدارة؟ قلت: نعم يؤثِّر عليه، قال: تعرفه؟ قلت: نعم أعرفه، قال: تستطيع أن تكلمه؟ قلت: نعم أُكلمه، وتستطيع أن تكلمه أنت كذلك، قال: مَن هو؟ قال: الله عز وجل، قُمْ في السَّحَر واشكُ له ما عندك، قال: فتأثَّرت وقمت من الليل، وصليت، ودعوت الله، ولُذتُ به وكأني أراه، ثم أصبحت وذهبت تلقائيًّا إلى رئيس الإدارة، وإذا به يقوم من مقعده ويرحِّب بي، ويسأل عن أحوالي، ولم تكن بيني وبينه عَلاقة، فقلت له: والله موضوعي كذا وكذا، ففعل لي ما طلبت وكانت مشكلتي لم تُحل منذ ثلاثة أشهر، فقمت وأنا لا أصدق نفسي، وقلت: مَن تعلق بالمخلوق جفاه، ومَن توكل على الخالق كفاه.
ورحم الله من قال: "متى رضِيتَ بالله وكيلاً وجدتَ إلى كلِّ خيرٍ سبيلاً".     
وصدق مَن قال: من اعتمد على مالِه قلَّ، ومَن اعتمد على عقله ضلَّ، ومَن اعتمد على جاهِه ذلَّ، ومَن اعتمد على الله لا قلَّ ولا ضلَّ ولا ذلَّ.
فاللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك وحسن اللجوء إليك ولا تحوجنا إلا إليك واجعل اعتمادنا عليك وحدك إنك نعم المولي ونعم النصير .

=======
رابط doc
رابط pdf

ليست هناك تعليقات: